Thursday 3 July 2025
سياسة

سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة.. الحل المنتظر!

سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة.. الحل المنتظر! نحو إنهاء الستاتيكو الأممي: الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه
لا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬عرفت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحولات‭ ‬حاسمة‭ ‬كبرى،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬دولي‭ ‬متحول‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬انحسار‭ ‬النفوذ‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وثبات‭ ‬فساد‭ ‬الأطروحة‭ ‬الانفصالية‭ ‬التي‭ ‬تتغذى‭ ‬على‭ ‬وهم‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬الشعب‭ ‬الصحراوي"،‭ ‬وتورط‭ ‬جماعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬مستنقع‭ ‬الإرهاب‭ ‬وتعاونها‭ ‬مع‭ ‬المجموعات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الساحل‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬اعتراف‭ ‬أكبر‭ ‬الدول‭ ‬تأثيرا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬(أمريكا/‭ ‬إسبانيا/‭ ‬ألمانيا/‭ ‬فرنسا/‭ ‬بريطانيا‭..‬)‭ ‬بمغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬ووجاهة‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬المغرب‭ ‬منذ‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬خلت‭ ‬بوصفه‭ ‬حلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬ويضمن‭ ‬حقوق‭ ‬المغاربة‭ ‬الصحراويين‭ ‬المحتجزين‭ ‬في‭ ‬تندوف‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤونهم‭ ‬بأنفسهم‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭.‬

هذه‭ ‬التحولات‭ ‬الهائلة،‭ ‬التي‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬اشتغال‭ ‬ديبلوماسي‭ ‬منظم‭ ‬وناجع،‭ ‬تفرض‭ ‬الالتفات‭ ‬قليلا‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬أي‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬ستة‭ ‬عقود،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1960‭ ‬حين‭ ‬بادر‭ ‬المغرب‭ ‬(وليس‭ ‬الجزائر‭ ‬أو‭ ‬البوليساريو)‭  ‬إلى‭ ‬عرض‭ ‬قضية‭ ‬أراضيه‭ ‬الصحراوية‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتسجل‭ ‬كأراضي‭ ‬محتلة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬حتى‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬مغادرة‭ ‬الأراضي‭ ‬المغربية‭. ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬أعداء‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬إمعان‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬باسترجاع‭ ‬السيادة‭ ‬على‭ ‬أقاليمه،‭ ‬ناوروا‭ ‬وأغدقوا‭ ‬واستبسلوا‭ ‬ورفعوا‭ ‬البنادق‭ ‬وقرعوا‭ ‬الطبول‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبدال‭ ‬إسبانيا‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وإخراج‭ ‬كيان‭ ‬انفصالي‭ ‬من‭ ‬العدم‭ ‬للإبقاء‭ ‬على‭ ‬الملف‭ ‬حاضراً‭ ‬ضمن‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬المكلفة‭ ‬بتصفية‭ ‬الاستعمار‭. ‬وهي‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬تبنى‭ ‬على‭ ‬آلية‭ ‬"وضع‭ ‬العصا‭ ‬في‭ ‬العجلة"‭ ‬لصرف‭ ‬بلدان‭ ‬المنطقة‭ ‬عن‭ ‬الانشغال‭ ‬الأساس‭ ‬بالتنمية‭ ‬والبناء‭.‬

