الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

فصلها أبو وائل: الإدارة الأمريكية تدق آخر مسمار في نعش الطوابرية بالمغرب وتكشف أباطيلهم

فصلها أبو وائل: الإدارة الأمريكية تدق آخر مسمار في نعش الطوابرية بالمغرب وتكشف أباطيلهم الرئيس الأمريكي جو بايدن
بانتهاء هذا الأسبوع (23يناير2022)، يكون الساكن الجديد في البيت الأبيض جو بايدن قد أمضى سنة كاملة من ولايته الرئاسية، وهي مناسبة أخرى لفهم طريقة اشتغال ماكينة صناعة القرار الأمريكي والفروق الموجودة بين الساسة والأحزاب وجماعات المصالح هناك، ولكنها مناسبة أهم للوقوف عند حجم الأوهام والأماني التي ساورت خيالات الطوابرية فبنوا عليها مشاريع وهمية سرعان ما اتضح أنها سراب بقيعة حسبوها ماء فلما جاؤوه لم يجدوا شيئا. ظن الماتي أنيس عيشة قنديشة ومن على شاكلته أن وصول الديمقراطيين للحكم متنفس لهم وسيمكنهم من وسائل ضغط على المغرب فإذا بهم يكتشفون أن المغرب لم يغير سياساته وطريقة اشتغاله. توقع أشباه المحللين أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستعيد النظر في الاعتراف بمغربية الصحراء فإذا بهم يتلقون الصفعة تلو الصفعة ولم يتأثر الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بل تأكد الدور الأمريكي الداعم للمقترح المغربي للحكم الذاتي في قرار مجلس الأمن رقم 2602 الذي أصاب الجزائر والبوليساريو بالسعار وأصاب جزء منه طوابرية الداخل والخارج الذين فقدوا بريكول كانوا يسترزقون منه ويستقوون به على المغرب. ماذا تغير بعد مرور سنة على حكم بايدن تجاه المغرب؟
كنت أشرت في هذا البوح قبل تولي بايدن بأن الاستمرارية هي السمة الأساسية التي ستميز ولايته وأنها ستكون بمثابة ولاية ثالثة لأوباما. الآن، اتضح جليا أن الديمقراطيين أوفياء لسياساتهم القديمة في المنطقة العربية واستفادوا من الأخطاء السابقة وصاروا أكثر دراية وخبرة وأحرص على تجنيب المنطقة مغامرات إضافية، كما اتضح أن أولويات الإدارة الأمريكية الحالية متجهة نحو قضايا غير عربية مثل الملف الإيراني والأفغاني اللذان يستغرقان وقتا وجهدا أكبر من الدبلوماسية الأمريكية.
كشفت سنة كاملة أن الطوابرية لا يحسنون قراءة ما يحيط بهم من تحولات ويراهنون على السراب ويرهنون مصائرهم بقضايا خاسرة ويتناسون أن المغرب دولة ذات سيادة والسلطة فيه لمؤسسات مستقلة منظمة وفق الدستور والقانون الذي أقره المغاربة فقط ولا أحد، كائنا من كان، يمكنه التدخل في اختصاصاتها. كان الماتي يظن أن مقالا عنه في جريدة أمريكية كاف لاستنفار البيت الأبيض لاستدعاء المغرب وإملاء شروطه عليه، كما كان يظن العروبي في ميركان أن جنسيته الأمريكية "كارت بلانش" للسب والقذف دون حسيب أو رقيب، وكان يظن بعض حقوقيي آخر الزمان أن تقريرا لمنظمة "حقوقية" كاف لجعل المغرب يخشى الحملة ضده ويتراجع عن متابعة مذنبين أو تجعل القضاء يحابي من يظنون أنفسهم مواطنين من درجة استثنائية. خاب ظن هؤلاء جميعا ووجدوا أنفسهم أمام القضاء بما اقترفوه من تهم وأمام قوانين مصاغة بمواصفات حقوقية ومتلائمة مع مقتضيات كل الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب.
لذلك، على الطوابرية استيعاب هذا المتغير والتأقلم مع هذا المستجد وتوفير جهودهم لما هو أهم وأفيد وهو الدفاع عن أنفسهم وإثبات براءتهم أمام القضاء المغربي وتفنيد الأدلة المادية التي يواجهون بها. هذا وحده السبيل لإنقاذ ماء وجههم أمام محكمة القضاء ومحكمة الرأي العام.
يواجَه الماتي بجرائم غسيل الأموال وتحويل وجهتها لتحقيق مصالح شخصية والأدلة على ذلك بالعشرات وهي عبارة عن تحويلات وحسابات وعقارات لا تتناسب مع طبيعة مهنته ومداخيلها. عليه التجاوب مع أسئلة المحققين التي ظل يرفض الإجابة عنها مفضلا الصمت، وعليه تنوير الرأي العام بالحقائق بعيدا عن التمسك بنظرية المؤامرة والاستهداف لأنه معارض للنظام لأن لا أحد يصدق هذه "الخرافة" فليس هو الأول أو الأخير الذي يعارض النظام ولكن على من يعارض النظام أن يكون منسجما مع ما يدافع عنه.
