الاثنين 29 إبريل 2024
فن وثقافة

مؤسسة "الرياض" تجمع ما تفرق بين الفلاسفة بتكريم أيقونتهم العمري (مع فيديو)

مؤسسة "الرياض" تجمع ما تفرق بين الفلاسفة بتكريم أيقونتهم العمري (مع فيديو) الدكتور مصطفى العمري، والدكتور رشيد برادة
ازدادت إحدى صالات مدارس "الرياض" الخصوصية بالدار البيضاء توهجا، يوم أمس الجمعة 24 نونبر 2017، بلمها نخبة من الأساتذة الباحثين والمفكرين ومفتشي مختلف المستويات، إلى جانب ثلة من الطلبة المهتمين.
كل هؤلاء، وإن اختلفت بينهم الأعمار والمشارب، إلا أن حب الفلسفة كان الخيط الرابط لميولهم، خاصة وأن الملامح الأولى للقاء كانت تمني النفس بألا يعقب شمله فراق.
ولعل ما أضفى على هذا الجمع، الذي صادف تخليد اليوم العالمي للفلسفة، صبغة الإنفراد أيضا، كونه عرف حضور الدكتور مصطفى العمري، كشخصية محتفى بها، تبعا لما أسداه من عطاءات وعلى مدى عقود من الزمن لمجال "الفلسفة"، بل والتربع على قمة متدبريها، وهو الذي لا يستقيم الحديث عن الفكر المغربي والعربي دون استحضار وزنه الفاعل والمؤثر بعد أن قاده اجتهاده ليكون أحد أوائل رواد تأليف المقرر الفلسفي، صحبة الراحلين محمد عابد الجابري وأحمد السطاتي.
وفي هذا السياق، بادر الدكتور رشيد برادة، المدير العام لمدارس "الرياض" في كلمته الإفتتاحية، إلى التذكير باعتبارية هذا الموعد السنوي، وما يتيحه من إمكانيات التأكيد على دور "الفلسفة" وقيمتها في تنمية المدارك المعرفية، واتساع الآفاق التأملية والمعيارية للمتمدرسين، وإن أبدى أسفه لما صارت تواجهه هذه المادة من متبطات وصفها بالمقصودة أحيانا، علما أنها، أي الفلسفة، كانت ومازالت كما ستظل أساس باقي العلوم، والعتبة التي يتعذر بلوغ أي تقدم متفتح دون عبورها.
وأشار رشيد براد، من جهة أخرى، إلى القسط الهائل الذي ساهم به الدكتور مصطفى العمري في المسار الفكري المغربي. وما استضافته لحفل التكريم، يضيف برادة، إلا تلميح لذاك الإسهام الفياض، وجزء يسير مما يستحقه من تقدير واعتراف. داعيا إلى بذل مجهودات أكبر من طلبة اليوم حتى يتعرفوا أكثر على مثل هذه الأيقونات، وما تزخر به رصيد لا يتأتى لأي كان.
ومن جانبه، بادل الدكتور العمري حفاوة الإستقبال بعبارات الشكر التي لم تخلو من حس فلسفي، وكذا قفشاته الجادة، حتى أنه لم يتردد في استغلال حادث تكبده جرحا على مستوى طرف جبهته، أول أمس الخميس فقط، ليسرد حكاية شخصين كانا في نزاع، وحين أراد أحدهما ضرب الآخر برأسه، رد عليه الأخير بأن الرأس لم يخلق للنطح وإنما للتفكير. هي إذن مستملحة وإن تجاوب معها الحضور بالضحك والتصفيق، إلا أنها حملت ما حملته من رسائل لمن يعتبر، و تبقى خير مجيب على ما نعيشه اليوم من تعنيف وتطرف، وبُعد مخيف عن تحكيم العقل.
ولأن الجلوس على نفس طاولة التكريم المعدة للأستاذ مصطفى العمري، يقتضي شروطا من الملكة الغابرة عند الكثيرين، فقد كان رقم حل هذه المعادلة في الأستاذة مليكة غبار، حيث اجتمعت تراكمات سنين من التجربة الفلسفية كإطار خبرت عبر مسلك التفتيش زخما، مهما تم الإجتهاد في وصف ثقله فإنه يبقى قليل، قياسا بما هو مجسد. إذ برهنت بكاريزميتها على أن من حضر، كان بالفعل محظوظا وهو يشنف سمعه بما جادت به قريحتها العفوية لحظتها، سواء من خلال تشخصيها لواقع الحال الفكري، أو تدقيق تجليات معيقاته، وحتى طرق سبل الخلاص منها.
وهو الأمر الذي عززت به دفوعات استحقاقها التكريم الذي حظيت به كذلك، واضعة مسؤولينا في موقف حرج قد يجد نقطة التقائه مع قاله الأستاذ الباحث والمؤطر التربوي أحمد مومن، وهو يرفع حاجبيه مستغربا: "يحار العقل حقيقة لما نعاين اهتمامات الجهات الرسمية بمغنين نطقوا أغنية واحدة في مشوارهم، في حين تهمش الكفاءات التي أفنت ما لا يمكن أن تستثمره إلا مرة واحدة في العمر، ويعني مرحلة الشباب وحيوية النشاط، مقابل زرع الإضافة فيما يعوزنا من قيم ومبادئ، مثل ما هي "حاجتنا للفلسفة" التي كانت مدخل شعار هذا الموعد الذي اقترحته مؤسسة "الرياض"، وأشر عليه القدر في الجانب الآخر.