لقد‭ ‬أتى‭ ‬هذا‭ ‬إدراج‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬"اللجنة‭ ‬الرابعة"‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تاريخي‭ ‬خاص،‭  ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الجزائر‭ ‬خلاله‭ ‬تتمتع‭ ‬باسم‭ ‬"دولة‭ ‬مستقلة"‭ ‬وكانت‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬فرنسا،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬استقلالهم‭ ‬الذي‭ ‬دام‭ ‬132‭ ‬سنة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1962،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬وجود‭ ‬فعلي‭ ‬أو‭ ‬حركي،‭ ‬ولا‭ ‬أي‭ ‬مطالب‭ ‬انفصالية‭. ‬بل‭ ‬الأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬طالب،‭ ‬سنة‭ ‬1963،‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بإدراج‭ ‬إقليم‭ ‬الصحراء،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬آنذاك‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسبانية،‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الأقاليم‭ ‬غير‭ ‬المتمتعة‭ ‬بالحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬تمهيدًا‭ ‬لتصفية‭ ‬الاستعمار‭ ‬منه‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تطور‭ ‬الأحداث‭ ‬أفضى،‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬بعد‭ ‬التلكؤ‭ ‬الواضح‭ ‬لإسبانيا،‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬نونبر‭ ‬1975،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬مدريد‭ ‬(14‭ ‬نونبر‭ ‬1975)،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قلبَ‭ ‬جميع‭ ‬المعطيات‭ ‬السياسية‭ ‬والقانونية،‭ ‬وحتى‭ ‬العسكرية،‭ ‬رأسًا‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬أقاليم‭ ‬الصحراء‭ ‬«مناطق‭ ‬مستعمرة»،‭ ‬بل‭ ‬جزءًا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية،‭ ‬تمارس‭ ‬عليه‭ ‬الدولة‭ ‬المغربية‭ ‬كافة‭ ‬اختصاصاتها‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭.‬

ورغم‭ ‬تحول‭ ‬المعطيات‭ ‬السياسية‭ ‬والميدانية،‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬إخراج‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭. ‬وهذا‭ ‬يرجعه‭ ‬الباحثون‭ ‬الأكاديميون‭ ‬والخبراء‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬إلى‭ ‬«قوة‭ ‬البيروقراطية‭ ‬الأممية»،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الحسابات‭ ‬السياسية‭ ‬القذرة‭ ‬التي‭ ‬تجمد،‭  ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مساع‭ ‬لإيجاد‭ ‬الحلول،‭ ‬ملفات‭ ‬حساسة‭ ‬في‭ ‬«حالة‭ ‬الستاتيكو»،‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬كأوراق‭ ‬فاعلة‭  ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭.  ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬الآن‭ ‬تعاملا‭ ‬آخر‭ ‬يبدأ‭ ‬أساسا‭ ‬من‭ ‬تعطيل‭ ‬الإشكال‭ ‬القائم،‭ ‬وحسم‭ ‬الملف‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬«الحكم‭ ‬الذاتي»‭ ‬يحظى‭ ‬بإجماع‭ ‬دولي‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭.‬

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬اليوم‭ ‬تجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وسحب‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬قياسا‭ ‬إلى‭ ‬المعطيات‭ ‬الجديدة‭ ‬التالية:
أولًا‭:‬ وضوح‭ ‬القرار‭ ‬المركزي‭ ‬بخصوص‭ ‬دور‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬بمناسبة‭ ‬الذكرى‭ ‬49‭ ‬لانطلاق‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء: «لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتتحمل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬وتوضح‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير،‭ ‬بين‭ ‬العالم‭ ‬الحقيقي‭ ‬والشرعي،‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه،‭ ‬وبين‭ ‬عالم‭ ‬متجمد،‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬الواقع‭ ‬وتطوراته»‭.‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الحسم‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬للمغرب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفرط‭ ‬في‭ ‬شبر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أراضيه،‭ ‬أو‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأن‭ ‬أي‭ ‬حلول‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭.‬

ثانيا‭:‬ تأييد‭ ‬إسبانيا‭ ‬«القوة‭ ‬المستعمرة‭ ‬للأقاليم‭ ‬الصحراوية»‭ ‬لسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أقاليمه‭ ‬الجنوبية،‭ ‬واعترافها‭ ‬بحق‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أراضيه،‭ ‬وتبنيها‭ ‬الواضح‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭.‬

