قال الفاعل النقابي الأستاذ محمد البهيج في حواره مع "أنفاس بريس" أن الدخول المدرسي لموسم 2016/2017 يعتبر "الأسوأ على الإطلاق، حيث لا يمكن الحديث عن برامج تعليمية منتكسة أصلا وليس لها وقع على مردودية المنظومة التعليمية، ما دامت الحكومة الملتحية الحالية تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي دون اعتبار للمصلحة الوطنية ولا لمصلحة الأجيال المتعلمة القادمة "كما اعتبر أن الفاعل السياسي" لا وجود له ولم يقم بالدور الحقيقي الذي من المفروض فيه أن يقوم به، كان متفرجا على المجزرة التي مورست في حق المدرسة العمومية بالخصوص، ولم يحرك أدنى ساكن رغم ما توفره له المؤسسات التشريعية من داخل العمل البرلماني "وهذا نص الحوار.
الموسم التعليمي الحالي سيعرف عدة مشاكل تربوية واجتماعية ودراسية، نتيجة ضرب مقومات المدرسة العمومية، فالكل يتحدث عن تراجع خطير على مستوى البرامج التعليمية، زد على ذلك النقص المهول على مستوى البنيات الاستقبالية للكم الهائل للمقبلين على التمدرس، دون الحديث عن النقص الخطير في الموارد البشرية ( رجال ونساء التعليم / الأطر الإدارية / الأعوان) بصفتكم فاعل نقابي ما هي أبرز سمات الدخول المدرسي لهذا الموسم ؟؟
إن السياق العام الذي يعرفه الدخول المدرسي الحالي، يتميز بأسوأ القرارات المتخذة من طرف حكومة بنكيران اللاشعبية واللاديمقراطية واللاوطنية، وهي بالأساس، قرارات استهدفت مكتسبات نساء ورجال التعليم بالخصوص.هذه القرارات بالطبع ستنعكس سلبا على منظومتنا التربوية والتعليمية.وستجعل من هذا الدخول المدرسي الأسوأ على الإطلاق ، حيث لا يمكن الحديث عن برامج تعليمية منتكسة أصلا وليس لها وقع على مردودية المنظومة التعليمية، ما دامت الحكومة الملتحية الحالية تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي دون اعتبار للمصلحة الوطنية ولا لمصلحة الأجيال المتعلمة القادمة.
فجل المشاكل التي بدت تطفح مع هذا الدخول المتميز بارتجاليته، النقص الحاد والمهول للموارد البشرية بصنفيها الإدارية والتربوية، ناهيك عن عملية الضم التي انتهجتها الوزارة لدرء الخصاص المهول، لتضيف بذلك مآسي للممارسين التربويين، بعد تلك التي خلفتها من خلال تمريرها لقانون إصلاح التقاعد المجحف ضدا في الشغيلة المغربية بشكل عام، ناهيك عن سياسة تجميد الأجور وتجميد الوظائف وتقليص الاستثمارات والتهرب الحكومي من تنفيذ مجموعة من الاتفاقات والالتزامات وعلى رأسها اتفاق 26 أبريل 2011، كلها عوامل ومؤشرات تنذر بدخول مدرسي ليس كالمعتاد، وتؤكد سياسة البريكولاج المنتهجة من طرف جل الحكومات بما فيها السابقة.
