الخميس 28 مارس 2024
سياسة

أرحموش: التّكريس للإنتظارية والتردّد بخصوص  رأس السنة الأمازيغية غير مستساغ

أرحموش: التّكريس للإنتظارية والتردّد بخصوص  رأس السنة الأمازيغية غير مستساغ أحمد أرحموش محام بهيئة الرّباط، وناشط في الحركة الأمازيغيّة
قال أحمد أرحموش، المحامي والنّاشط الأمازيغي، «إن إقرار رأس السّنة الأمازيغية ليس مجرّد محطّة شكلية للإحتفال الشكلي بها من قبل صانع القرار السّياسي والتّشريعي، بل هي محطّة وجب إعطاؤها مكانتها عبر تنزيل وجودها على أرض الواقع بأبعادها التاريخية والسّياسية لتعكس عمق الهوية الأمازيغية بالمغرب وبشمال إفريقيا والسّاحل بامتداداتها في الزمان».
 ويرى أرحموش في حوار مع  موقع "انفاس بريس"، وأسبوعية «الوطن الآن»، أنه»لم يكن ولم يعد هناك أيّ مبرر لدى صاحب القرار (مرسوم وزاري)  مزيد من التّأجيل بالنّظر إلى مبرّرات ثلاثة، لأن ما يحدث ببلادنا في التّكريس للإنتظارية والتردّد بموضوع  رأس السنة الأمازيغية غير مستساغ».
 وفي ما يلي النصّ  الكامل للحوار:
 
 
هل ما يزال مطلب إقرار رأس السنة الأمازيغية ”إيض يناير” مطلبا ملحّا وشعبيا  لإقراره عطلة رسميّة ومؤدّى عنها. وكيف ذلك؟.
أعتقد من خلال تتبّعي الشّخصي لمستجدّات ملف الأمازيغية بالمغرب على الأقل خلال السّنة الأخيرة، يبدو أن مجريات السّياسات العموميّة كما السّياسات العامّة ما زالت غامضة وملتبسة، تخترقها وقائع مستفزّة أحيانا ، وقرارات مجحفة أحايين أخرى، وربّما إذا استمر الوضع على حاله أن يفضي إلى نتائج  جدّ مقلقة على المدى القريب.   
تجاوبا بشكل حصري مع سؤالك، فأعتقد أن من بين ما يقلق في الموضوع على الأقل في هذه اللحظة، سؤال مصير الإقرار السّياسي والتشريعي برأس السنة الأمازيغية ، كمطلب وحاجة مجتمعية، نوضل من أجل إقراره لأكثر من 30 عاما كتراث لا مادي لجميع المغاربة.
وفي هذا السّياق، أرى أنه لم يكن ولم يعد هناك أي مبرر لدى صاحب القرار”مرسوم وزاري”  لمزيد من التّأجيل بالنظر إلى:
أولا: إن ما سبق للحكومتين السّابقتين برئاسة حزب العدالة والتنمية، أن لوحت به في بلاغاتها بالمناسبة من أن ”إقرار رأس السنة الأمازيغية هو قرار سيتخذ في الوقت المناسب”، لم يعد مقبولا التّلويح به حاليا، بالنظر إلى أن أعلى سلطة في البلاد في اعتقادي حسمت الأمر في عدّة مناسبات، وآخرها الرّسالة الملكيّة الموجّهة إلى المشاركين في أشغال الدّورة الـ 17 للجنة الحكومية لصون التّراث الثقافي غير المادي، والتي افتتحت أشغالها يوم الإثنين 28 نونبر 2022 بالرباط. ومن بين ما جاء فيها: ”إن المملكة المغربية، التزاما منها بالنهوض بالتّراث الثّقافي غير المادي، تقوم بدور هام في حمايته، سواء عبر تعزيز ترسانتها القانونية في هذا المجال، والمشاركة الفعّالة في تنزيل مضامين اتفاقية 2003 لصون التّراث الثقافي غير المادي، التي ساهمت في صياغتها؛ أو من خلال العمل على إعداد قوائم جرد للتراث، وجعلها إرثا إنسانيا حيا، انسجاما مع روح هذه الاتفاقية”.
 
ثانيا: قيام الإجماع لدى عموم الشعب المغربي، كما على المستوى الإقليمي بأغلب دول شمال إفريقيا بشرعية المطلب، بل وانخراط مختلف شرائح المجتمع في الإحتفال به.
 
ثالثا: سقوط التّكهنات التي كانت تشكّك في مصداقيته، إضافة إلى أنه لم  يعد يجادل أي فريق سيّاسي في  شرعيّته التّاريخية والحضارية، كما الجماهيرية علاوة على  مكانته المستمرّة  بديناميات الحركة الأمازيغية.  
أعتقد أن إقرار رأس السّنة الأمازيغية  ليس مجرّد محطّة شكلية للإحتفال الشكلي بها من قبل صانع القرار السّياسي والتّشريعي، بل هي محطّة وجب إعطاؤها مكانتها عبر تنزيل وجودها على أرض الواقع بأبعادها  التاريخية والسّياسية لتعكس عمق الهوية الأمازيغية بالمغرب وبشمال إفريقيا والسّاحل بامتداداتها في الزمان.
 
