يشكل اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2797 بشأن قضية الصحراء المغربية، بأغلبية واسعة ودون اعتراض من طرف أي دولة عضو في المجلس، انتصاراً باهراً للدبلوماسية المغربية، ومنعطفاً حاسماً في مسلسل التسوية السلمية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل. ومن أبرز تجليات هذا الفتح الجديد للدبلوماسية المغربية، هي تلك الصيغ القانونية الجديدة التي استعملها مجلس في هذا القرار التاريخي، مقارنة بالصيغ القانونية التي استعملها في قراراته السابقة منذ أن اقترح المغرب “مبادرة نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء” على منظمة الأمم المتحدة سنة 2007.
وعند القراءة القانونية لمضمون قرار مجلس الأمن الجديد، يتبين بوضوح أن المجلس يؤكد بصفة صريحة سيادة المغرب على الصحراء، حيث يعتبر أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر جدوى لتأطير المفاوضات بين أطراف النزاع، قصد التوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل والذي طال أمده. بل يقرّر المجلس أن نظام الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أساس لحل عادل ودائم ومقبول من طرف الفرقاء. وهكذا فإنه بمقتضى هذا القرار الأخير للمجلس لم يعد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مقترحا مغربيا فقط، بل أصبح الحل الوحيد الذي يطالب مجلس الأمن باعتماده كمرجعية قانونية ودبلوماسية للمفاوضات النهائية بشأن التسوية السلمية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
وهكذا حسم هذا القرار الأممي في الجدل القانوني والسياسي الذي يثيره أعداء الوحدة الترابية للمملكة، وكرس بالتالي الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بوصفه الإطار المرجعي للتفاوض، ونقل النقاش من مرحلة الاقتراح إلى مرحلة تفعيل الحكم الذاتي والتفاوض بشأن تفاصيله التقنية لتنزيله على أرض الواقع. وكما جاء في الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة مباشرة بعد اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 31 أكتوبر، والذي أكد فيه أن القضية الوطنية الأولى دخلت “مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات، الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة. وفي سياق هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدمها للأمم المتحدة، لتشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق”.
وعند تحليل نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء الذي طرحه المغرب منذ البداية، فإنه يلاحظ استلهامه لمجموعة من المعايير المعتمدة في الممارسات الدولية الفضلى لتدبير الخلافات الترابية، وعلى رأسها مبدأ السيادة ومبدأ الوحدة ومبدأ الديمقراطية. كما الخطوط العريضة لهذا النموذج المغربي عملت على الاستفادة من تجارب الدول ذات الممارسة الدستورية العريقة، والتي سبق وأن اختارت آلية الحكم الذاتي لحل مشاكل ذات الطابع المحلي والإقليمي، حماية للوحدة الوطنية بين المكونات الاجتماعية للبلد الواحد ومراعاة للتمايز بين هذه المكونات على المستوى الجغرافي والثقافي.
وفي مقدمة التجارب الناجحة ومن أبرز الممارسات الدولية الفضلى والنماذج الرائدة منذ سنين فيما يخص تطبيق نظام الحكم الذاتي، نذكر بالخصوص نموذج الحكم الذاتي الذي تطبقه المملكة الإسبانية بمقتضى دستورها لعام 1978، في بعض الأقاليم، كإقليم كاطالونيا وإقليم الباسك وإقليم نافارا... فقد أرست المادة الثانية من الدستور الإسباني نوعاً من التوازن الذكي بين وحدة الأمة الإسبانية غير القابلة للتجزئة وبين الاعتراف وضمان الحق في الحكم الذاتي للقوميات والأقاليم. فالدولة بمقتضى هذا النظام تتولى سن القانون الإطار أو القواعد الأساسية في مجالات مثل الصحة والتعليم، وتقوم الجهات المتمتعة بالحكم الذاتي، بتطوير هذه القواعد تشريعيًا وتنفيذها بما يتناسب مع خصوصياتها الثقافية والجغرافية.
وفي هذا السياق فإن ما يميز نظام الحكم الذاتي من المنظور المغربي هو كونه يستجيب للمبادئ التي تقوم عليها منظومة الأمم المتحدة، عبر الجمع بين ممارسة تقرير المصير واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها. فنظام الحكم الذاتي يتسم بخصوصية مغربية واضحة، فهو ينسجم تماما مع أحكام دستور 2011 الذي يتبنى نظام الجهوية المتقدمة، ويراعي مصالح ساكنة الأقاليم الجنوبية، التي يضمن لها المشاركة السياسية في إطار مؤسسات منتخبة ومسؤولة. وفي ذات الوقت يوفر الدستور إطاراً مرناً وملائماً يمكن الاستناد عليه لمنح جهة الصحراء نظام حكم ذاتي يتمتع بصلاحيات أوسع ويراعي الخصوصيات الاجتماعية والثقافية لجهة الصحراء، دون المساس بالبنية الموحدة للدولة أو بالاختصاصات السيادية للملك والحكومة المركزية.
