الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

الزرايدي بن بليوط : هذه نتائج انتصارات المغرب الديبلوماسية في قضية الصحراء

الزرايدي بن بليوط : هذه نتائج انتصارات المغرب الديبلوماسية في قضية الصحراء عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط
تستعد بلادنا على بعد أيام قليلة، بالاحتفاء بالذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء، على إيقاع انتصارات ومتغيرات ومؤشرات كلها تصب في خانة تعزيز المكتسبات الديبلوماسية والسياسية التي حققها ويحققها المغرب في ملف وحدته الترابية، والحفاظ على سيادة أقاليمه الجنوبية، رغم كل المناورات التي يقوم بها الكيان الوهمي للبوليساريو، ولبعض من أذنابها وعناصرها الهمجية التي تحاول عرقلة جهود المنتظم الدولي.
فهو احتفال بطعم الانتصارات، التي باتت بلادنا بقيادة الملك محمد السادس، تحققها على الأرض، ومنها توالي إعلان دول إفريقية وعربية افتتاح قنصلياتها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، ومنه إعلان دولة الإمارات الشقيقة، الالتحاق بركب الدول الإفريقية، وفتحها قنصلية بمدينة العيون، وهو القرار الذي يُبرز تحولاً عميقاً على مستوى الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية.
كما يأتي تخليد المغرب لهذه الذكرى العزيزة على قلوب كافة المغاربة، على بعد ساعات من صدور قرار مرتقب لمجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الوضع بالصحراء المغربية، والذي من المنتظر أن يتضمن، تمديد مدة بعثة المينورسو سنة كاملة، مع الدعوة إلى الإسراع في تعيين مبعوث أممي جديد للصحراء، من طرف الأمين العام للأمم المتحدة.
فحسب آخر المستجدات يتضح بما لا يدع مجالا للشك، أن القرار الإمارات الأخير سيكون له ما بعده بخصوص ملف نزاع الصحراء المغربية، وسيفتح الطريق سالكا أمام عدد كبير من الدول العربية ودول الخليج لكي تلتحق بالمبادرة الاماراتية وتدعم الموقف المغربي في الحفاظ وصيانة سيادته الوطنية على كافة ترابه، فقد تحدثت بعض المصادر الإعلامية، عن قرب افتتاح قنصلية عامة لمملكة البحرين في أقاليمنا الجنوبية.
فهذه الدينامية الجديدة للقرار الإماراتي كما أوضح بلاغ الديوان الملكي، الصادر يوم الثلاثاء الماضي، من شأنه أن يؤكد على العلاقات القوية الثنائية التي تجمع المغرب والإمارات، مشيراً إلى أن الاتصال الهاتفي الذي جمع الملك محمدا السادس وولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات يندرجُ في سياق "التنسيق والتشاور الدائمين بين قيادتي البلدين، وما يجمعها من عمق أواصر الأخوة الصادقة والمحبة المتبادلة، وكذا في إطار علاقات التعاون المثمر والتضامن الفعال التي تجمع المملكة المغربية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة". وهو الاتصال الذي أعرب فيه الملك محمد السادس عن "اعتزازه العميق بقرار الإمارات، كأول دولة عربية تفتح قنصلية عامة بالأقاليم الجنوبية للمملكة؛ وهو قرار يجسد موقفها الثابت في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ووقوفها الدائم إلى جانبه في مختلف المحافل الجهوية والدولية".
الموقف الرسمي للدولة المغرببة، يعتبر أن "الدبلوماسية المغربية تجني ثمار السياسة الإفريقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس"، ف"خلال عشرين سنة، انبنت هذه السياسة الملكية السديدة على المبادرة والتضامن وربط القول بالفعل، وتأسست على شراكات مثمرة يستفيد منها الجميع".
وفي هذا السياق يوضح السيد ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الافريقي، أن هذه الرؤية الملكية "جعلت المغرب شريكا ذا مصداقية، وذا حضور وازن داخل الاتحاد الإفريقي والمؤسسات الإفريقية برمتها". وأضاف السيد الوزير، أن "شراكاتنا لم تعد تقتصر على محيط المملكة القريب، بل امتدت إلى دول من أقصى جنوب القارة، وتنبني على نفس مبادئ التعاون والمصداقية والصداقة المثلى"، مشيرا إلى أن العديد من دول القارة تعتبر المغرب شريكا يمكن التعويل عليه.
في الضفة الأخرى، كان لافتا تنويه الإعلام بما تجنه الديبلوماسية المغربية من مكاسب، وفي هذا الصدد اعتبرت مجلة (أتالايار) الإسبانية، أن افتتاح قنصليات عامة لعدد من الدول الإفريقية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، يشكل "انتصارا دبلوماسيا للمغرب فيما يتعلق بسيادته على الصحراء".
وقالت مجلة (أتالايار) المتخصصة في قضايا المغرب العربي إن "فتح 15 دولة قنصليات في الصحراء بالمغرب يشكل تغييرا مهما في موقف هذه الدول الإفريقية" اتجاه دعم سيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، مشيرة إلى أن المغرب ما فتئ يحصل على المزيد من الدعم بخصوص قضية الصحراء.
وحسب المجلة الإسبانية، فإن "الواقع يؤكد أن دعم البلدان الإفريقية لمغربية الصحراء الذي يزيد يوما بعد يوم، من خلال إشارات ومبادرات دبلوماسية، يعد انتصارا آخر للمغرب الذي يحظى بدعم دولي كبير".
وأضافت (أتالايار)، "في الوقت الذي يتزايد فيه يوما عن يوم اعتراف الدول بسيادة المغرب على صحرائه، لا تحصل الجمهورية الوهمية سوى على النزر القليل من الدعم"، مضيفة أنه منذ عام 2011 لم تعلن أية دولة اعترافها بهذا الكيان الوهمي.
وأكد الصحيفة الاسبانية، أهمية "التقارب غير المسبوق" الذي تكثف بين المغرب والدول الإفريقية، خاصة منذ عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، مضيفا أن" هذا الإيقاع المتسارع في التقارب تم دعمه وتعزيزه خلال الأسابيع الأخيرة من خلال افتتاح قنصليات عامة للدول الإفريقية في الأقاليم الجنوبية للمملكة وتوقيع اتفاقيات تعاون مع عدة دول في القارة".
رغم كل محاولات بعض من أذناب الكيان الوهمي، الذين يستفيدون من الجو الديمقراطي ببلادنا، ومنه ما يقومون به من مناورات في الشريط الحدودي الكركرات، نتيجة تصرفاتهم الصبيانية وتحركاتهم البهلوانية، إلا أن المنتظم الدولي، لم يساندهم، كما أن الدول العظمى، تنتقدهم، ففي هذا السياق، دعا سفير الولايات المتحدة الأمريكية المعتمد لدى المملكة المغربية، دايفيد فيشر، إلى عدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة عبر معبر الكركرات الحدودي.
وفي تصريح له أخير منذ تعيينه سفيراً معتمداً لواشنطن لدى الرباط، شدد دايفيد فيتشر ، على الاستجابة لدعوة منظمة الأمم المتحدة جميع الأطراف المعنية لممارسة ضبط النفس واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لنزع فتيل التوترات في المنطقة العازلة، بما في ذلك عدم عرقلة حركة المرور المدنية والتجارية المنتظمة.
وأضاف السفير فيتشر، أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين لإنهاء نزاع الصحراء.
يشار إلى أن جبهة البوليساريو تقوم لأزيد من أسبوع بإغلاق معبر الكركرات الحدودي بين المغرب وموريتانيا وفي اتجاه القارة الإفريقية، وهي الخطوة المنتظر أن يُدينها قرار مجلس الأمن الدولي المرتقب صدوره بعد ساعات.
لكن دعونا نؤكد ايضا، على أنه بالرغم مما حققه المغرب من مكتسبات ديبلوماسية، لا يخفى علينا محاولات الجزائر الدنيئة الرامية إلى نسف الجهود من أجل تسوية نهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، والتي يكون مآلها الفشل دائما، فهي مناورات تقويض للموقف المغربي الذي أصبح مساندا بدعم شعبي، وسياسي ودولي، وهي جزء من استراتيجية التوتر مع المغرب التي يسعى النظام الجزائري للحفاظ عليها من أجل تحويل الانتباه عن مشاكله الداخلية.
فمسؤولية النظام الجزائري ثابتة في نسف وعرقلة جهود التسوية.
وهو الموقف الذي تم التأكيد عليه دائما، من طرف المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة سابقا، هورست كولر، أمام مجلس الأمن الذي أعرب عن اقتناعه بالإجماع بأنه لا يمكن أن يكون هناك حل للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية دون انخراط الجزائر، الطرف الأساسي المسؤول عن خلق واستدامة هذا النزاع. وفي اعتقادي هي محاولات التضليل والوهم، التي ينبغي التصدي لها، وتكثيف الجهود الديبلوماسية سواء جمعويا أو حزبيا أو برلمانيا، لقطع الطريق أمام المناورات التي تريد تبني وفرض سياسة الأمر الواقع، باستعمال أساليب الابتزاز والضغط، وهي التي ينبغي مواجهتها بكل حزم وحسم، وفرض هيبة المغرب وسيادته على اراضيه بكل ما أوتي من قوة، لأن موقفه قانوني وسليم، ويحقق انتصارات ديباوماسية، مدعومة من دول العالم ومن المنتظم الدولي، ما علينا سوى الاستمرار في مسلسل دعمنا لقضيتنا الأولى والدفاع بشراسة عن وحدة بلادنا الترابية، لأننا باختصار لن نفرط في شبر واحد من أراضينا.
عبد الرزاق الزرايدي بن بليوط، رئيس مجموعة رؤى فيزيون الإستراتيجية