الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: هل ينجح الأوربيون في محاصرة الدب الروسي بالعقوبات الاقتصادية؟

يوسف لهلالي: هل ينجح الأوربيون في محاصرة الدب الروسي بالعقوبات الاقتصادية؟ يوسف لهلالي
مع استمرار الحرب على أوكرانيا في ظل الدمار والخراب الذي خلفته وتشريد سكان هذا البلد، وتحولهم الى لاجئين. اختار الاوربيون والولايات المتحدة الأميركية العقوبات كسلاح لمواجهة الالة الحربية لبوتين، ويستمرون في التصريح ان هذه العقوبات ستكون قاصية وستلحق اضرارا قاسية بالاقتصاد الروسي.
طبعا حكومة أوكرانيا ورئيسها زلينسكي تطالب بتدخل غربي لحمياتها، او على الأقل فرض الحضر الجوي فوق التراب الاكراني، وهو ما يمكن ان تعتبره روسيا اعلان حرب، مما جعل بوتين يلوح بالتهديد النووي ويتحدث عن جاهزية قواته في هذا المجال. الاوربيون والامريكيون قرروا لحد الساعة عدم التورط في هذه الحرب والاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية، لكن هل بإمكانهم تطبيق هذه العقوبات وهم في حاجة الى الغاز والبترول الروسي؟ بالإضافة الى عدد من المواد الأولية التي تستعمل في الصناعات الاوربية، وهل تقبل المانيا اكبر اقتصاد اوربي ان تضحي بصناعتها ونموها من اجل أوكرانيا؟ خاصة انها في حاجة الى 40 في المائة من الطاقة المستوردة من اوروبا؟ لحد الساعة، فان اوروبا تستورد ما مجموعه مليار أورو يوميا من حاجياتها من روسيا، والتي لا يمكن تعويضها على المدى القصير، فهل ستتخلى عن هذه الصادرات الأساسية التي يصعب تعويضها بسرعة، بل ان الامر قد يحتاج لسنوات؟
القمة ألاوروبية التي احتضنتها فرنسا يومي الخميس والجمعة الماضيين، كانت قصد اتخاذ قرار بشأن "الاستراتيجية المشتركة للاستقلالية الطاقية" و"الدفاع الأوروبي"، في سياق النزاع الدائر في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا.
وجرى تغيير جدول أعمال هذه القمة في اخر لحظة مع انعكاسات الحرب، التي كانت مقررة منذ منتصف دجنبر، وكانت مخصصة بداية لبحث "نموذج جديد للنمو والاستثمار" في أوروبا.
وكان الهدف من اللقاء حسب مصادر بروكسيل هو العمل على استقلال الاتحاد الأوروبي عن الوقود الأحفوري الروسي بحلول 2027.فهل يمكن تحقيق هذا الهدف في غياب وسائل التخزين والبنية التحتية لهذه العملية.
وتقضي خطة المفوضية الأوروبية بتقليص الاعتماد على الغاز الروسي وخفض واردات الفحم والنفط من هذا البلد عبر تنويع الموردين وتطوير الطاقات البديلة مثل مصادر الطاقة المتجددة أو الهيدروجين. لكن الاجندة التي تم اقتراحها ستكون صعبة التحقيق، وذلك للارتباط الكبير بالطاقة المستوردة من روسيا.
واتفق رؤساء الدول والحكومات ال27، خلال هذه القمة، على إحداث صندوق مشترك لتخفيف تداعيات هذا النزاع. مما يسمح لبلدان هذه المنطقة تحمل التكاليف المرتبطة بالعقوبات المفروضة على روسيا منذ بداية الصراع، على غرار مخطط التعافي الذي تبلغ قيمته 750 مليار يورو، والذي تم إحداثه لمواجهة تداعيات وباء "كوفيد-19".
