الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

وسيط المملكة يطرح خارطة طريق لمصالحة المواطن مع الإدارة

وسيط المملكة يطرح خارطة طريق لمصالحة المواطن مع الإدارة وسيط المملكة، محمد بنعليلو
أوضح محمد بنعليلو،وسيط المملكة، في مداخلته على هامش الدورة 26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب الذي تمتد فعالياته من 6 إلى 16 فبراير 2020 ، أنه يتوخى من هذا اللقاء، أن يجعل منه "تقليدا راسخا، لنتقاسم معكم خلاصات التراكمات الفكرية التي حققتها المؤسسة في القضايا ذات العلاقة بالحكامة المرفقية، من خلال ما عالجته من تظلمات، وما رصدته من إشكاليات ترهق كاهل المواطنين في علاقاتهم الإدارية..لقاء يجسد إرادة الترافع، في كل المنتديات لخدمة المواطن والاستجابة لمتطلباته، والاهتمام بانشغالاته في علاقاته مع الإدارة".
وشدد من خلال مداخلته على أن "المتتبع للشأن الإداري في بلادنا، يدرك دون كبير عناء، أنه قد حان الوقت لفتح نقاش عمومي جاد وهادئ، حول شعور عام أصبح يتزايد مفاده ( تراجع الثقة في الإدارة)، وذلك بعيدا عن التجاذبات الضيقة" 
وانطلاق من عدة أسئلة طرحها وسيط المملكة عالج الموضوع من مقاربتين، الأولى تتعلق بمنظور المؤسسة لـ "منسوب ثقة" المرتفق في أداء الإدارة. والثانية تخص رؤية المؤسسة لـ "تدبير الجودة" في أداء الإدارة في غياب ميثاق المرتفق وبارومتر الجودة داخل إداراتنا."
وفي هذا السياق كشف المتحدث نفسه عن "75188  شكاية سجلت بمؤسسة الوسيط خلال الفترة من 2011 إلى 2018؛ بمعدل تسجيل سنوي وصل إلى 9398 شكاية في السنة، وبنسبة زيادة سنوية متوسطة في حدود 3%ّ "، مؤكدا على أن تلك الشكايات قد همت مختلف الفئات موزعة كالتالي: (أفراد طبيعيين 80%، أشخاص معنوية 6%، مجموعات أشخاص 14%)، نساء ( 22%) ورجال (78%)؛ وأخرى شملت مختلف المواضيع (إدارية (10708/ 61,6%)، مالية (1751/10%)، وعقارية (3005/17,3%) وتنفيذ أحكام (1448/8,3%)؛ بالإضافة إلى شكايات همت جل القطاعات، وعمت مختلف الجهات الترابية.."
وأكد وسيط المملكة بأن تلك الشكايات قد انتهت "بإصدار المؤسسة لما مجموعه 1941 توصية، بنسبة زيادة سنوية متوسطة بلغت 14,2%. ". وفي سياق متصل أوضح نفس المتحدث بأن الشكايات "همت وثائق التعمير، نزع الملكية، الاعتداء المادي، دور الصفيح وإعادة الإسكان، المعاش، تصفية الصفقات، اللاتمركز الإداري، التغطية الصحية .. ". حيث اعتبر حجم أرقامها بالنظر لوتيرة تزايدها ولمجالات ملامستها، وإن كانت تختلف بحسب القطاعات، لا يمكن إلا "أن تعتبر مؤشرا دالا يسائل ثقة المواطنين في الإدارة، ويدعو إلى فتح نقاش الثقة ونقاش الجودة في أداء المرفق العمومي."
وقال في سياق كلمته " أنه حان الوقت لنجهر بالقول، إن مجالات كثيرة من الخدمات العمومية تعاني من انخفاض في مستويات الاحترام العام. رغم أن مجالات أخرى تسجل مواقف إيجابية عمومًا اتجاه الخدمات التي تقدمها."
"رغم ما يمكن أن يقال حول تَأَثر مجال الثقة بالنقاش الدائر حول بعض الوقائع الظرفية التي تستأثر باهتمام الرأي العام، أو نقص الإدارة الإلكترونية، أو درجة تأهيل وتكوين الموظفين،  فإننا نعتبر أن هذه التفسيرات ليست مقنعة بما فيه الكفاية لتفسير تكرار النقاش وبعده الشمولي، لذا نعتبر أن صلب نقاشنا اليوم حول الثقة في أداء الإدارة لصيق بجودة الخدمات الإدارية وسقف انتظارات المواطنين". يؤكد وسيط المملكة. مؤكدا على أن "جودة الأداء و منسوب الثقة قد لا يسيران دائما في خط مستقيم، لأن التجربة أثبتت أن هناك العديد من المؤثرات الأخرى المتدخلة في الموضوع، من بينها صعوبة إسقاط مفاهيم الجودة على الخدمة العمومية، لارتباطها بصعوبة قياس فعالية القطاع العام ككل. " 
وأردف في كلمته قائلا: "لا يجب أن ننكر المجهودات المبذولة والسياسات والبرامج والإصلاحات المعلنة في العديد من المجالات في العقود الأخيرة، لكن المواطن لا يتلمس حقيقة نتائج ذلك على أرض الواقع، وهو ما يؤدي إلى سلسلة من المطالب الجديدة نوعيا، تنتهي عادة بزيادة العبء على الإدارة، التي لا تستطيع الوفاء بها، مما يوسم أداءها بالعجز عن حل المشكلات الجديدة التي تواجه المجتمع في سياق معولم".