وعند القراءة القانونية لمضمون قرار مجلس الأمن الجديد، يتبين بوضوح أن المجلس يؤكد بصفة صريحة سيادة المغرب على الصحراء، حيث يعتبر أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر جدوى لتأطير المفاوضات بين أطراف النزاع، قصد التوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل والذي طال أمده. بل يقرّر المجلس أن نظام الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أساس لحل عادل ودائم ومقبول من طرف الفرقاء. وهكذا فإنه بمقتضى هذا القرار الأخير للمجلس لم يعد الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية مقترحا مغربيا فقط، بل أصبح الحل الوحيد الذي يطالب مجلس الأمن باعتماده كمرجعية قانونية ودبلوماسية للمفاوضات النهائية بشأن التسوية السلمية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل.
وهكذا حسم هذا القرار الأممي في الجدل القانوني والسياسي الذي يثيره أعداء الوحدة الترابية للمملكة، وكرس بالتالي الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بوصفه الإطار المرجعي للتفاوض، ونقل النقاش من مرحلة الاقتراح إلى مرحلة تفعيل الحكم الذاتي والتفاوض بشأن تفاصيله التقنية لتنزيله على أرض الواقع. وكما جاء في الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة مباشرة بعد اعتماد قرار مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 31 أكتوبر، والذي أكد فيه أن القضية الوطنية الأولى دخلت “مرحلة الحسم على المستوى الأممي، حيث حدد قرار مجلس الأمن المبادئ والمرتكزات، الكفيلة بإيجاد حل سياسي نهائي لهذا النزاع، في إطار حقوق المغرب المشروعة. وفي سياق هذا القرار الأممي، سيقوم المغرب بتحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي، وسيقدمها للأمم المتحدة، لتشكل الأساس الوحيد للتفاوض، باعتبارها الحل الواقعي والقابل للتطبيق”.
وعند تحليل نظام الحكم الذاتي لجهة الصحراء الذي طرحه المغرب منذ البداية، فإنه يلاحظ استلهامه لمجموعة من المعايير المعتمدة في الممارسات الدولية الفضلى لتدبير الخلافات الترابية، وعلى رأسها مبدأ السيادة ومبدأ الوحدة ومبدأ الديمقراطية. كما الخطوط العريضة لهذا النموذج المغربي عملت على الاستفادة من تجارب الدول ذات الممارسة الدستورية العريقة، والتي سبق وأن اختارت آلية الحكم الذاتي لحل مشاكل ذات الطابع المحلي والإقليمي، حماية للوحدة الوطنية بين المكونات الاجتماعية للبلد الواحد ومراعاة للتمايز بين هذه المكونات على المستوى الجغرافي والثقافي.
وفي مقدمة التجارب الناجحة ومن أبرز الممارسات الدولية الفضلى والنماذج الرائدة منذ سنين فيما يخص تطبيق نظام الحكم الذاتي، نذكر بالخصوص نموذج الحكم الذاتي الذي تطبقه المملكة الإسبانية بمقتضى دستورها لعام 1978، في بعض الأقاليم، كإقليم كاطالونيا وإقليم الباسك وإقليم نافارا... فقد أرست المادة الثانية من الدستور الإسباني نوعاً من التوازن الذكي بين وحدة الأمة الإسبانية غير القابلة للتجزئة وبين الاعتراف وضمان الحق في الحكم الذاتي للقوميات والأقاليم. فالدولة بمقتضى هذا النظام تتولى سن القانون الإطار أو القواعد الأساسية في مجالات مثل الصحة والتعليم، وتقوم الجهات المتمتعة بالحكم الذاتي، بتطوير هذه القواعد تشريعيًا وتنفيذها بما يتناسب مع خصوصياتها الثقافية والجغرافية.
وفي هذا السياق فإن ما يميز نظام الحكم الذاتي من المنظور المغربي هو كونه يستجيب للمبادئ التي تقوم عليها منظومة الأمم المتحدة، عبر الجمع بين ممارسة تقرير المصير واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها. فنظام الحكم الذاتي يتسم بخصوصية مغربية واضحة، فهو ينسجم تماما مع أحكام دستور 2011 الذي يتبنى نظام الجهوية المتقدمة، ويراعي مصالح ساكنة الأقاليم الجنوبية، التي يضمن لها المشاركة السياسية في إطار مؤسسات منتخبة ومسؤولة. وفي ذات الوقت يوفر الدستور إطاراً مرناً وملائماً يمكن الاستناد عليه لمنح جهة الصحراء نظام حكم ذاتي يتمتع بصلاحيات أوسع ويراعي الخصوصيات الاجتماعية والثقافية لجهة الصحراء، دون المساس بالبنية الموحدة للدولة أو بالاختصاصات السيادية للملك والحكومة المركزية.
محمد البزاز، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس
