الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: لا تخن وطنك.... فالخيانة ليست بالضرورة اصطفافا مع العدو

خالد أخازي: لا تخن وطنك.... فالخيانة ليست بالضرورة اصطفافا مع العدو خالد أخازي
جميل أن يتصدى المغاربة كل من موقعه لخصوم وحدتنا الترابية ولمن يدبر لهذا البلد الأمين رغم كيد الكائدين مكيدة تلو الأخرى في جنح الظلام أو في غياهب المؤامرات...
جميل أن نرد بالقلم والتاريخ والجغرافيا والسياسة وكل مفاتيح العلوم حجج الواهمين ومخططات ضرب المغرب في مصالحه...
جميل أن نجد محللين مغاربة يردون الوهم بالبرهان القاطع والزيف بالدليل الساطع..
في القنوات الدولية .... وفي المواقع ... وكل الدعامات السمعية والبصرية....
جميل أن نختلف حول البعض...
لكن لا يمكننا إلا أن نثمن مجهوداتهم...
وعلينا أن نرفع لهؤلاء القبعات لا أن نحاول حسرهم في زوايا ضيقة ونكيل لهم التهم...
فقط أحيانا لانهم متحمسون جدا....
فقط لأنهم نمطيين حد الضجر...
لكنهم يخيفون الخصوم...والأعداء...
فمن لا يمن على وطنه.... ولا ينتظر مقابلا.. بطل في عين الشعب والتاريخ....
جميل أن نحلل ونبرهن ونكون لغما في جسد العقل المتآمر...
جميل أن يرد الإعلامي بقلمه... وألا يمن...
جميل أن يرد الفاعل السياسي نفسه بديناميته السياسية داخليا وخارجيا وبمنظومة تحالفاته الدولية الإيديولوجية .. فهذا دوره... وكل تقاعس عن ذلك ... يحسب ضده..
السياسي والحزبي الذي لا يخطو خطوة نحو العدو ليرد عليه ويدحض مزاعمه.... كائن انتخابوي فقط... ومهدد بالتلاشي ..
فالبقاء مشروط بسجل تاريخي.... والتاريخ لا يهتم بالجبناء والعابرين في ظله...
فالوطنية ليست شعارا ولا لقاء تواصليا... ولا يافطة على جدار... ولا جملة في بلاغ أو بيان ولا في ملصق بل فعلا يوميا ودينامية حية قاهرة مخيفة للخصوم... عابرات للوجدان وللقارات...ودينامية في جبهات ساخنة للسياسة والفكر والثقافة... والأدب والرياضة..
وإن كنا لا نفهم صمت بعض مثقفينا... الذين شغلتهم جوائز العرب... وملتقيات الحواريين... فغدوا في وطن داخل وطن....
فبعض المثقفين أكبر أمانيهم منصة في الخليج... وفندق بخمس نجوم.... ودرع من فلين... كثير من الوهم...
قد يخونونك... قد يصنعون لك شتيمة ليرهقوك نفسيا ويدفعوك للصمت
طوبى لمن فوت عليهم حربهم النفسية....
طوبى لمن كلما عيشوه...فحتما أصابهم في مقتل...
فتلك آخر رصاصة يطلقونها في الهواء....
لا يهم... أن يخونوك... فقد خونوا قبلك كل العظماء
فالخيانة الكبرى أن تصطف ضد وطنك وقضاياها...
الخيانة الكبرى هي أن تصمت حين يجب عليك الصراخ في وجه الأعداء..
الخيانة الكبرى أن تصمت خوفا... وطلبا لراحة مزيفة...
لا يهم أن وصفوك بما يظنون أنه سينال من عزيمتك وإصرارك...
فالتخوين كالتكفير وجهان لعملة واحدة...
التطرف والكراهية والشوفينية...
فدافع عن وطنك... بكل إصرار وإلحاح...
دافع عنه ...بكل ما أوتيت من علم وفهم وعشق وفكر وثقافة وسحر قلم وقدم ونزاهة في عمل وعدل وإنصاف وتفان وإخلاص...
بعضهم يريدونك صامتا.... متوجسا... ضائعا..
حين يطبع مع وصف يظنه شتيمة....
كل أوصاف الخصوم أوسمة... مديح لا تجريح...
كل أوصافهم نياشين فهل من مزيد...؟
لأنهم يظنون أن الخيانة هي ألا تكون معهم...
ألا تحب وطنك وملكك وأرضك...
أن تكون خارج الحلم المغربي...
أن تكون جزءا من الهوس والزيف...
يريدونك باردا ... ملتبسا على الأقل... لأنهم يظنون أن التاريخ لا يؤسس الأوطان... وأن الشرعية في الخيانة والاستعباد لا في السيادة والانتماء التاريخي والوجداني ...
دافع عن وطنك... بكل إصرار وقوة...
ذد عن وحدته...ومقدساته... وعن لحمته ومقدراته
دافع عن استقراره.. الذي هو جزء من وحدته... ونعيمه...
نعيمنا وطن لا يتجزأ....
ولا تطلب المقابل... ولا تساوم...
فالخيانة في الحقيقة مساومة وابتزاز وتسعير للوطنية...
لا تنتظر تعويضا ولا تفويضا ولا تصفيقا...
لا تطلب من وطن تؤمن به بقضاياه أن يعوضك على غريزة البنوة.. على لواعج الأمومة... مساعر الانتماء والبهاء والوفاء...
كلنا... ممكن أن ندافع عن وطننا... كلنا... في أي موقع...
فمن يحارب الرشوة يحمي وطنه...
ومن يحارب الفساد يمنع وطنه ضد الوهن...
هناك في الجبهة...جنود مرابطون يردون كيد الكائدين.... لا تنام لهم عين... وعرسهم انتصار الوطن... لا غير في الداخل والخارج عيون لا تنام " القبة الحديدية" رجال ونساء أمن يجهضون خطط الغدر الدموي ويئدون مشاريع القتل الأعمى قبل أن تتشكل...
يحاربون الجريمة بكل أنواعها... وفي ذلك دفاع عن الوطن وقضاياه..
وأنت هل فكرت كيف تدافع عن وطنك ووحدته وترد كيد الكائدين...؟
سأقول لك...
لا تكن فاسدا...
فتضعف مناعتنا الداخلية ضد فيروسات الهدم...
لا تكن مرتشيا... فتفتح للعدو باب النكاية..
نحن في حاجة إلى جبهة داخلية قوية تدافع عن الوطن وقضاياه بالعمل والحكامة لا غير....
نريد قضاء بلا فضائح...
فكل فضيحة في هذا الجسم هي رصاصة في قلب ساق الوطن...
نريد أمنا غير مشروط إلا بخدمة المواطن... ولا مخترق بالآفات...
أمنا... كما نحلم به.. نحبه ويحبنا...
لا نخافه بل يخاف علينا...
ونريد عدالة نطمئن إليهها... نشعر في أرجائنا بالثقة والأمان.. بعيدة عن عبث السماسرة وغواية المال...
نريد تعليما يدافع عن هويتنا ويصنع الأمل والمستقبل...
تعليما مبتكرا لا آلة لتدوير المعارف...
تعليما... يتأسس على تحميل جديد قيادة مشروع وطني تربوي ليس لتجويد التعلمات بل لإعادة النظر في نوعية التعلمات...
لسنا في حاجة إلى عقول تتعلم التعلمات...
لسنا في حاجة إلى التعلمات وفق مقياس جودة مخادع رقمي...
السؤال.. أي تعلمات... فالتعلمات تحيل على التلقين... ومقاربة التلقين هي من تؤسس لفرص الغش... للقضاء على الغش نحن في حاجة إلى تعليم بتقويم يختبر التحدي والابتكار لا الحفظ والتكرار..
أي تعليم يصلح لأبنائنا من شأنه محاصرة اليأس والضجر وصناعة المواطن المفكر .. المبدع... لا المتعلم....
نحن في حاجة إلى من يدافع عن الوطن..
من لا يخونه وطابور المواطنين أمامه...
من لا يخونه وهو يوزع مواعيد الاستشفاء والعمليات الجراحية...
من لا يخونه وهو يغلق باب الحياة أمام المستشفيات...
من لا يعتبر خللا في أجهزة التشخيص أمرا لا يهمه...
من يكون إنسانا ساعة الألم والخوف...
من يتذكر قسم أبي قراط...وهو يرتدي بدلة الأمل...
الدفاع عن الوطن ومقدساته ليس بالضرورة لقاء تلفزيا ونقاش متعدد الأطراف...
الدفاع عن وحدة الوطن واستقراره وقضاياه العليا...
يكون حيث يكون العدل والرحمة والواجب والإخلاص...
لكل منا فرصة أن يكون وطنيا ومواطنا بوسام يراه الشعب...
فلا تكن فاسدا...
لا تكن مرتشٍ...
لا تنس الرحمة وأنت تستقبل الألم والوجع واليأس...
لا تقل أن الأمر لا يهني أن يكون بالإمكان صناعة الأمل...
لا تميز الشعب على أساس النفوذ والمال والسطوة... لأنك تصنع بذلك خصما زاده الحقد...
لا تظلم... فالعدل أساس الملك... فالظلم يصنع التطرف...
ولا عيب أن نهمس في آذان من يهمهم الأمر: إن وأد قانون الإثراء غير المشروع جبن ومحاولة لإضعاف جبهة الوطن الداخلية ضد الفساد، فمن يخاف منه غير الذين لم يتمثلوا جيدا خطب الملك... فمن يخاف من مبدإٍ كوني كربط المسؤولية بالمحاسبة كائن هلامي لا هم له سوى الإثراء بصك الكرسي... ومن دفع بمشروع قانون حق ممارسة الموظفين لأعمال تجارية...فضح نفسه.... وفضح المسكوت عنه....
الخيانة ليست بالضرورة الاصطفاف مع العدو... بل قد تكون إضعاف الداخل وتقديم الوطن على مذبح للمنظمات الدولية...
فاتقوا الله في وطنكم....
 
خالد أخازي، روائي وإعلامي مستقل