Saturday 16 August 2025
في الصميم

أريري: واحسرتاه على سلا !

 
 
أريري: واحسرتاه على سلا ! عبد الرحيم أريري
حسب ما هو معروف، فالمغرب دولة موحدة، وليس دولة فيدرالية كل ولاية لها دستورها وبرلمانها وحكومتها المحلية ونظامها الضريبي وسياستها العمومية. 
 
لكن على مستوى الممارسة، نجد السلطات الحكومية بالمغرب تتعامل مع مدينة الرباط بمنطق "الفاتيكان وسط الطاليان"! إذ يتم تهريب ضرائب المغرب والمغاربة من كل المدن والجهات لضخ معظمها بمدينة الرباط. 
 
في مقال سابق نشرته بجريدة "أنفاس بريس"، بتاريخ 20 يونيو 2018، تحت عنوان: "اللي مو في الرباط ما يباتش بلا عشا"، بينت بالحجة أن الحكومة ترصد للمواطن في مدينة الرباط 16.267 درهما في التهيئة وتحسين المشهد الحضري، في حين نجد نفس السلطات المغربية لا ترصد للمواطن بمدينة سلا المجاورة سوى 1080 درهم فقط!! 
 
معنى ذلك، أن ما تخصصه السلطات للرباط يساوي 15 مرة ما ترصده للمواطن السلاوي!، علما أن سكان مدينة سلا يتجاوز عددهم مليون نسمة، بينما سكان الرباط بالكاد يصل عددهم إلى 580.000 نسمة!
 
ولا يحتاج المراقب إلى أدلة للبرهنة على سياسة "الأبارتايد المجالي" الذي تعتمده الحكومة المغربية. فيكفي المرء أن يتجول بساحل الرباط وساحل سلا ليعاين الظلم و"الحكرة". فساحل الرباط مهيأ ومشبع بالملاعب والعشب والزفت والإنارة العمومية الجيدة وبالتشوير الأفقي والعمودي، في حين أن ساحل سلا (حيث الكثافة السكانية الرهيبة) يوجد في وضعية جد كارثية، وهو مهمل بشكل يوحي كما لو أن سلا تنتمي إلى دولة جنوب السودان أو الصومال، وليس إلى دولة ينص تقطيعها الجهوي على أن سلا تابعة لجهة الرباط؛ أي تابعة لنفس الولاية ولنفس الجهة ولنفس مديرية الجماعات المحلية التي تتحكم في توزيع الموارد المالية!!! (طبعا لا حاجة لنا للتذكير بالبؤس الحضري في أحياء سلا، مثل سيدي موسى أو النجاح أو السهب أو الانبعاث أو الرحمة، وفي باقي الشوارع المهمة، مثل ابن الهيثم والرمان وطريق سيدي الطيبي، الخ...).
 
إذا كان هذا حال سلا القريبة من مركز القرار الحكومي والبرلماني، فكيف سيكون حال المدن والمراكز الحضرية الأخرى المهمشة على امتداد المغرب؟
 
واحسرتاه على سلا التي كانت عاصمة للقراصنة يهابها بحارة العالم، فإذا بسياسة "الأبارتايد المجالي" تُنكر تاريخها وتعبث بحاضرها. أما مستقبلها فعلمه عند علام الغيوب.