وعلى من يحابي سليمان الريسوني أن يستوعب هذه المتغيرات ويفهم أن ندوة أو بيانا أو توقيعات متضامنة لن تغير من الحقيقة شيئا ولن تصنع واقعا مخالفا للحقيقة. تنتهي الندوة وينتهي مفعولها الباهت وتبقى الأدلة قائمة لأن لا أحد من المتضامنين امتلك شجاعة فحصها وتفنيدها ولأن الجميع يعلم حقيقتها بما في ذلك أقرباؤه.
وعلى من يحابي بوعشرين الانتباه إلى أن الاستقواء بتقارير ومحامين أجانب ومقررين أمميين لن يركع المغرب ولن يخضعه لنزوات شخص اتضح أنه مريض ومهووس بالجنس ولا يتوانى في استغلال سلطته المهنية ومكان العمل وثروته التي راكمها من أموال الدعم وابتزاز الغير. مرة أخرى على بوعشرين وعمر راضي وسليمان وزيان سلوك الطريق الأسلم والأضمن أمام الرأي العام، وهو طريق الحقيقة والاعتراف وتقصير المسافة المعروفة نهايتها طالما أن الأدلة موجودة ولا قدرة لهم على دحضها أمام القضاء.
أصبحت الإدارة الأمريكية اليوم أكثر استيعابا لأساليب الطوابرية في رمي بلدانهم بالباطل، وأكثر اتزانا في التعامل مع ادعاءاتهم، وأكثر تقديرا للمجهودات التي بذلها المغرب في مجال الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان. بل يمكن القول أن الإدارة الأمريكية الجديدة استوعبت جيدا مقلب ما سمي بالربيع العربي الذي تحول إلى خريف مدمر لكل الدول التي مر منها، ووحدها الإدارة الأمريكية تتحمل اليوم تداعياته في أكثر من بلد. وحده المغرب، بحكمة ملكه وتفهم المغاربة ويقظة مؤسساته، تجنب السقوط في مطب هذه العاصفة. وها هو اليوم يؤكد فعلا أنه استثناء في المنطقة العربية، ويعيش تحوله بشكل هادئ وسلس ومتوازن بضمانة ملكية واعتراف دولي وانخراط واسع للمغاربة.
وبعيدا عن الصدمة الذاتية التي تلقاها الطوابرية من الإدارة الأمريكية الجديدة التي ظنوها رهن إشارتهم لتبني جرائمهم وتبييض خروقاتهم لقوانين بلدهم وحقوق غيرهم، تلقى الطوابرية صدمة أخطر كشفت تواضعهم المعرفي وحقدهم على بلدهم وهي تلك التحليلات الخيالية لمغزى ودلالات الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء. يمكن اليوم لكل قارئ الرجوع إلى تلك التحليلات التي بخست هذا الحدث واعتبرته تصرفا شخصيا لترامب ويفتقد للأثر القانوني ولم يتبق يومها لأنصاف المحللين إلا قول أنه والعدم سيان. 
ها قد مرت السنة بالتمام والكمال، ومر معها هذا القرار من كل الاختبارات والمنعطفات ولم ينقص مفعوله ولم تبطل مقتضياته واتضح أثره في القرار الأممي 2602 الذي تلقاه الطوابرية بالتشكيك  والبوليساريو بالوعيد والجزائر بالتعبئة المضادة الفاشلة. كيف التقت إرادات هؤلاء جميعا للتنقيص من انتصار دبلوماسي مغربي في ظرفية جد حساسة؟ هل هو مجرد التقاء موضوعي أم هي نفس الجهة الموجهة لهم جميعا؟
شخصيا، لم أكن بحاجة إلى مثل هذا الحدث لأكتشف الفراغ المعرفي لكل الطوابرية، ولكن كشفت هذه المناسبة هذه الحقيقة لكل المغاربة كما كشفت عنادهم وإصرارهم على بذل مجهودات خرافية للانتصار لأوهامهم.
ها نحن بعد سنة من حكم الديمقراطيين أمام تحرك دولي للمساعي الأممية لحلحلة الوضع الجامد في ملف الصحراء المغربية. تم تعيين مبعوث أممي جديد، وتم استصدار قرار من مجلس الأمن يتسم بالواقعية، وبدأ المبعوث الأممي على ضوئه جولته في المنطقة مع كل أطراف هذا النزاع المفتعل. وهي وسيلة إيضاح أخرى للمغاربة لمعرفة حقيقة الطوابرية وانتماءهم لهذا الوطن وتهمهم بقضاياه.
كعادتهم، لم يُسمع للطوابرية صوت وهم يرون ميليشيات البوليساريو تهدد بالحرب وتخرق اتفاق وقف إطلاق النار بأعمالها العدوانية على الكركرات، ولم يكلفوا أنفسهم عناء استنكار هذه الأعمال العدائية، ولم يعلقوا على حماقات حكام الجزائر بعد قطعهم للعلاقة مع المغرب بدون مبرر منطقي وحقيقي، ولم يستنكروا الاتهامات المجانية التي أطلقتها الآلة الدعائية الجزائرية ضد المغرب ومصالحه. هل يمكن بعد كل هذا الاقتناع أن الماتي وزيان والمومني وغيرهم يعارضون النظام فقط وليس مصالح المغرب؟.
عن موقع "شوف تيفي"