مع اقتراب موعد الانطلاق الفعلي لفعاليات العرض التخييمي لسنة 2025، نقف على أعتاب مرحلة جديدة تحمل في طياتها آمالاً وتطلعات كبرى، تعكس رغبة عميقة في تقديم موسم تخييمي يرتقي إلى مستوى انتظارات الطفولة والشباب في مغرب اليوم... مغرب الطموح والتحديات... في إطار استراتيجية تخييمية دامجة، منصفة، وعادلة.
تمثل هذه المرحلة فرصة لإعادة صياغة الفعل التربوي والمدني، بما يتلاءم مع التحديات المعقدة ومتطلبات التنمية البشرية، وفق رؤية متطورة ومتجددة في المناهج والمحتويات، والأنماط والصيغ.
لم تعد الرقمنة والمخيمات الذكية حلمًا مؤجلاً، بل أصبحت في صلب الفعل التخييمي، تمامًا كما لم يعد "التخييم بالقيم" مجرد شعار براق، بل خيارًا وطنيًّا يستوجب التنزيل بوعي ومسؤولية.
فالتخييم بالقيم يمثل اليوم فرصة تربوية للخروج من حالات التفكك الفكري، والعنف الرمزي، وسيادة خطاب التيئيس. وفي سياق تعقيدات المجتمع المتزايدة، والضغوط القيمية والمعرفية التي تواجه الأجيال الجديدة، تبرز محطات التخييم كمجالات حيوية لإعادة بناء الذات، وتعزيز الثقة بين الأجيال ومؤسسات التأطير التربوي والمدني.
ورغم أن التخييم يُعد فضاءً للترفيه والمتعة، إلا أنه يظل في جوهره مختبرًا تربويًّا مفتوحًا، يتيح للأطفال واليافعين فرص التفاعل الاجتماعي، والاكتشاف الذاتي، والتعبير الحر عن الذات، إلى جانب ترسيخ قيم التشارك، والتسامح، والاندماج المجتمعي.
نحن اليوم أمام تحدٍّ معرفي وتربوي جوهري:ما هي التحولات التي طرأت على عالم التخييم؟ وما المتطلبات الجديدة التي يجب الاستجابة لها؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة تقتضي مراجعة نقدية هادئة للتجارب السابقة، وتقييمًا موضوعيًّا لمسارات العمل، مع تبنّي رؤية تربوية استراتيجية بعيدة المدى تُعيد لتجربة التخييم قيمتها وأهميتها في تنشئة الإنسان.
لقد أكدت التجارب أن نجاح الفعل التخييمي لا يرتبط فقط بالكفاءة اللوجستية أو بمهارات التنشيط، بل ينبع أساسًا من امتلاك مشروع تربوي ومجتمعي متكامل، يعترف بالطفولة كحق أصيل، وبالشباب كقوة استراتيجية للتنمية. كما يؤمن بأن كل لحظة في حياة الطفل واليافع يجب أن تكون غنية بالقيم والمعاني، بما يضمن تحقيق الأهداف التربوية والتنموية المنشودة.
وفي سياق الاستعداد لتنظيم العرض التخييمي الوطني لسنة 2025، لا يقتصر الجهد على الجوانب التنظيمية أو اللوجستية، بل يمتد ليشمل بناء لحظة تربوية وطنية متميزة، تستلهم التجارب العالمية الرائدة، وتعيد صياغتها بما ينسجم مع الخصوصية المغربية المتنوعة ثقافيًّا، ولغويًّا، ورمزيًّا.
إن هذا النهج يسعى إلى تعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ قيم المواطنة، وتحفيز الإبداع والابتكار داخل فضاءات التخييم.