السبت 20 إبريل 2024
اقتصاد

الريصاني.. خبراء وباحثون يؤكدون على ضرورة حماية المجال الواحي والإعلان عنه كتراث وطني

الريصاني.. خبراء وباحثون يؤكدون على ضرورة حماية المجال الواحي والإعلان عنه كتراث وطني مشهد من الحضور الذي تابع اللقاء الفكري حول الواحات الذي احتضنته الريصاني
افتتحت يوم الأربعاء 25 ماي 2022 بمدينة الريصاني أشغال الندوة الوطنية التي تحمل شعار " الواحة والتحولات الاجتماعية : الإنسان والمجال والمجتمع " والتي تنظمها مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بشراكة مع جمعية جهات المغرب، وبتعاون مع قطاع الثقافة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، ووكالة التنمية الفلاحية، وتستمر أشغالها الى غاية يوم الجمعة 27 ماي 2022.

وقد تميز أشغال افتتاح هذه الندوة الوطنية بحضور عدد هام من المؤسسات والخبراء والباحثين والمعنيين.
وقال محمد الدرويش، رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم في كلمته الافتتاحية لهذه التظاهرة العلمية الوطنية إن الواحات المغربية والتي تمتد على مساحة 226583 كلم مربع من فكيك إلى أسا الزاك، تمتاز بمؤهلاتها الطبيعية والايكولوجية وسجلها التاريخي الذي امتاز دوما بإمكانات جغرافية وتراثية جعلتها مناطق عبور واستقرار وتلاقح الأفكار والعادات والتقاليد خلال عقود من الزمن مما جعل منها محور اهتمام الفاعلين والأكاديميين والاقتصاديين السياحيين والسياسيين رغم ما عانته المنطقة من انعكاسات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وتراجع احتياطي الماء و قلة فرص الشغل وهجرة السكان خصوصا الشباب منهم بحثا عن أسباب العيش الكريم وتحسين أنماطه وهروبا من قساوة الطبيعة ونتائج الاختلالات البيئية والطبيعية والمجالية التي عرفتها هاته المناطق، مما فرض على الحكومات المتعاقبة البحث عن حلول لواقع يزداد تعقيدا كان آخرها خطة العمل الاستراتيجية لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات من أجل حماية الواحات من خطر الحرائق، وذلك عبر الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان والمصالح الجهوية.

وأكد الدرويش في كلمته على ضرورة تحصين الموروث الثقافي المغربي ومواجهة كل محاولة للاستيلاء عليه من داخل المغرب أو خارجه، وتثمين الإحداث الرسمي لعلامة تراث المغرب بهدف حماية  تراثنا بكل أنواعه ومجالاته لأنه يشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة والهوية المغربية والتي تمثل خلفية رئيسية وفاعلة لممارسات الإنسان المغربي في علاقته بالمجتمع والتاريخ.

كما دعا الحكومة الى الإسراع بتوفير كل الظروف المطلوبة من اجل الاعلان عن الواحة تراث وطني، والجامعات المتواجدة في جهات الواحات الى إحداث تخصصات تهم الواحات وكل قضاياها، وإحداث مراكز ثقافية تعنى بقضايا الواحات تاريخا وثقافة ومكونات طبيعية وإيكولوجية، والإسراع بإنشاء جامعة  في جهة درعة تافيلالت.

الجلسة الافتتاحية تميزت أيضا بكلمة إبراهيم حافيدي، المدير العام للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و شجر الأركان والتي تلاها نيابة عنه علي أبرهو مدير تنمية مناطق الواحات، والذي أشار أن المجال الواحي هو أحد القطاعات الاقتصادية التي تنتج مجموعة من المواد الأولية وتشكل مجالا جغرافيا واسعا ودرعا لحماية المجال البيئي  في الصحراء دون إغفال دورها التاريخي، وهو مجال يهم خمسة ملايين شخص، ويمتد على خمس جهات و 16 إقليم .

