Thursday 16 October 2025
Advertisement
مجتمع

كمال بنلحسن: أغلب الإصلاحات التي طُبقت في التعليم لم تقم على أي تصور للإنسان والمجتمع والمستقبل

كمال بنلحسن: أغلب الإصلاحات التي طُبقت في التعليم لم تقم على أي تصور للإنسان والمجتمع والمستقبل كمال بنلحسن
في ظل النقاش الحالي حول واقع المنظومة التعليمية بالمغرب، وتعدد الإصلاحات التي لم تؤتِ النتائج المرجوة، يسلط كمال بنلحسن، أستاذ متقاعد في مادة الفلسفة، الضوء على غياب الرؤية المتكاملة في الإصلاحات السابقة، ويدعو إلى مقاربة شمولية تقوم على التدرج، والاستمرارية، والانفتاح على الخبراء في مختلف المجالات، بما يضمن تكوين إنسان الغد القادر على الإبداع والمواطنة الفاعلة.
 
لماذا فشلت الإصلاحات المتعلقة بالنظام التعليمي بالمغرب؟
إن وظيفة المدرسة تكمن في تكوين الإنسان باعتباره ثورة حقيقية، ليس بالمعنى السوقي، ولكن لأنه كائن منتج فاعل في ذاته ومحيطه وعلاقاته. ونجاح المنهاج الدراسي يُقاس بمدى إحداث التوازن بين الأبعاد القيمية والمعرفية والوجدانية في بناء شخصية هذا الإنسان. إننا لا نحكم على منهاج أو إصلاح بنسبة النجاح أو المعطيات الرقمية فقط، لأن تكوين إنسان الغد يحتاج إلى رؤية مستقبلية واضحة، مع استحضار أن المجتمع ليس كيانًا ثابتًا، بل يعرف تغيرات متسارعة على عدة مستويات: اجتماعيًا ومعرفيًا وتقنيًا.
وأغلب الإصلاحات التي طُبِّقت لم تقم على أي تصور للإنسان والمجتمع والمستقبل، بل كانت ردود فعل على أحداث أو نتائج جزئية أو ظرفية. بل حتى بعض الإصلاحات التي اجتهدت نوعا ما في تقديم بعض العناصر المترجمة تجهض أو تُفرغ من محتواها، على اعتبار أننا نشهد تعاقب الوزراء يرافقه تغييرات لا تراعي التوجيهات الكبرى، فكل وزير يأتي وكأنه يبدأ من الصفر ويلغي كل ما سبقه.
إن كل إصلاح يجب أن يتم بناءً على تقييم الوضع القائم واستخلاص الثغرات والهفوات، وإننا نجد مجموعة من المشاريع تُطرح دون مراعاة لما قبلها. وهذا يعني أن إصلاح التعليم يقتضي أولًا الاستعانة بالخبراء في المجالات النفسية والاجتماعية والأدبية والعلمية والفنية، واستشراف التغيرات التي تأتي بشكل متسارع، لأننا نهيئ إنسانًا ليس لليوم، بل لعشرات السنوات المقبلة.

ما هي الوصفة التي تقترحها من أجل القطع نهائيًا مع الأعطاب التي يعرفها قطاع التعليم؟
الإصلاح ليس عملية ظرفية نقوم بها في زمن معين ثم نتوقف، بل هو عملية متواصلة ودائمة. فإصلاح المنظومة في شموليتها يحتاج إلى سنوات من الدراسة والبحث والتقييم والتتبع. كما أن عملية التطبيق لابد أن تتسم بالتدرج، وتشمل مجمل مراحل التعليم والتعلم وتحدد كل التفاصيل، وتمتد من التعليم الأولي إلى التعليم الجامعي بشكل متسلسل ومنطقي يحقق التراكمات المطلوبة. لكنها في الوقت نفسه تتطلب التدخل لتعديل أو تقييم بعض الاعوجاجات أو النقائص التي قد تبدو لنا في هذا العنصر أو ذاك في هذا الإصلاح أو في هذه المنظومة.

هناك من يربط بين تنزيل الجهوية وإصلاح التعليم، لأنه لا يمكن أن يتم تلقين أبناء المغاربة نفس المناهج مع اختلاف مميزات كل جهة، ما هو رأيك؟
أعتقد أنه في ظل جهوية حقيقية، يجب على النظام التعليمي مراعاة الفوارق الجهوية والمجالية، فلابد لكل إصلاح جاد أن يفسح المجال للجهات، بنسبة معينة، لتأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها المجالية والثقافية والديمغرافية، دون المساس بالقيم الكبرى.