ثالثا‭ :‬اتضاح‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬النزاع‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتصفية‭ ‬استعمار،‭ ‬بل‭ ‬بصراع‭ ‬سياسي‭ ‬إقليمي‭ ‬مفتعل‭ ‬تذكي‭ ‬نيرانه‭ ‬الجارة‭ ‬الجزائر‭ ‬التي‭ ‬يعلم‭ ‬المنتظم‭ ‬الدولي‭ ‬أنها‭ ‬راعية‭ ‬الانفصال‭ ‬وصانعة‭ ‬البوليساريو‭ ‬والحالمة‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬منفذ‭ ‬نحو‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭.‬

رابعا‭:‬ اتضاح‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلى‭ ‬«بعبع‭ ‬عسكري»‭ ‬يموله‭ ‬الكابرانات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يطمح‭ ‬إليها‭ ‬الهواري‭ ‬بوخروبة‭ ‬وتابعه‭ ‬بوتفليقة‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬مجرد‭ ‬كيان‭ ‬مصطنع‭ ‬مسلوب‭ ‬الإرادة،‭ ‬ولا‭ ‬وجود‭ ‬خارج‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬ترفعها‭ ‬الجزائر‭ ‬المعاكسة‭ ‬الرباط‭. ‬«لا‭ ‬يتعدى‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعترف‭ ‬بالبوليساريو‭ ‬28‭ ‬دولة»‭.‬

خامسا‭:‬‭‬ القرارات‭ ‬الأممية‭ ‬نفسها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬مفهوم‭ ‬الاستفتاء،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬مبادئ‭ ‬«الحل‭ ‬السياسي‭ ‬الواقعي،‭ ‬المتوافق‭ ‬عليه،‭ ‬العملي،‭ ‬والدائم»‭. ‬ٱذ‭ ‬وصل‭  ‬عدد‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬التي‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬لمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬دولة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬بلغ‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬115‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬

سادسا‭:‬‭‬ تغير‭ ‬الواقع‭ ‬السياسي‭ ‬والقانوني‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬الآن،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬توجيه‭ ‬مذكرة‭ ‬سياسية‭ ‬قانونية‭ ‬مدعومة‭ ‬بالحجج‭ ‬والمعطيات‭ ‬إلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لسحب‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة،‭ ‬خاصة،‭ ‬كما‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬ءلك‭ ‬بعض‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬المبدأ‭ ‬القانوني‭ ‬المعتمد‭ ‬في‭ ‬«تصفية‭ ‬الاستعمار»‭ ‬يشترط،‭ ‬أولًا،‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأرض‭ ‬خاضعة‭ ‬فعليًا‭ ‬لسيطرة‭ ‬استعمارية‭ ‬أجنبية،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬«الشعب»‭ ‬المعني‭ ‬واقعًا‭ ‬تحت‭ ‬هذه‭ ‬السيطرة‭ ‬دون‭ ‬تمثيل‭ ‬سياسي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬سكان‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬الذين‭ ‬يتمتعون‭ ‬بكل‭ ‬حقوقهم‭.‬

سابعا‭ :‬‭‬انفتاح‭ ‬«مبدأ‭ ‬تقرير‭ ‬المصير»،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تفسيره‭ ‬دائما‭ ‬بالاستفتاء‭ ‬مادامت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قد‭ ‬تأكدت‭ ‬من‭ ‬إستحالة‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الواقع‭ ‬الميداني‭ ‬الحالي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭  ‬لا‭ ‬يكثر‭ ‬الاختيار‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬وذاك،‭ ‬بل‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬أمام‭ ‬حلول‭ ‬سياسية‭ ‬توافقية،‭ ‬تكون‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬الواقع‭.‬

ثامنا‭:‬‭‬ اضطلاع‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بمهمة‭ ‬تتبع‭ ‬الملف،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬مبعوثي‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أُوفدوا‭ ‬بقرارات‭ ‬منه،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬سائر‭ ‬التقارير‭ ‬تصدر‭ ‬عنه،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭  ‬وجود‭ ‬الملف‭ ‬في‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬سند‭ ‬قانوني‭ ‬قوي،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬مجرد‭ ‬تكرار‭ ‬سنوي‭ ‬لخطابات‭ ‬دعائية،‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬فعلي‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬التسوية،‭ ‬بل‭ ‬تُستعمل‭ ‬أحيانًا‭ ‬لعرقلته،‭ ‬حسب‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

