Thursday 16 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

مريم المزوق: العالم الفنان.. بين سرقة الفكرة وسرقة الصمت

مريم المزوق: العالم الفنان.. بين سرقة الفكرة وسرقة الصمت مريم المزوق
جميلٌ أن تكون عالِماً، تغوص في بحار المعرفة، تبحث عن الحقيقة بين موجٍ من الأسئلة.
وأجمل أن تكون فناناً، ترسم مشاعرك على جدار الكون، وتمنح الوجود لوناً ومعنى.
لكن الأجمل من كل ذلك — أن تكون إنساناً يحمل في قلبه نور التعليم الخفي، ذاك الذي يُعلِّم دون أن يُظهِر، ويُصلِح دون أن يُعلَن، ويزرع دون أن ينتظر حصاداً.
نحن اليوم نعيش في عالمٍ عجيب، عالمٍ تذوب فيه الأصالة في بحر التقليد، وتُسرق فيه الفكرة قبل أن تولد الكلمة.
لم يعد الأمر يقتصر على سرقة نص أو نظرية؛ بل وصل إلى سرقة حركة الشفاه، إلى قراءة ما لم يُقال بعد، ثم نشره في صورة مشوهة، وكأنه كلام صاحبه.
كأننا صرنا نعيش بين حيتانٍ من الطغاة — لا يلتهمون اللحم، بل يبتلعون الفكرة، ينهشون الإلهام، ويتركون للعقول الصغيرة فتاتاً من وهمٍ اسمه الإبداع.
في هذا الزمن، أن تفكر بحرية صار فعلاً من أفعال الشجاعة.
أن تحتفظ بفكرتك حتى تكتمل صار ضرباً من المقاومة.
أن تُبدع دون أن تُقلَّد صار معركة داخلية ضد الضجيج، وضد أولئك الذين يتقنون سرقة الضوء ليظهروا في صورة المنيرين.
لكن رغم كل هذا، تبقى الحقيقة أن الفكر الصادق لا يُسرق.
قد تُنتحل الكلمات، وقد تُقَلَّد الحركات، لكن جوهر الفكرة — تلك الشرارة الخفية التي تخرج من صدق الإنسان — لا يمكن أن تُنتَزع.
فالكلمة التي تولد من القلب، تعود إلى القلب، ولو حاول ألف طاغية احتكارها.
فلتكن عالماً وفناناً في آن،
ولتعلم في الخفاء كما يضيء القمر ليلاً دون ضجيج.
ودع الذين يسرقون الحروف يعيشون في عتمة أفعالهم،
فالنور لا يُسرق،
بل يُخلَق في الداخل… حيث لا تصل يد الطغاة.