وشددت في هذا اللقاء على الدور المركزي لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، و رغبتها في استثمار "أكبر وأفضل في القدرات العسكرية"، وتشجيع التعاون الصناعي والمشتريات المشتركة بينما .من اجل التوفر على قوات اوربية بدل الاعتماد الكامل على قوات الحلف الأطلسي كما هو الامر الان.
التحدي الكبير الذي عالجته القمة الاوربية الأخيرة هو مشروع المفوضية لخفض الاعتماد على الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام، وكذلك خفض واردات الفحم والنفط من روسيا، عبر تنويع مصادر التوريد وتطوير طاقات بديلة مثل مصادر الطاقة المتجددة أو الهيدروجين.
كما ان اوروبا تسعى الى تعزيز تخزين الغاز وكذلك التزام إجراءات عاجلة جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على المواطنين الأوروبيين حيث بلغ سعر الكازوال اكثر من 2 أورو للتر الواحد وهو رقم لم تعرفه اوروبا، أي حوالي 23 درهم للتر الواحد تقريبا.
القمة الاوربية تناولت تداعيات الحرب بأوكرانيا على مواطنيها ومقاولاتها، لكن هذه الحرب الاوربية الاوربية لها تداعيات على باقي العالم وخاصة بأفريقيا، حيث ستكون لها تأثيرات كبيرة على أسعار الطاقة والمواد الغذائية، في بلد مثل المغرب الذي يعتمد على استيرادها من الخارج، وكذلك على التغذية حيث يستورد المغرب القمح من الخارج، وهو استيراد سوف تزداد نسبته خاصة في سنوات الجفاف مثل هذه السنة. وهو نفس الوضع لبعض بلدان الجوار، التي تستورد القمح بشكل أساسي من روسيا وأوكرانيا مثل الجزائر، مصر وليبيا.
طبعا هذه الحرب الاوربية الاوربية، والحصار ضد روسيا ستكون له تداعيات على الاقتصاد العالمي وبلدان الجوار الأوربي مثل المغرب، طبعا الاوربيون اختاروا تطبيق الحصار لكن مع استثناء حاجياتهم من الطاقة مثل الغاز والبترول، لكن فيما يخص بلدانا مثل المغرب وبلدان شمال افريقيا، هل سيسمح لها باستيراد القمح الروسي ام ان العقوبات الغربية سوف تحول دون ذلك؟ وهل ستقدم البلدان الغربية تعويضات للبلدان الافريقية مثل المغرب لمواجهة اثار هذا الحصار كما قدمت لمواطنيها ومقاولاتها داخل اوربا، ام ان سياسة الكيل بمكيالين المتبعة في العلاقات الدولية سوف تضعف الحصار الغربي على روسيا. خاصة ان بلدان أخرى من العالم سوف تتردد في تطبيق هذا الحصار خاصة الصين التي لها لا مصالح كبيرة وتريد الحصول على الطاقة والمواد الأولية من روسيا الفيدرالية وهو نهج سوف تسير عليه بلدان أخرى مثل الهند وتركيا رغم تحالفها مع الغرب ادار رأت ان هذا الحصار لن يفيدها بقدر ما سيضر اقتصادها. ذلك لان اغلب اقتصاديات العالم كانت تسعى الى التعافي من اثار الوباء مع ما طرح ذلك من مشاكل حول استيراد السلع والتضخم الذي يعاني منه الاقتصاد العالمي مع ارتفاع الأسعار الذي زادت من حدته الحرب الروسية باوكرانيا، وهي كلها عوامل سيكون لها اثار جد سلبية خاصة بالبلدان الافريقية.
هذه التطورات للحرب الروسية على أوكرانيا وتداعياتها السلبية على الاقتصاد وأثرها على التجارة العالمية، الذي مازال يعاني من تداعيات الوباء يمكن ان تفشل الحصار الاقتصادي على الدب الروسي الذي دعت له الولايات المتحدة الأميركية وبلدان الاتحاد الأوربي.