أبانت الكارثة الطبيعية التي أصابت المغرب والمغاربة ككل عن تركيبة مستجدة في حميمية وطنية المغاربة، و التي لن ننكر أنها كانت مستفحلة في الشعب المغربي منذ القدم لما عرف به من تآزر و ترابط في السراء والضراء، والتاريخ المغربي العميق يشهد بذلك، وليس هناك أروع مثل مما شهدته المسيرة الخضراء من استجماع للقوى وحشد للعزائم، في سبيل تحرير الصحراء المغربية من قوى الإستعمار.
إلا اننا نشيد في وقتنا الراهن ونسجل طفرة سوسيولوجية و سيكولوجية و تاريخية ان كان لزاما التركيز على عوامل الزمن، خلال زلزال المغرب الأخير، حيث انبعث المواطن المغربي باختلاف طبقاته الإجتماعية، لنجدة المتضررين من الزلزال، فتجد المسن والصغير والشابة ،الفقير والغني ، الكل في خدمة الآخر..
فنظمت قوافل في كافة ربوع الوطن في ملحمة لا مثيل لها مسرعين نحو البؤرة والنواحي، إن المغربي بطبعه ونظرا لقيمه الإسلامية والإنسانية كان يعيش وفق مبدأ الإحسان والصدقة ومتشبع بفكرة التضامن، لا سيما وأن المغرب في السنوات الأخيرة ملتزم بمبادئ التضامن والتشارك الإجتماعي لحماية ومساندة المواطن في وضعية هشة، وهذا الذي تحرص عليه حكامة القوانين المنظمة للحماية الاجتماعية. ونجد التفسير وراء هذه المشاهد التضامنية وراء تواتر الكوارث والمعضلات على المغرب، فبعد أن تعرض العديدون لجائحة كورونا و فقدوا الأقارب والأصدقاء وتدهورت صحتهم، ازداد هاجس الخوف، وتوطدت علاقات المودة والوطنية..
ومن جهة أخرى تلعب رمزية الجبال دورا تاريخيا وجغرافيا حيث أن المغرب العميق متجذر في قلوب المغرب ولا تمر محافل او مناسبات تدعو للإصلاح إلا و تم التطرق له.
إن المغرب ملكا وشعبا استطاع أن يقف وقفة رجل واحد جاعلا من هذه الكارثة فرصة لتجديد العهد والصلة بانسانيتنا وكرمنا والتأكيد على قيمنا الإسلامية الحقة والتميز اقليميا وعالميا.