على هامش الدخول المدرسي الكارثي لموسم 2016/2017 ، جراء تراجع المنظومة التربوية والإجهاز على مكتسبات الشغيلة التعليمية، فتح موقع " أنفاس بريس " نقاشا في الموضوع مع الفاعل الجمعوي والمدني الأستاذ عبد الحميد لبيلتة الذي قال بأن " الفاعل السياسي حزبيا كان أو برلمانيا قدم استقالته من المساءلة من أجل الاصلاح الجذري للمنظومة، لأنه كما قلت سابقا قطاع التربية والتكوين مازال محتكرا من طرف الدولة، لذلك أرى أن السبيل إلى تفادي السكتة القلبية لمدرستنا العمومية، يكمن في استعادة المجتمع المغربي الثقة في المدرسة العمومية " .
++ الموسم التعليمي الحالي سيعرف عدة مشاكل تربوية واجتماعية ودراسية، نتيجة ضرب مقومات المدرسة العمومية، فالكل يتحدث عن تراجع خطير على مستوى البرامج التعليمية، زد على ذلك النقص المهول على مستوى البنيات الاستقبالية للكم الهائل للمقبلين على التمدرس، دون الحديث عن النقص الخطير في الموارد البشرية ( رجال ونساء التعليم / الأطر الإدارية/ الأعوان ) بصفتكم فاعل نقابي ما هي أبرز سمات الدخول المدرسي لهذا الموسم ؟؟
ـ أضحت أزمة المنظومة التربوية مع توالي السياسات الارتجالية، أزمة بنيوية، فطبيعي أن أي دخول مدرسي هو مقدمة لاستمرار نفس النهج الارتجالي. بالرغم من أن الدولة رفعت شعار إصلاح المدرسة العمومية ، واعتبار التعليم أولوية وطنية بعد الوحدة الترابية، لكن بقي هذا الشعار حبيس التقارير. فلا عشرية تفعيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين تم تقويمها وبالأحرى تجسيد موادها على أرض واقع المنظومة التربوية، ولا خطة البرنامج الاستعجالي هي الأخرى تم تقويمها وتجسيد مضامينها رغم كلفتها المالية. ولا الرؤية رأت النور بعد، أو على الأقل توفير وتعبئة الإمكانات المادية والتأطيرية لها والشروع الفوري في تجسيدها على أرض الواقع ومع ذلك ننتظر خيرا في المستقبل.
إذن فمدرستنا العمومية مازالت خارج سياق الاصلاح، ونفس المشاكل ما زالت تتخبط فيها كالنقص في الموارد البشرية، وتقادم البرامج والمناهج، وتنامي ظاهرة الاكتظاظ، وترهل العديد من البنيات التحتية والتجهيزات في العديد من المؤسسات التعليمية بالمدن كما بالقرى. والأفظع هذه السنة تعيين أطر جديدة كمتدربين بالأسلاك التعليمية الثلاثة، إذ ستتحول بعض الفصول إلى مختبر للتجارب في التلاميذ والتلميذات عوض التحصيل العلمي والتربوي...
++ من يتحمل مسؤولية أزمة التعليم العمومي بالمغرب ؟
ـ طبعا المسؤولية المباشرة هي للدولة وللحكومات المتعاقبة وسياساتها الفاشلة في التعليم. فمنهجية إصلاح التعليم التي اعتمدتها الدولة منذ زمن المناظرات إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، أشرت على عدم استقلالية التعليم عن إيديولوجية الدولة. ناهيك عن تهميش الكفاءات الميدانية الوطنية والتأطيرية، والخبرات الوطنية، والالتجاء إلى استيراد مناهج ومقاربات تقادمت حتى في الدول التي أبدعتها. إن الحس الوطني يفرض على الجميع دولة ومؤسسات ومجتمع مدني ومقاولات مواطنة، تحمل مسؤوليتها اتجاه المدرسة العمومية واستثمار كل الإمكانيات للنهوض بالمدرسة العمومية. فالتعليم في أسلاكه الثلاثة يجب أن يكون عموميا، إذ في أغلب الدول المتقدمة توجد المدرسة العمومية، فكفى من التطبيل غير المباشر والترخيص لمؤسسات القطاع الخاص.
++ ألا تعتقد أن هناك غياب تام للفاعل السياسي والنقابي للترافع والدفاع عن المدرسة العمومية، كيف تبررون موقفكم من أزمة التعليم بصفة عامة؟ وما هو السبيل إلى تفادي السكتة القلبية بحقل التعليم ؟؟
ـ كما قلت: الكل معني للنهوض بالمدرسة العمومية، غير أن الفاعل النقابي مازال يراوح مكانه للدفاع على تحصين مكتسبات الشغيلة التعليمية التي في تدهور، والفاعل السياسي حزبيا كان أو برلمانيا قدم استقالته من المساءلة من أجل الاصلاح الجذري للمنظومة، لأنه كما قلت سابقا قطاع التربية والتكوين مازال محتكرا من طرف الدولة، لذلك أرى أن السبيل إلى تفادي السكتة القلبية لمدرستنا العمومية، يكمن في استعادة المجتمع المغربي الثقة في المدرسة العمومية، لكن بناء هذه الثقة تتجلى في الإجراءات التالية، المشاركة الفعلية لجميع مكونات المجتمع في صياغة مدرسة المستقبل، إعطاء المكانة الاعتبارية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين في تدبير وتوجيه المنظومة التربوية والعمل على تغيير طريقة انتخابه المبنية على الترضيات السياسية والعلائقية، بل يجب انتخاب مجالس جهوية للتعليم تصاحب الاكاديميات الجهوية في تفعيل التوجهات والاستراتيجيات المتوافق عليها لإنقاذ المدرسة العمومية، وهذه المجالس الجهوية هي التي تنتخب المجلس الأعلى كإطار للتنسيق الوطني وتدعيم الجهوية في مجال المنظومة التربوية، إعادة تأهيل الموارد البشرية بالتكوين المستمر الناجع، والتحفيز المادي والمعنوي، فضلا عن دعم استقلالية التدبير الذاتي للمؤسسات التعليمية وفق متطلباتها الاجتماعية والاقتصادية، وحاجاتها التأطيرية، بالإضافة إلى إعادة النظرة الجذرية في المنهاج التعليمي كمضامين ومقررات، مع تقوية مشاركة جميع مكونات المدرسة في التقرير والتدبير، من أطر تربوية وإدارية وتلاميذ ومجتمع مدني ومؤسسات منتخبة...