السبت 7 ديسمبر 2024
منبر أنفاس

سمير مومني:الحكومة والأجوبة الخاطئة في ملف الأساتذة المتدربين

سمير مومني:الحكومة والأجوبة الخاطئة في ملف الأساتذة المتدربين

ينبئ الواقع المغربي عن تصاديات خطيرة، تكشف عن الجرح الكبير والغائر، الذي تمارسه السياسة المغربية المعطوبة، من خلال شرعنة لعبة المناورة والالتفاف، التي استنزفت خيرات الشعب، لردح طويل من الزمن ولازالت.  ويأتي ملف الأساتذة المتدربين كحلقة من حلقات هذه الممارسة الطفولية، التي أصبحت تؤطر إصلاحاته توجيهات أفقية، بعيدة عن الدربة والممارسة في التعامل مع هذا الملف الحيوي.

فكثيرون هم المهتمون، والفاعلون، والخبراء، والفضلاء، والمختصون، في الشأن التعليمي المغربي، وقعوا في ذهول وغرابة، تحت مسميات الإصلاح ولا إصلاح، حيث قاموا بجدال نقدي كبير لتوجيه ما يمكن  توجيهه، لنفخ الروح في التعليم، لكن هيهات بعد أن أصبح جثة، و ورشة من ورشات الإصلاح، ومختبرا للتجارب، فئرانه هم الأساتذة المتدربون.

فالمتأمل للسياسة المغربية بقيادة النمرود بنكيران، يرى أنها لم تستوعب بعد طبيعة المرحلة التي يعيشها المغرب، فهي تصر في غرابة مستهجنة على استبلاد ذكاء المغاربة، وتصغير إرادتهم، وتحقير مطالبهم، وافتعال قضايا مصطنعة لإلهائهم، وتقديم إجابات خاطئة على أسئلتهم الصحيحة.

 مبادئ مشروعة وأسلوب حضاري أصيل، هكذا كانت رسالة الأساتذة المتدربين، بدءا من انطلاق نضالاتهم إلى الآن، ولكن ويا لتعاسة هذا الوطن بمسؤوليه، قدمت الحكومة المغربية إجابات خاطئة مجددا، وفضلت المناورة والتحايل والمكر، واعتمدت لغة القمع والتخويف، ولم تحسن استثمار الشعارات التي رفعتها وهي الإصلاح من الداخل ومحاربة الفساد .

استدعت الحكومة كل الوسائل القديمة والجديدة، وانتصرت لأصالتها القمعية المغرقة في عتيق الاستبداد، وانتهجت أساليب الميكيافلية الرديئة، أدارت حملة إعلامية شرسة ضدا على الأساتذة المتدربين و لكن لم تفلح، فناورت بتهديدات، وتحايلت بخطوات استيباقية ذرا للرماد في عيون أحرار هذا البلد وهم الأساتذة المتدربون العُزًل، لم تنجح، فرفعت عصا القمع والمنع وأطلقت ذئاب منابر إعلامها تهديدا وترهيبا ووعيدا.

 لم تفلح ولم تنجح ولم ترهب، ولم تستفد من تجاربها ولا من تجارب غيرها من الحكومات، فأعادت تكرار أساليب البلطجة في حق الأساتذة المتدربين، بعد أن فشلت حملة البلطجة الإعلامية التي عاينها الجميع، فهي تحاول اليوم خائبة، بأساليب الإثارة الرخيصة، النيل من شرف الأساتذة المتدربين اللذين لم ولن يتنازلوا عن مواقفهم حتى إسقاط المرسومين، ورد الاعتبار لكرامة الأستاذ / الإنسان، بعد محاولة تخويفهم باعتماد أساليب الاعتداء الجسدي، والضرب بكل الوسائل الرخيصة السياسية والإعلامية والأمنية كاشفة عن حقيقتها البشعة. لن تفلح ولن تنجح ولن ترهب، كما لم تستفد ولن تستفيد، إذ قديما قيل: "العاقل من اتعظ بغيره والتعيس من اتعظ بنفسه".

هي سلسلة إذن من الأجوبة الخاطئة والمقصودة على أسئلة صحيحة ومشروعة، تكشف تخبط الحكومة، وتظهر اهتزاز سياسة دولة وجدارتها الأصيلة في مسار الخطأ، وعدم إعطاء إجابات شافية عن الإشكال الحقيقي في ملف التعليم عامة وملف الأساتذة المتدربين خاصة. إنه لإشكال كبير وعميق يواجه المنظومة التعليمية، سببه الصمت عن الحق اقتضابا، أو جهلا، أو محاباة سياسية، أو إيديولوجية، من جراء القبضة الحديدية، والتدبير الأحادي، واحتكار القرارات، وتغييب الرأي المخالف، والمناورة، وكذا مزج الإصلاح بثقافة الاستبداد، الذي سيظل خلط وغلط، لا تقبله الإنسانية، ولا يمكن أن تحقق للموضوعية شرطها الإنحيادي، أو حتى إعطاء إجابات بله إشارات شافية وصحيحة لملف الأساتذة المتدربين.