Saturday 23 August 2025
 
 
مجتمع

425 اعتداء في سنة واحدة.. الصحة النفسية بالمغرب قنبلة موقوتة تهدد أمن المواطنين

425 اعتداء في سنة واحدة.. الصحة النفسية بالمغرب قنبلة موقوتة تهدد أمن المواطنين علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة
دعت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة الحكومة إلى التحرك العاجل لمواجهة ما وصفته بـ"الأزمة المتفاقمة للصحة النفسية" في المغرب، محذّرة من أن هذه الظاهرة لم تعد قضية صحية أو اجتماعية فحسب، بل تحوّلت إلى تهديد مباشر للأمن الصحي والمجتمعي.

وجاء في النداء الذي وجهته الشبكة للحكومة، ممثلة في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي ووزارتي الداخلية والعدل، أن تشرد المرضى النفسيين في عدد من المدن أصبح يشكل خطراً متزايداً على المواطنين، حيث تم تسجيل حوالي 425 حالة اعتداء خلال سنة 2024، بعضها انتهى بقتل أو التسبب في عاهات مستديمة.

وأكدت الشبكة أن هذا النداء يأتي في أعقاب الحادثة المأساوية التي شهدتها مدينة إيموزار يوم الجمعة 22 غشت 2025، حيث استشهد رجل أمن بعد تعرضه لطعن غادر من طرف شخص مختل عقلياً مشرّد أثناء مزاولته لعمله.

وأرجعت الشبكة هذه الأزمة إلى تقصير مزمن في منظومة الصحة النفسية، وتراكم إخفاقات اجتماعية واقتصادية عدة، أبرزها:
 - ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانتشار المخدرات والمؤثرات العقلية.
- النقص الحاد في الأطباء النفسيين (أقل من 700) والممرضين المتخصصين (1700 فقط).
- قلة الميزانية المخصصة للصحة النفسية ومكافحة الإدمان.
- تهالك البنية التحتية للمستشفيات والمراكز النفسية وتمركزها في المدن الكبرى، مع اكتظاظ مصالح المستعجلات.
- ارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية وفقدان بعضها من الصيدليات والمستشفيات.
- تقادم التشريعات المنظمة، خاصة بعد سحب مشروع القانون 71-13 في 2023، وغياب سياسة عمومية واضحة وشاملة.
- استمرار ثقافة الوصم المجتمعي وغياب سياسة مندمجة لحماية هذه الفئة.


وطالبت الشبكة الحكومة بإطلاق خطة عمل وطنية عاجلة، تشمل: تعزيز الاستثمار في الصحة النفسية عبر زيادة الميزانية وتوظيف وتحفيز الأطر الطبية والتمريضية، وبناء مراكز استشفائية جهوية وإقليمية لإيواء المرضى المشردين.

والعمل على مراجعة القوانين والتشريعات بما يضمن كرامة وحقوق المرضى النفسيين، وسن سياسات واضحة للحد من الاعتداءات، وتطوير المخطط الاستراتيجي للصحة النفسية 2030 وتعميم مصالح الطب النفسي في المستشفيات العامة، وإنشاء فرق متخصصة لتدبير الأزمات.

كما طالبت الشبكة بضرورة تخفيض أسعار الأدوية وتوفيرها مجاناً عبر وزارة الصحة، وإطلاق حملات توعية وطنية لمحاربة الوصم وتشجيع الأسر على العلاج، مع تشديد العقوبات على مروجي المخدرات والداعمين لانتشار المؤثرات العقلية.

وسجلت الشبكة بامتنان اهتمام الإدارة العامة للأمن الوطني بضحايا الاعتداءات من رجال الأمن، وما توفره لهم ولأسرهم من دعم شامل، لكنها بالمقابل عبّرت عن أسفها العميق لتقاعس الحكومة عن تحمل مسؤولياتها تجاه باقي المواطنين، والاكتفاء بتصنيف الحوادث تحت وصف "اعتداء من طرف مختل عقلي"، دون تحمل تبعاتها القانونية أو الاجتماعية.

واختتمت الشبكة نداءها بالتأكيد على تمسكها بالدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، وتعهدت بمواصلة الضغط على مختلف الفاعلين لوقف ما وصفته بـ"المأساة الإنسانية" التي تهدد كرامة وأمن المغاربة على حد سواء.