كما تطرق إلى إنشاء وكالات تنمية الواحات عام 2009 كسابقة على الصعيد العالمي والتي تكريسا للإرادة الملكية لتنمية هذه المناطق، موضحا بأن الوكالة تعد هيئة موجهة لخدمة التنمية الملائمة والمستدامة للواحات وتلعب دور المحرك والمسهل للمبادرات في مجال الواحات كما أنها لها أيضا دور الساهر والمتتبع لتطور هذه الفضاءات من خلال التنسيق بين جميع الجهات الفاعلة محليا من سلطات محلية وجماعات ترابية ومؤسسات المجتمع المدني، فهي تسعى جاهدة الى تعزيز التنمية المستدامة عبر إنجاز برامج تنموية ذات طابع اقتصادي واجتماعي وثقافي وبيئي وانساني .

وذكر نفس المسؤول في كلمته باستراتيجية الوكالة لتنمية هذه المجالات والتي تم تقديمها أمام أنظار الملك بالرشيدية في أكتوبر 2013 والتي تتوخى جعل المجال الواحي مجال جذاب، عبر تحسين الظروف المعيشية لجميع المواطنين وتقوية قدراتهم من خلال تعزيز الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وطرق وتطوير خدمات الرعاية والتعليم وإنشاء البنيات التحتية الثقافية والرياضية، وخلق الثروة عبر تعزيز الموارد الطبيعية لتعود بالنفع على الساكنة من خلال القطاعات المنتجة وهي الزراعة والسياحة والصناعة التقليدية، بالإضافة الى حماية تراث المجال الواحي.
 
من جهته قال جمال الدين الهاني، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط في تصريح لجريدة " أنفاس بريس "، إن الندوة العلمية المنظمة بالريصاني تدخل في إطار انفتاح الجامعة على محيطها الجهوي، حيث سبق لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالربط أن ندوة عام 2016 حول الموروث الثقافي و الأركيولوجي لسجلماسة، مضيفا بأنه من واجب الجامعة الانفتاح على محيطها، وأشار الهاني أن الندوة ستتطرق الى العديد من القضايا المهمة ومن ضمنها الواحة كفضاء تعيش فيه وتشتغل فيه شريحة مهمة من المجتمع المغربي، داعيا الى الحفاظ على هذا الفضاء من ناحية التنوع الايكولوجي، والعناية بأشجار النخيل وحمايتها من بعض الأمراض التي تتعرض لها.

وأشار محاورنا أن هذه المناطق تتميز بندرة الماء، داعيا الى ضرورة اعتماد سياسة وطنية لتدبير الماء، مقترحا أن تدخل مقاربة تدبير الماء في تكوين التلاميذ والطلبة، وتنظيم حملة تحسيسية عبر مختلف وسائل الإعلام حول الموضوع، مضيفا بأن ما يمييز المغرب هو كون جميع موارده المائية مصدرها جبال مغربية عكس عدد من البلدان التي تعتمد على موارد مائية مصدرها بلدان مجاورة، مما يجعلها تفتقد للاستقلالية في تدبير المياه.

وتميز حفل الافتتاح بتكريم مجموعة من الأساتذة الباحثين وفنان محلي تقديرا لمجهوداتهم ومسارهم وعطاءاتهم، واختتمت الجلسة الافتتاحية بحفل فني أحياه الفنان فؤاد طرب، حيث استمع الحاضرون لأغنية " واحات بلادي " تتغنى بواحات المنطقة أنتجتها مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم وأذيعت لأول، وهي من كلمات عبد الرحمان بندحو وألحان سعيد المسعودي .

ويرتقب أن تختتم هذه التظاهرة العلمية بالإعلان عن تأسيس منتدى السوسيولوجيين والأنتروبولوجيين المغاربة وهو إطار مدني يعنى بقضايا المجتمع وتحليلها ورصدها واقتراح حلول لمعضلاتها اعتمادا على العلم والمعرفة .