إن‭ ‬إخراج‭ ‬الملف‭ ‬من‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬إعادة‭ ‬الملف‭ ‬إلى‭ ‬السياق‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يناسبه‭ ‬سياسيًا،‭ ‬وتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬طي‭ ‬الملف،‭ ‬وتذليل‭ ‬الطريق‭ ‬للمحتجزين‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬وطنهم،‭ ‬كما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬مدعوة‭ ‬للانتباه‭ ‬إلى‭ ‬المتغيرات،‭  ‬وخاصة‭ ‬إلى‭ ‬التحاق‭ ‬الموقف‭ ‬الدولي‭ ‬الفاعل‭ ‬بمقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬المغربي،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المتغير‭ ‬أصبح‭ ‬شاهدًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬ودبلوماسيًا‭ ‬على‭ ‬أمرين:‭ ‬أولًا،‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالسيادة‭ ‬الفعلية‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وثانيًا،‭ ‬تحوّل‭ ‬الإقليم‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬منفتح‭ ‬للاستثمار‭ ‬الدولي،‭ ‬وللشراكات‭ ‬التنموية‭ ‬العابرة‭ ‬للحدود‭. ‬وهذا‭ ‬ترجمة‭ ‬لوضوح‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬تجاه‭ ‬حلفائه‭ ‬الاستراتيجيين،‭ ‬ونحو‭ ‬شراكاته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية‭.‬

لقد‭ ‬بات‭ ‬واضحًا‭ ‬أن‭ ‬الانفصال‭ ‬فقد‭ ‬أضراسه‭ ‬ومخالبه‭ ‬وجذوعه،‭ ‬ولم‭ ‬يتبق‭ ‬إلا‭ ‬رأسه‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بالشجاعة‭ ‬اللازمة‭ ‬زالقدرة‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬الجديدة،‭ ‬بدل‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬نحو‭ ‬تأبيد‭ ‬الصراع‭ ‬وتعطيل‭ ‬مسار‭ ‬التوافق‭ ‬حول‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬بوصفه‭  ‬الإطار‭ ‬السياسي‭ ‬الوحيد‭ ‬الممكن‭ ‬لحل‭ ‬النزاع‭.‬

لقد‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الضروري،‭ ‬إذن،‭ ‬إعادة‭ ‬تأطير‭ ‬النزاع‭ ‬ضمن‭ ‬واقعه‭ ‬الحالي‭ ‬الجديد،‭ ‬بوصفه‭ ‬خلافا‭ ‬إقليميا‭ ‬سياسيا‭ ‬مفتعلا،‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بتصفية‭ ‬الاستعمار،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬برغبة‭ ‬شعب‭ ‬في‭ ‬الانفصال،‭ ‬بل‭ ‬له‭ ‬كل‭ ‬العلاقة‭ ‬بمزاج‭ ‬سياسي‭ ‬بائد‭ ‬يقوم‭ ‬على‭  ‬حسابات‭ ‬إقليمية‭ ‬توسعية،‭ ‬تستعمل‭ ‬أطرافًا‭ ‬غير‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬لتمرير‭ ‬أجندات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬تنتمي‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭. ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬ذلك،‭ ‬والكل‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬تتحلى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بشجاعة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬النزاع‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭ ‬وأن‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬مغربها،‭ ‬والمغرب‭ ‬في‭ ‬صحرائه،‭ ‬والعمل‭ ‬الحقيقي‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬واقع‭ ‬احتجاز‭ ‬الرهائن‭ ‬بمخيمات‭ ‬تندوف‭.‬
 
 
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا