الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد فردوس: الوطن يتجرع خيبة النكوص في ظل فضائح "جهلة الإسلام السياسي"

أحمد فردوس: الوطن يتجرع خيبة النكوص في ظل فضائح "جهلة الإسلام السياسي" أحمد فردوس

أستعير من الشاعر العربي مظفر النواب هذا الجزء من قصيدته لأهديه لكم:

"لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم

إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم

تتحرك دكة غسل الموتى، أما أنتم

لا تهتز لكم قصبة

الآن أعريكم"...

 

ما تعج به المنابر الإعلامية الورقية ولإليكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي من أخبار وأنباء وتقارير تنقل بالكلمة والصورة والصوت تشوهات خلقية وعقد مرضية أصابت المؤسسات المنتخبة المحلية والإقليمية والجهوية يعكس الصورة الحقيقية التي تتخبط فيها الأغلبية الحكومية منذ حكومة الزعيم الضرورة الأسبق عبد الإله بن كيران، وخلفه سعد الدين العثماني.. (الأغلبية الحكومية) التي يشبهها المواطن المغربي مثل "ثور الغيس"... كلما استل "فرقش غرق فرقش آخر".

 

نفس المرض الخبيث تسلل بفعل هؤلاء "الحربائيون" إلى أغلب المرافق العمومية، ولم تسلم منه القطاعات التي كانت في زمن قريب السند الرئيسي الذي يتكأ عليه المواطن المقهور والبسيط لحل أزماته ( تعليم/ صحة/ شغل/ فلاحة/ ثقافة ورياضة).

 

لقد كشفت الطريقة التي يدبر بها المنتسبون والمنتسبات لحزب العدالة والتنمية المجالس والمؤسسات المنتخبة في علاقة بقضايا وشؤون الناس الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، (كشفت) عن حقدهم وكراهيتهم "لوجه الله" لكل من يخالفهم الرأي، لأنهم مرضى بطاعون الإسلام السياسي، بعد أن نشروا فقاقيعه، واستشرى في جسد الأمة وبكل بقاع الوطن العليل، مستعملين سلاح الدين ومنابر المساجد، وصكوك الغفران التي توزع على من يريد أن يسلم من "رصاص" ألسنتهم الطائش عند اندلاع النيران الصديقة هنا وهناك.

 

لقد وجه صقور الإسلام السياسي، فوهات مدافعهم داخل قبة البرلمان، وبمجلس المستشارين، بعد السطو على نتائج وحصيلة "الربيع العربي" لإسكات الأصوات الشريفة المدافعة عن الحقوق الدستورية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئة، وتمكنوا من مفاصل الدولة لتمرير أجنداتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، منذ أن ابتلى بهم الوطن في غفلة من الجميع وبتواطؤ مع بعض مهندسي "الاستحقاقات" الذين فرشوا لهم ممرات الحكومة ووزاراتها "بزرابي الترحاب" للإجهاز على تراكمات الشعب المغربي وقواه الحية التي حققت عدة مكتسبات يشهد عليها التاريخ في عز سنوات الرصاص.

 

نعم، للأسف الشديد، عشر سنوات من التراجعات والفشل المقصود والمفتعل... عن أي إقليم أو جهة يمكن الحديث عن الأيادي البيضاء الطاهرة (إلا من رحم ربك) التي تشتغل بعفة لمصلحة المواطنين والمواطنات الذين حملوهم مسؤولية الدفاع عن حقوقهم؟ وعن أي مجلس منتخب يمكن أن نتحدث عن تنفيذ مشاريع تنموية لفائدة ساكنة الجبل والمدشر والقرية بمختلف مجالاتنا الجغرافية... ولم تسلم من الاختلالات والشبهات والاختلاسات؟ وعن أي مؤسسة عمومية يمكن الحديث عن مسؤولين يخافون الله، والأمانة التي تقلدوها وحملوها على كاهلهم، يشتغلون لمصلحة الوطن؟ وعن أي جمعية كيفما كانت أهدافها تنتسب لهؤلاء المتشدقين بالإيمان والتقوى وكرامة الإنسان يمكن الحديث عن صحة وسلامة جسدها من الخبث والمكر والنفاق واستغلال سذاجة الناس من أجل الغنيمة فقط؟

 

لقد نفث حزب العدالة والتنمية، سياسته الخبيثة الاتكالية والتسولية والنفعية والانتهازية والوصولية، في جسد الأمة، وعلم الناس كيفية الولوج من داخل أبواب الغنيمة، دون خجل، ودون حياء، واضعا أقنعة العفة والطهارة ليسلب الناس حقوقهم، وإرادتهم، وتطلعاتهم للمستقبل، وقضى على كل آمال التنمية والنهضة التي يتبجح بها مريدوه من المنبطحين أمام الجاه والنفوذ وسلطة المال والدين؟