هل الفاعل السياسي يقوم بدوره المرتبط بملف مدرستنا العمومية؟
فيما يتعلق بالفاعل السياسي، أعتقد أنه لا وجود له ولم يقم بالدور الحقيقي الذي من المفروض فيه أن يقوم به، كان متفرجا على المجزرة التي مورست في حق المدرسة العمومية بالخصوص، ولم يحرك أدنى ساكن رغم ما توفره له المؤسسات التشريعية من داخل العمل البرلماني. وما تقوم به بعض الفرق البرلمانية من خلال بعض الأسئلة الشفهية لا ترقى إلى مستوى تلمس الإشكالات الحقيقية التي يعيشها وضعنا التعليمي، لتبقى مجرد أسئلة للظهور بمظهر المدافع والغيور على واقعنا التعليمي، وهي أسئلة تدخل في باب أنني موجود، لا إلا ولا حتى ... فعلى الشغيلة التعليمية بالأساس، نساء ورجالا، ونحن مقبلون على استحقاقات 7 أكتوبر القادم، أن نجعل من تلك المحطة مناسبة لمحاسبة كل المتخاذلين والمتواطئين مع حكومة بنكيران في الهجوم على مكتسبات الشغيلة التعليمية وتردي منظومتنا التربوية والمساهمين في تراجع ترتيبنا العالمي وتدني مستوانا المعرفي وفرملة طموح شبابنا عبر تجميد الوظائف وتحقيره وقمعه عند مطالبته بحقوقه.
في رأيك لماذا هذا البلوكاج "النقابي" على مستوى ملف قضية التعليم العمومي ؟؟
إن الوضع التعليمي المزري الذي تتخبط فيه البلاد، لا تتحمل مسؤوليته النقابات التي عاشت أسوأ تهميش لها من طرف حكومة بنكيران الحالية وباقي الحكومات بما فيها السابقة، النقابات كانت دائما حاضرة ومنبهة لخطورة وضعنا التعليمي عبر بياناتها وندواتها الوطنية، ولعل النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خير مثال على ما نقول، من خلال مجموعة من الخطوات التي أقدمت عليها ولعل آخرها انتقادها الصريح لمضامين ما جاء به المخطط الاستعجالي والذي أقرت به الوزارة بعد فوات الأوان، ولا زلنا نعيش نفس الأسطوانة من خلال ما تم الترويج له من إصلاح عبر اللقاءات الجهوية وما يتم الإعداد له من طرف المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وعزم السيد عزيمان تنفيذ مخطط رؤية استراتيجية للإصلاح والحديث عن إحداث لجنة مؤقتة لتتبع مشاريع الإصلاح، كلها خطوات تتحمل الدولة مسؤوليتها لوحدها في غياب تام لسياسة الإشراك الحقيقي والجرأة في معالجة قضية تعتبر من أولويات الإصلاح بعد الوحدة الترابية.
ما الذي نبتغيه من إصلاح السياسة التعليمية ببلادنا؟
وضعنا التعليمي يحتاج إلى حلول يجب ألا تكون ترقيعية كما أكدت ذلك من خلال حوار سابق مع جريدتكم الغراء ،؛ الحلول يجب أن تكون حقيقية من خلال إجراء حوار وطني حول ملف التعليم عن طريق إشراك كافة الفاعلين فيه والممارسين والشركاء. وهذا الحوار يجب أن يكون حقيقيا يستحضر البعد الوطني لنجيب عن سؤال واحد وأوحد، ما الذي نبتغيه من إصلاح السياسة التعليمية ببلادنا؟
أعتقد أن الجواب الحقيقي على هذا السؤال، سيدفعنا إلى إيجاد كل الحلول المتوافق عليها من أجل إخراج بلادنا من براثين الجهل والأمية ومعالجة كل القضايا المرتبطة بمنظومتنا التربوية وإعادة الاعتبار لنساء ورجال التعليم عبر تحسين أوضاعهم الاجتماعية وتلبية ملفاتهم المطلبية، وإعادة النظر في المناهج التربوية، وفي مراكز التأهيل ليتسنى لنا تأهيل موارد بشرية حقيقية كافية ومؤهلة للنهوض بمنظومتنا وجعلها في خدمة أهداف بلادنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية ... ما عدا ذلك، سيكون أي إصلاح يطبق على التعليم خارج الإشراك الفعلي والحقيقي، بمثابة إملاءات مملات على حكومتنا ودولتنا لضرب الخدمة العمومية وعلى رأسها عمومية قطاع التعليم بالدرجة الأولى، والذي يعتبر العمود الفقري لكل نهضة تتوخاها البلدان السائرة في طريق النمو والراغبة في نفض مخلفات الاستعمار.