Monday 24 November 2025
فن وثقافة

أحمد العهدي يرثي زميله قيدوم الإذاعيين بالداخلة والزجال والكاتب المسرحي عبد اللطيف الطيبي

أحمد العهدي يرثي زميله قيدوم الإذاعيين بالداخلة والزجال والكاتب المسرحي عبد اللطيف الطيبي أحمد العهدي، والراحل عبد اللطيف الطيبي (يسارا)
نعى الإعلامي أحمد العهدي بزخم الحزن قيدوم الإعلاميين بإذاعة الداخلة الجهوية، الراحل عبد اللطيف الطيبي، الزجال الكبير والكاتب المسرحي الذي أثرى الساحة الثقافية بالجهة. وترك الراحل إرثا كبيرا من البرامج الإذاعية والأعمال المسرحية التي شكّلت نبراسًا للإبداع المحلي، كما كان معلمًا ومُلهمًا لجيل كامل من الشباب في المسرح والإعلام. وبهذا فقدت جهة الداخلة وادي الذهب برحيله رمزا فنيًا وإنسانيًا ترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة المنطقة.. 
                                                
 بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، يعتصرها الفقد، ونفوس يثقلها الرحيل، تلقّت ساكنة جهة الداخلة وادي الذهب نعي وفاة قيدوم الإعلاميين بإذاعة الداخلة الجهوية، والزجّال الكبير الذي عاصر أحمد الطيب العلج، والكاتب المسرحي الذي جايل الطيب الصديقي وعمي إدريس، والأب الروحي للمسرح بجهة الداخلة وادي الذهب، المشمول بعفو الله عبد اللطيف الطيبي؛ مواليد 1949 بفاس، قصير القامة طولا، لكنه كبير القيمة إبداعاً ومرفوع الهامة عطاءً.
 له قصائد زجلية وطنية واجتماعية رائعة، نسجها بروح گناوية تسري في عروقه، فهو ابن زاوية شرفاء مولاي إدريس ابن زرهون.
بدأ الراحل الفقيد رحلته الإذاعية من دار البريهي بالإذاعة الوطنية بالرباط، محتكاً بأيقونات من قبيل محمد بنددوش الذي أطلق عليه جلالة المغفور له الحسن الثاني لقب "أسد الإذاعة"، ومصطفى العلوي.
 التحق المرحوم بإذاعة الداخلة ضمن الرعيل الأول منذ تأسيسها في الرابع من مارس 1980، فكان معداً ومقدماً للبرامج، من جملتها: "قالوا زمان"، و"قهوة الصباح"، و"ضيف ومهنة"، و"وراء كل أغنية قصة"، فضلاً عن متابعات وتغطيات أعدها خارج الاستوديو. 
لذلك، لم يكن مجرد صوت في الأثير، ولا مجرد قلم على الورق، بل كان روحاً تنير، ووجداناً يهذب، وصاحب رسالة حملها بثبات وصدق حتى آخر لحظاته التي أسلم فيها روحه لبارئها. وكان قيد حياته من يشرف على تنظيم لوحات حفل ختام السنة الدراسية، بجانب مسعود لعلاوة..
لقد غاب عنا مبدع بالفطرة وموهوب بملكة الكتابة، كان يشبه الجهة التي أحبها: ثابتاً كصحرائها، دافئاً كبحرها، كريماً كنسيمها. غاب من كان يسكب من روحه على المسرح حياةً، ويمنح من كلماته للإذاعة معنى، ويبارك في قلوب شباب الجهة بذور شغف لا تذبل. هو الذي استقطب ممثلين شباب من أبناء الجهة فمارسوا المسرح وذهبوا في مجاله بعيداً. من نماذجهم: فاطمة الغالية الشرادي (دستورة)، وسيدي أحمد شگاف، وعبد الله، ومباركة ديدة، ومحمد معروف، وميالة بوعمود، وسميرة، وخديجة بغداد، وتوفيق شرف الدين... إلخ.
من أعماله المسرحية، وهي كثيرة، مثلّت الجهة مرات بالمهرجان الوطني لمسرح الهواة، نذكر على سبيل الذكر لا الحصر: "شطيح الموضة"، و"شبح الألوان"، و"ملحمة المشعل الخالد"، و"شيبوب في القرن الواحد والعشرين"، و"سوق الإبداع"، و"الساكت مشارك"...ومن الرموز المسرحية بجهتنا التي اشتغلت معه طيلة مساره المسرحي الحافل، وهو رائع أيضاً تشخيصاً وليس فقط تأليفاً، نذكر السادة: محمد الحلوي، والفيلالي عبد الرزاق، ومسعود لعلاوة، وخفيف رضوان، وسيدي أحمد شگاف، وتوفيق شرف الدين..
بوفاته، ولفرادة إبداعاته، لم تفقد الجهة فناناً فحسب، بل فقدت ذاكرة وإيقونة وملهمًا وبوصلةً للجيل الذي تعلّم منه أن الإبداع موقف وشغف وتضحية، وأن الكلمة وعي ومسؤولية وأمانة، وأن المسرح وطن.
ننعاه اليوم بدمع لا يخجل، وبحزن يليق بقيمة الرجال الذين يصنعون أثراً لا يُمحى، لأن البقاء للأثر. ونعزّي أسرته الكريمة، وكل من جاوره في رحلة العطاء، وكل من حمل في قلبه شيئاً من محبة هذا الرجل الذي عاش كبيراً ورحل كبيراً، رحل عنا جسداً لكن روحه الإبداعية الخلاقة ستظل نبراساً وهاجاً وضياء قناديل محبة مشتعلة في أعماق خوالجنا.
فلترقد روحك الطاهرة صديقي العزيز في سلام! ونعاهدك الله أن تبقى قدوة ومرجعا وإشراق ذاكرة جهوية من سماتها الإبداع وتنقية وترقية الذوق الجمعي.
ختاماً، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يغمُره بواسع رحمته التي وسعت كل شيء، وأن يُسكنه جنات النعيم، وأن يجعل إرثه الإذاعي والإبداعي نوراً يجري في ميزان حسناته. ولأهله وأحبته، وللأسرة الإعلامية والمسرحية، صبراً جميلاً وسكينةً تُلهم القلوب. إنا لله وإنا إليه راجعون.