 

ألم يشهد والي جهة درعة تافيلالت على فشل سياسة التدبير والتسيير لأحد صقور الحزب الأصولي وسلط الضوء على حساباته السياسوية والصراعات الجانبية قائلا: "إن مجلس جهة درعة تافيلالت يتوفر على ميزانية مالية كبرى، لكنها لم توظف بالشكل الذي يخدم كل مناطق هذه الجهة ويحقق متطلبات ساكنتها... فكيف لا تصرف ميزانية محددة في 82 مليار سنتيم، ورقمها المالي غير متحرك منذ مدة، بحيث أن هذه الميزانية لم تصرف منها سنة 2018، إلا 18 بالمائة، بينما خلال سنة 2019 لم نر أي إنجازات تذكر، فهذا الجمود في الإنجازات أعتبره حسابات سياسيوية وصراعات جانبية لا تخدم المجال التنموي بالجهة ككل".

 

وقس على ذلك نماذج أخرى، في مختلف المؤسسات المنتخبة بالمجالات الترابية التي يدبر شؤون مواطنيها مسؤولين من طينة من يضعون قناع البرقع والخمار، والسبحة ويتأبطون ليل نهار تركية الصلاة. وتحت جنح الظلام يقترفون جرائم أبشع من جرائم الحرب في أطيب خلق الله .

 

نفس النموذج الانتهازي والنفعي يعززه واقع حال مجلس جماعة تمارة الذي يدبره حزب "لامبة" التي انطفأ ضوئها، وعم الظلام سائر مرافقها، بفعل تعنت أغلبية العدالة والتنمية التي لا تؤمن "بالحوار ولا يهمها الرأي الآخر، وتعتبر نفسها هي الوصية عن شؤون ساكنة تمارة. فواقع الأمر يؤكد أن المجال التنموي بمدينة تمارة مازال متجمدا، والعديد من المشاريع الهامة المرتبطة بقطاع الصحة والرياضة والصناعة لم تحقق تلك المطالب المرتبطة بها، ومجلس بلدية تمارة يتعامل مع المعارضة بشكل  استفزازي، فهو لا يمنحها فرصة النقاش والإدلاء بالمقترحات التي تخدم مصالح الساكنة ومتطلباتها". فهل يستحيي رئيس جماعة تمارة الإسلاموي الذي خصص مبلغ 70 مليون سم لإبادة الفئران في الوقت الذي يبحث فيه المواطن عن مدخل لحفظ كرامته؟

 

نماذج صارخة بالتجاوزات والاختلالات والتشوهات الخلقية والمرضية، يصفها الناس البسطاء قبل المهتمين بالشأن الوطني، بالجهل والأمية في التعامل مع السياسات العمومية وفق انتظارات المواطنين والمواطنات، وتعكس صورة سوداوية لسوء التدبير والتسيير الذي عشعش في زوايا وأركان المؤسسات العمومية كالعناكب الباحثة عن الدمار والخواء، منذ أن تسلل الإسلام السياسي لمرافقنا العمومية بالعمامة والخمار والبرقع الأفغاني، والسواك، محملا على أكتاف بائعي جافيل والحريرة والكتب الصفراء المشرقية.

 

هذه الصور السوداء التي يكشف عنها الإعلام بكل تشكيلاته وتلويناته، انعكست سلوكاتها النفعية ومضامين مواضيعها السلبية، داخل كل مرافق مؤسساتنا العمومية، وبالشارع المغربي، ووسط المقاهي وأزقة الأحياء الشعبية، ونتج عنها رفض واقع الحال، وتعبيرات مضادة للشباب الذي يعاني من جمود المشاريع التنموية التي تقدم له حلولا لمشاكله في الشغل والتعليم والصحة والفلاحة والثقافة والرياضة... بعد أن افتضح أمر هؤلاء الحربائيون، بائعو الوهم، وانبعثت من تلابيبهم روائح الفساد، والفضائح الجنسية، والشبهات المالية المقرفة.

 

هل هذه هي الكفاءات التي تحدثت عنها خطب الملك لاستنهاض همم شباب الأحزاب التواق للتغيير والفعل التشاركي الهادف؟ وهل بمثل هذه لنماذج سيصلح حال إدارتنا الميتة سريريا؟

 

إن الأمر يستدعي على عجل تقديم ملفات المجلس الأعلى للحسابات للسلطة القضائية، والتي تتعلق أساسا بمسؤولين لهم يد طويلة ضمن الأغلبية بمؤسساتنا الوطنية، وتجريم فعل تجميد المشاريع التنموية بالوطن، وربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن المواطنين لم تعد تربطهم بالوطن سوى البطاقة الوطنية كرقم يستعمل عند التحقيق في الهوية، أما الانتساب للوطن فقد تم تهريبه للإسلام السياسي الذي نكل بالبشر والشجر والحجر.