وأشار إلى أن مستوى الفعالية الإدارية "آخذ في الانخفاض داخل الإدارة، على الأقل من منظور المواطنين، بل وحتى لو لم تكن فعالية الإدارة قد انخفضت، فإن الأكيد أن نظرة المواطن إليها وانتظاراته منها قد ارتفعت، كما أن المواطنين يستعملون عناصر مختلفة لتقييم الفعالية عن تلك التي تعتمدها الإدارة، أو ربما يرغبون في أنواع أخرى من الفعالية، وبالتالي تقديرهم لضعف فعالية الإدارة هو الذي أفرز الإحساس بعدم الرضا.".
وأوضح بأنه يجب على الإدارة أن "تعي أن المجتمع في وضعية تطور، وأن تتعامل معه على هذا الأساس، وأنه يجب عليها الانتقال من التفسيرات الأكثر عمومية لانخفاض الثقة، لتقر بوجود علاقة قوية بينها وبين الاحتياجات الضرورية للمواطنين".
واعتبر وسيط المملكة أن الثقة في أداء الإدارة، "هي مسألة بناء، وأن هدفنا ليس زعزعة الثقة، ولكن إثارة انتباه واضعي السياسات الحكومية حول كيفية تصور المواطنين لأداء الإدارة، على الأقل من زاوية السلم الاجتماعي؛ لأننا ببساطة، نقدر، من خلال ما نتوفر عليه من معطيات - في غياب بارومتر وطني أو مسوحات شاملة موثوقة- أن تزايد عدد الشكايات في مواضيع تلامس الحياة الاجتماعية للمواطن، يؤشر على وجود فجوة متزايدة بين المواطنين والإدارة يجب التنبه إليها حتى لا يبقى المرتفق هو الحلقة المفقودة في موضوع الإصلاحات الإدارية."
وعلاقة بموضوع مداخلته يرى وسيط المملكة أن هذه التصورات العامة حول موضوع الثقة هي التي "تجعل من مبتغى الرفع من جودة خدمة المواطن، هدفا مؤطرا لرؤية الوسيط، ذلك أن المؤسسة وهي تتابع باهتمام تظلمات وتشكيات المواطنين، وردود الأفعال التي تعبر عنها الإدارة اتجاه بعض هذه التظلمات، تجد نفسها مضطرة إلى إعلان موقفها الرامي إلى ضرورة الربط بين البرامج الإصلاحية وتحسين جودة وفعالية الخدمات العامة، بل إنها تعتبر ذلك من بين أهم المداخل الأساسية للإصلاح". 
مؤكدا على أن الرهان يكمن في "الانتقال في تدبير العلاقة بين الإدارة والمرتفق من مجرد الاهتمام بخدمة الإدارة للمواطنين إلى الاهتمام بمدى جودة هذه الخدمات لما لها من أهمية في إرساء الثقة بين الادارة والمواطنين".
على اعتبار أن إن المواطن يتطلع إلى "تحول فعلي، في علاقته بالإدارة يضمن كرامته ويلمس من خلاله الأثر الإيجابي في حياته الارتفاقية اليومية بما يضمن حقوقه الدستورية في مجالات الصحة والتعليم والسكن وغيرها".
وقال وسيط المملكة "لا أحد ينكر أن مفهوم جودة الخدمة مرتبط بالفعالية، لكنه يعني بشكل أكبر دقة الخدمة ودرجة الالتزام و مستوى الاستجابة، ولأننا على يقين أن القيم المعيارية، لا معنى لها عند تناولها بشكل منفصل، فإن فهمنا للجودة لا يكتمل إلا عندما تترجم على أرض الواقع في شكل مكاسب للعدل والإنصاف حيث أكد على أنه قد "آن الأوان لإدخال مفهوم إدارة الجودة الشاملة في أداء الإدارة العمومية، وحان الوقت لأن تكون المرافق العمومية قادرة على الاستفادة من خبرة موظفيها في كيفية تحسين الأداء، وأن يكون الموظفون مهتمون باحتياجات وتوقعات المرتفقين فيما يتعلق بكيفية إدراكهم للجودة"
لذلك شدد على أن "المواطن هو الحلقة الأهم، بل لن نكون مبالغين إذا قلنا إنه الحلقة الأوحد، ضمن سلسلة المعنيين بموضوع جودة المنتجات والخدمات العامة، وإن رضا المواطن هو محور تقييمات الجودة الخاصة بأداء المرفق العمومي." 
وختم كلمته بالقول أنه "من حق المرتفقين، ومن حقنا جميعا كمرتفقين، أن نكون في صلب الاستراتيجيات التدبيرية للمرافق العمومية القائمة على الجودة في أبعادها التدبيرية الشاملة، من حقنا أن نتطلع إلى أن تسعى إداراتنا إلى نيل شهادات الجودة ( ISO 9000)  للتحكم في عملية تحديد الأهداف والتوقعات وتحليل التحسينات المستندة إلى معاييرها في إطار من العدالة الاجتماعية داخل الإدارة العمومية".