الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد بعزيز: بين حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي

سعيد بعزيز: بين حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي سعيد بعزيز
أكدت منظمة الصحة العالمية في إحاطتها الإعلامية بشأن مرض كوفيد - 19 الصادرة يوم 22 أبريل 2020، أن الطريق أمامنا لا يزال طويلا، وفيروس كورونا ـ كوفيد 19 سيلازمنا طويلا، مما يعني أن الحفاظ على فعالية الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا ـ كوفيد 19، سيتطلب وقتا أكبر، وبالتالي استمرارية حالة الطوارئ الصحية إلى حين التأكد بقطع الطريق أمام تفشي هذا الوباء، إما باندثاره، وهذا أمر مستبعد في الوقت الراهن، أو بإيجاد اللقاح أو الدواء.
بالوقوف عند هذه المعطيات، يتضح أن تمديد مفعول حالة الطوارئ الصحية أمر لا جدال فيه، وأن يوم الأربعاء 10 يونيو 2020 على الساعة السادسة مساء، لا يعتبر تاريخا نهائيا، بل سيتم تمديده مرة أخرى بشكل شمولي أو جزئي.
فالخروج التدريجي من حالة الطوارئ الصحية لا يعني وقف سريان مفعولها، بل ستظل مستمرة لوقت أطول، اعتبارا لكون متابعة الأشخاص المخالفين للتقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية، تستمد شرعيتها من الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، بموجب مرسوم يتخذ باقتراح مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالداخلية والصحة، الذي يحدد النطاق الترابي لتطبيقها، ومدة سريان مفعولها والإجراءات الواجب اتخاذها، والممكن تمديدها وفق نفس الكيفيات، لأنه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون، ولا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون وقت ارتكابها، ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون.
لذلك كل ما يتعلق بخرق الحجر الصحي يستمد شرعيته من وجود المرسوم المشار إليه، ووقف تمديد هذا المرسوم يعني بشكل مباشر رفع حالة الطوارئ الصحية والحجر الصحي معا، فحتى ولو صدر بلاغ أو منشور يؤكد على التقيد ببعض التدابير والإجراءات الاحترازية، فإنه يبقى غير ملزم لعدم وجود أساس قانوني.
باستثناء التدابير المنصوص عليها في المادة الثانية من مرسوم رقم 2.20.293 الصادر في 24 مارس 2020 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا ـ كوفيد 19، فإن كل التدابير اللاحقة كانت تتضمنها بلاغات حكومية، أبرزها بلاغ إجبارية وضع الكمامات الواقية ابتداء من يوم الثلاثاء 07 أبريل 2020 بالنسبة لجميع الأشخاص المسموح لهم بالتنقل خارج مقرات السكن في الحالات الاستثنائية المرخص بها، وهو القرار الذي يسري على فئة محددة، ألا وهي الفئة التي تخرج من المنزل والموجودة في وضعية قانونية (أي مرخص لها)، ولمدة محددة، أي مدة تواجدهم خارج المنزل.
فكيفما كان الحال، ستبقى حالة الطوارئ الصحية مستمرة في سائر أرجاء المغرب، أو في جزء من ترابه الوطني لوقت أطول.
واستمرارية تهديد هذا العدوان الوبائي للبلاد، يستوجب استمرار عملية تمديد مفعول حالة الطوارئ الصحية، بعد انتهاء كل مرحلة من مراحله، إلى حين الخروج النهائي من هذه الأزمة، سيما أنه يمكن أن يعلن عن حالة الطوارئ الصحية بأي جهة أو عمالة أو إقليم أو جماعة أو أكثر، أو بمجموع أرجاء التراب الوطني عند الاقتضاء، لكن بالمقابل أن تقوم الحكومة خلال هذه الفترة، باتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، او بواسطة مناشير وبلاغات، من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم، في سياق الرفع التدريجي للحجر الصحي سواء في سائر أرجاء الوطن أو في جزء منه، من قبيل السماح بمغادرة الأشخاص لمنازلهم، أو التنقل إلى مقر العمل، أو فتح المحلات التجارية، أو عقد اجتماعات وتجمعات وغيرهما، وفق ما هو معمول به حاليا على مستوى مصانع الأغذية والأدوية، خاصة أنه يتم حاليا إجراء تقييم ميداني منتظم وتتبع دقيق لكافة التطورات والمستجدات اليومية، بما يمكن من إطلاق خطة للإقلاع الاقتصادي وإعادة إنعاش مختلف المجالات الاقتصادية بعد أيام عيد الفطر المبارك.
فالحجر الصحي لا يعني حالة الطوارئ الصحية، وإنما مجموعة من التدابير والإجراءات الاحترازية التي تتخذ أثناء سريان حالة الطوارئ الصحية من أجل حماية حياة الأشخاص وسلامتهم، وبالتالي يمكن في ظل سريان حالة الطوارئ الصحية أن يتم التخفيف منه، لكن لا يمكن أن تستمر التدابير والإجراءات المتبقية بعد انتهاء الأجل المحدد في المرسوم إلا بمرسوم جديد، من قبيل ما يتم الحديث حوله في الوقت الراهن من الاستمرار في ارتداء الكمامات لفترة طويلة والتباعد الاجتماعي في مقرات وأماكن العمل.
مما يعني أن حالة الطوارئ ستستمر مادام الفيروس سيلازمنا لمدة أطول، لكن الحجر الصحي يجب أن يرفع تدريجيا.