لكن، من المسؤول عن هذا التلكؤ في عدم الاستجابة لهذا المطلب بعد إقرار الأمازيغية في دستور 2011؟. وما الذي ينبغي فعله اليوم وغدا لتحقيق ذلك؟. 
مرة أخرى، لم يعد يفصلنا عن احتفال المغاربة برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2973 إلا نحو شهر واحد، وهي مناسبة لتحيين الحكومة لأجندتها بوضع حدّ لمسلسل التأخير في إقرار رأس السّنة الأمازيغية عيدا وطنيّا لجميع المغاربة، ووضع حدّ لهدر الزّمن الثّقافي المغربي لما له من تداعيات مختلفة.    
لذلك، أعتقد أن ما يحدث ببلادنا في التّكريس للإنتظارية والتردّد بموضوع رأس السنة الأمازيغية غير مستساغ، حيث لا يمكن أن نحسّ ونستوعب أننا قطعنا مع عهد التّحكم الذي تعدّدت وسائل قصفه الحكومي للأمازيغية خلال العشر سنوات الماضية دون اتخاذ الحكومة الحالية، وكل من له الصفة لقرارات شجاعة وجرّيئة تؤشّر فعلا لما يمكنأان نعتبره فعلا أننا نؤسّس لمصالحة جديدة مع تاريخ بلادنا والتّكريس لوقائع معزّزة بكون الأمازيغية ملك مشترك لجميع المغاربة.       
بعد كل ما ذكر، يتضح أن الملف ما يزال بيد ثلاث مؤسّسات حكومية، وهي رئاسة الحكومة، والأمانة العامّة للحكومة، والمجلس الحكومي، أخذا بعين الإعتبار أن المسار التّشريعي للملفّ يتطلب، بل هو معلّق، حصرا على صدور مرسوم وزاري معدل  للمرسوم رقم 2.77.169  المؤرخ في 28/2/1977.  وأرى أن استجابة الحكومة لمطلب إقرار رأس السّنة الأمازيغية، سيكون إشارة رمزية، وبوابة سيّاسية لتتحرّك القطاعات الوزارية والجماعات التّرابية والمؤّسسات والمنشآت العمومية والمؤسسات والهيآت الدستورية. 
وفي هذا السياق، أعتقد أن للأحزاب السّياسية و لنوّاب الأمّة بغرفتي البرلمان، ”أو على الأقل لمن يؤمن منهم بعدالة مطالب الحركة الأمازيغية،” مسؤولية في التحرّك من جديد لإحاطة الحكومة علما، أو لمسائلتها ، كتابيا أو شفويا ” في مصير إقرار رأس السّنة الأمازيغية، كما أن لمنتخبي الجهات، ووالمجالس الإقليمية كما منتخبي الجماعات المحلية بدورهم مسؤوليّة  في نفس الموضوع وفق ما تمليه عليهم مقتضيات المادة 87 من القانون التنظيمي رقم  113/14. 
وبالمقابل، أميل أيضا إلى ملحاحيّة مواصلة الحركة الأمازيغية بكلّ مكوناتها، الفردية والجماعية، مبادراتها وانخراطها في بلورة رؤى شاملة لمخلّفات العوائق والإكراهات التي تحول دون حصول التقدّم المبتغى بملفّ الأمازيغية، ومواصلة الحركة الأمازيغية لمسارها كمّا وكيفا، يتطلب بالدّرجة الأولى من جهة الإحساس والوعي بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها، ومن جهة ثانية، مطالبون بمراجعة ذاتية للخطاب، وتحيين أدوات العمل، واستحضار المقاربة السّياسية في أي مبادرة يمكن إطلاق ديناميتها، ومن جهة ثالثة، العمل بمنطق براكماتي مشجّع لجميع الأنشطة الإيجابية بجسم الحركة الأمازيغية كيفما كان نوعها أو شكلها أو طبيعتها، دون السّقوط في متاهات اللّغو السّياسي والنّرجسية الذّاتية غير المنتجة. 
ولتكن إذن مناسبة رأس السنة الأمازيغية الجديدة المقبلة 2973، فرصة لمواصلة التّراكما، الإيجابية كلّ من موقعه، علما أن الوضع الحالي للأمازيغية بعدّة مجالات مؤسّساتية ما يزال يعرف نكوصية مقلقة ثابتة بمقتضى صدور قرارات سلبية وثابثة أيضا بأرقام ومعطيات، كما المستندات التّشريعية والسّياسية، وكلّها آلام تنتظر دينامية ترافعيّة عقلانيّة قادرة على إعادة التّوازن لواقعنا ووضعنا ومسارنا. لماذا؟ وكيف؟ وبأية رؤية؟ وذلك ما سأفصّل فيه عندما تتاح الفرصة.