Thursday 3 July 2025
كتاب الرأي

 نادية واكرار: مخاض التحول بين الهوية والتغيير

 نادية واكرار: مخاض التحول بين الهوية والتغيير  نادية واكرار
في كل تحول،  أجدني المخرز والمخيط، الجرح والضماد، الهادم والباني…
أجدني و كأنني ألد نفسي بنفسي و من نفسي... بدون توقف... بروتوكول لا يتوقف ولا اجد لي من خلاله تفسير...
كلما هبت رياح التغيير، أحس وكأنني أُنتزع من جسدي كما ينتزع الجنين من رحم  امراة مستنزف، تارة تتمخض بصمت كأنما الأرض تشقها الزلازل وتارة أصرخ بداخلي كما يصرخ الغيم حين يشتد عليه المخاض فيبكي مطرا....
أنا الذي يتلوى، تحت ثقل اللحظة... أنا الذي يخرج من رحمها مبتلا بالرؤية، مشوشا من النور،
أرتجف من البرودة التي تلي الانبعاث،
طلق عسير وكأن الولادة لا تنهي الألم، بل تنقلني إلى طور جديد...
كأن التغيير لا يمنحني حياة جديدة، بل يطالبني بدفع ضريبة وجودي من جديد... وفي كل مرة التمرد، احاول... وكل مرة أتحول فينسله جلد كان لي
لغة كنت أتحدث بها، هوية التفاخر بها
 وذاكرة كنت أسكنها...
في كل تحول، أنبت من بين الرماد مثل طائر الفينيق لكن لا أحد يرى احتراقي...لا أحد يشم دخاخن ارواحي وهي تُشوى في أفران التحوّل.. 
أتقلب بين الأدوار كما تتقلب الأرض بين الفصول..
أنا الأم التي تنزف..
الجنين الذي يتشبث بالحياة...
القابلة التي تسهر على ولادتي...
السماء التي ترقب كل ذلك من عل بصمت بارد...
القديم وتفاصيل فينا يقاوم، فينشب بمخالبه في لحم اللحظة بغية البقاء ولو كلّفنه التجلط في الماضي...
نسب نيران التجديد فجأة و تطرق ابواب دواتي بعنف فيصرخ من أعماقي...يريد أن يبصر، أن يتنفس، أن يتكلم....
هكذا أظل،
كما انني كائن وجِد ليعاد تشكيله إلى الأبد... سؤال بلا إجابة و إجابة تبحث عن السؤال المناسب.
لست التباث بل انا الصيرورة.
و الكيان المغلق...
أنا نص يكتب ويمحى، يمزق ويعاد لصقه بكلمات أخرى، بألم آخر، بنسخة أخرى مني.
أنا التغيير حين يصبح لحما والمخاض حين يتحول إلى ذاكرة،
أنا الولادة المتكررة،
أنا الكائن الذي لا يكتمل أبدا ولا يفنى أبدا ولا يكفّ عن أن يكون....