في هذا الحوار يقدم رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانون بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، قراءته لواقعة قيام واليي جهتي فاس ومراكش لعملية النحر في عيد الأضحى، وهي الواقعة التي أثارت موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.
ما هو تعليقك على قضية رجلي السلطة اللذين قاما شعيرة النحر يوم عيد الأضحى؟
ككل المواطنين، فاجئني تصرف واليي جهتي فاس ومراكش، فعندما وصلني الفيديو الذي يوثق لعملية النحر في أول وهلة، ظننت أنه تسجيل قديم ولا يتعلق بعيد هذه السنة، لكن بعد التأكد من الواقعة، أخذتني الدهشة ، وكنت على وشك التعليق عليها في حائطي على الفايسبوك، لكنني تراجعت، ظنا مني ، بأن الأمر، ينطوي على لبس معين، إذ من غير المعقول، منطقيا، إقدام شخصية عمومية، محملة بوظائف أمنية جسيمة على هذا الفعل المستفز ، في ظرفية جد حساسة، تتعلق بمناسبة دينية كبيرة وهي عيد الأضحى الذي ألغي الاحتفال، به هذه السنة للأسباب الموضوعية التي يعرفها الجميع، مباشرة بعد صلاة العيد التي يحج إليها الآلاف من الناس وتتطلب إجراءات أمنية أكثر صرامة، ورغم وجود خطاب ملكي أكد فيه جلالته، أنه ، وبصفته أميرا للمؤمنين، سيضحي عن نفسه وعن أمته، لكن الذي أثار استغرابا أكثر لدى شرائح كبيرة من المواطنين، هو حرص هذين المسؤولين، على النحر في المصلى وفق التقاليد المخزنية المعروفة، وأكيد قبل جلالة الملك، وبكل الهدوء الممكن ، وكأن لا شيء هناك. طبعا تصرف مثل هذا من الصعب تقبله، لا سيما أنه مس بمشاعر شريحة عريضة من المواطنين و لم يكن بالإمكان التكهن بردة فعلهم ، لأنه وقع في مكان و ساعة حاشدين بالناس، لذلك قلت في نفسي، ربما هناك لبس ما في الموضوع، أو تعليمات معينة تدعو للتروي إلى أن تكتمل الصورة و يستقيم الفهم، لكن عندما أخذ الحديث بشأنها يزداد، وفي عدم صدور أي تكذيب رسمي للواقعتين، تاكدت بالفعل أن التصرف وقع بشكل لا لبس فيه، و ككل المواطنين، انتظرت الرد الرسمي إزاءه، لاعتقادي، بأن ردة الفعل هذه، هي التي ستحسم الجدل، حول ما إذا كان فعل السيدين الواليين، هو من محض اختيارهما أم أملته تعليمات معينة، إلى أن جاء خبر توقيفهما الذي نشر على نطاق واسع ودون تكذيب رسمي كذلك، ساعتها، أيقنت بصحة ما نسب إلى الواليين المعنيين، وبأنهما فعلا ارتكبا سلوكا غير مقبول من قبل وال، يفترض أنه ممثل للحكومة وللدولة على حد السواء، والمؤتمن الأول على استتبات الأمن في مجالها الترابي.
هل ترى أن الواليين أخطئا فعلا بتصرفهما؟
ربما، وإن كان من الصعب جدا قبول أن الأمر ينطوي على خطأ معين، على اعتبار ما عرف على السيدين الواليين من مميزات وكفاءة ، أنا هنا بالضبط، أتحدث على والي جهة فاس - مكناس الذي أعرفه جيدا، فقد كان من ضمن أول مجموعة من الشباب خريجي المدارس العليا التي استقبلها جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله، ونوه بتكوينها، وأوكل لها مهمة الإشراف على انطلاقة المراكز الجهوية للاستثمار، وهذا الوالي بالضبط هو الذي أسندت له إدارة مركز الدار البيضاء وما أدراك ما الدار البيضاء، ومن ساعتها وهو يتدرج في سلك رجال السلطة وفي مرتب عليا، وقد عرف عنه، عنايته بالتقاليد المغربية وحرصه على التقيد بالأعراف المخزنية " تمغربيت" فكيف يمكن تصور أن يصدر عنه هذا الخطأ ، الذي لا يمكن أن يصدر إلا على أول مبتدأ في سلك السلطة.
ما هي في نظرك المآلات الممكنة لمسار هذه القضية؟
مع كل التحفظ الممكن، نظرا لعدم وجود معطيات رسمية مؤكدة، فالذي يبدو أن السيدين الواليين تم توقيفهما من طرف وزير الداخلية وإحالتها الى الإدارة المركزية، وبالتالي أرى أن الأمور يجب أن تقف عند هذا الحد، ومن المستبعد الآن الحديث عن أي إجراء إداري آخر، سواء تعلق بالعزل او الإقالة، فهذا شيء سابق لأوانه، إذ هناك مساطر تنفذ في هذا الإطار ويجب احترامها، ومن حق السيدين الواليين الدفاع عن نفسهما وربما تقديم رواية أخرى حول ما وقع، وبعد ذلك، فللإدارة المركزية الوصية ممثلة في وزارة الداخلية، كامل الصلاحية في ترتيب الإجراء المناسب والملائم لحجم الخطأ المرتكب، بمقتضى قرار إداري سيتضمن تفنيدا واضحا للأمور، هل يتعلق بالإقالة أم بالعزل، ولكل حالة شروطها ومببراتها...وفي انتظار صدور ذلك، لا يمكن وصف الإجراء الحالي إلا بكونه توقيف مؤقت عن مزاولة المهام في انتظار اتخاذ القرار النهائي، الذي سيكون بلا شك عادل وموضوعي.