قالت نادية تهامي، النائبة البرلمانية بالغرفة الأولى، إن الوقت حان" من أجل بلورة صيغةٍ جديدة لمدونة الأسرة بشكلٍ توافقي يشارك فيه كل الفاعلين من مختلف الآفاق العلمية والمؤسساتية والمجتمعية".
وأوضحت تهامي، في حوار مع جريدة "أنفاس بريس"، أنَّ" الأمر لا يتعلق بصراعٍ سياسي أو مؤسساتي، بقدر ما هو مُتَـــطَـــلَّبٌ مجتمعي ذو أبعاد ثقافية:
وأوضحت تهامي، في حوار مع جريدة "أنفاس بريس"، أنَّ" الأمر لا يتعلق بصراعٍ سياسي أو مؤسساتي، بقدر ما هو مُتَـــطَـــلَّبٌ مجتمعي ذو أبعاد ثقافية:
ما رؤيتك حول ما الّذي ينبغي فعله من أجل تعديل جديد لمدونة الأسرة في المغرب؟
نشتغل في المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، خلال هذه الأيام على إعداد مذكرة حزبنا بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، فهذا الإصلاح يفرضُ اليوم نفسه بقوة، بالنظر إلى التحولات والتغييرات التي عرفها المجتمع المغربي منذ سنة 2004، وهي السنة التي شهدت ميلاد مدونة الأسرة الجاري بها العمل حاليا منذ 19 سنة.
إذن، فهي فترة طويلة، عرفت مصادقة المغاربة على دستور سنة 2011 يتضمن مقتضيات متقدمة بخصوص المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات؛ كما صادقت بلادُنا خلال هذه الفترة على اتفاقياتٍ دولية تهم الأسرة والطفل والأم والمرأة. وفي نفس الوقت، شهدت هذه الفترة الطّويلة نسبيا عدداً من التحولات التي تطالُ المجتمع المغربي، وهي تحولات قيمية وديموغرافية واجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة.
نشتغل في المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، خلال هذه الأيام على إعداد مذكرة حزبنا بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، فهذا الإصلاح يفرضُ اليوم نفسه بقوة، بالنظر إلى التحولات والتغييرات التي عرفها المجتمع المغربي منذ سنة 2004، وهي السنة التي شهدت ميلاد مدونة الأسرة الجاري بها العمل حاليا منذ 19 سنة.
إذن، فهي فترة طويلة، عرفت مصادقة المغاربة على دستور سنة 2011 يتضمن مقتضيات متقدمة بخصوص المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات؛ كما صادقت بلادُنا خلال هذه الفترة على اتفاقياتٍ دولية تهم الأسرة والطفل والأم والمرأة. وفي نفس الوقت، شهدت هذه الفترة الطّويلة نسبيا عدداً من التحولات التي تطالُ المجتمع المغربي، وهي تحولات قيمية وديموغرافية واجتماعية واقتصادية وثقافية عميقة.
في هذا السّياق، يجب أن نستحضر ما أكد عليه الملك، في خطابه بمناسبة عيد العرش الأخير، من أنَّ مدونة الأسرة هي مدونةٌ للأسرة كلها. وإذا كانت قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية؛ لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق تَحُولُ دون تحقيق أهدافها.كما يتعين تجاوز الإختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك؛ وذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية.
هناك نقاش عمومي وسياسي ومؤسساتي حول تعديل مدونة الأسرة في المغرب. هل الأمر يتعلق بصراع سياسي أم مؤسّساتي؟
اليوم، أعتقد بأنَّ الوقت قد حان من أجل بلورة صيغةٍ جديدة للمدونة، بشكلٍ توافقي يشارك فيه كل الفاعلين من مختلف الآفاق العلمية والمؤسساتية والمجتمعية. مع ضرورة الإنتباه إلى أنَّ الأمر لا يتعلق بصراعٍ سياسي أو مؤسساتي، بقدر ما هو مُتَـــطَـــلَّبٌ مجتمعي ذو أبعاد ثقافية من أجل تجاوز العقلية الذكورية وعقلية الاستغلال، ومن أجل إعطاء المكانة المستحقة مجتمعيا للمرأة وللرجل والطفل على قدم المساواة، في إطار التوازن الأسري، بصورةٍ عصرية وحديثة وعقلانية.
نعم، المدونة الحالية تضمنت عدداً من المكتسبات لفائدة توازن الأسرة، لكنّنا اليوم في حاجةٍ إلى مدونة تتصدى للاختلالات في النص وفي التطبيق، وذلك وفق مقاربة منفتحة وتنويرية بعيداً عن التحجر الفكري الذي لا يتلاءم مع المغرب كبلدٍ لا يتوقف عن تطوير ذاته.
فمدونة الأسرة التي أتصورها، اليوم، يتعين أن تُدمج بشكلٍ عرضاني مبدأ المساواة بين طرفي العلاقة الزوجية، وأن تتم تنقيتها من المصطلحات الحاطّة من كرامة المرأة. كما يجب الإلغاء النهائي للاستثناء على 18 سنة كسنٍّ لأهلية الزواج، بالنظر إلى الأرقام المهولة المسجلة في هذا الصدد.
أيضا، فإنّه على المدونة الجديدة أن تتضمن ما يمنع تحايل البعض لتحقيق تعدد الزوجات. بالإضافة إلى إقرار المساواة في الولاية الشرعية على الأبناء، وتحصين حق الأم في حضانة أبنائها، بالنظر إلى المشاكل اليومية العويصة المسجلة بهذا الشأن. مع تقوية ضمانات حقوق الأبناء.
كما أرى أنه قد آن الأوان من أجل توحيد مساطر الطلاق والتطليق؛ ومراجعة مؤسسة الصلح حتى لا تظل شكلية. واعتماد مقاربة عصرية في تدبير الأموال الناشئة أثناء قيام الزواج، لا سيما من حيث تثمين العمل المنزلي وأعمال الرعاية. فضلا عن إقرار توفير الخبرة المالية في قضاء الأسرة لأجل تلافي التحايل في الاستفادة من أحكام هزيلة فيما يتعلق بالنفقة على الأبناء.
وما المطلوب فعله في هذا الاتّجاه؟
أعتقد أنَّ الوضع الراهن يستدعي ضرورة تأكيد الإنفتاح على التّقدم العلمي في إثبات النسب، وإقرار كامل حقوق الطفل تبعاً لذلك في جميع الأحوال. علاوةً على ضرورة سن مقتضيات لتحصين مؤسسة الزواج حمايةً للأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، مع التحديد الدقيق لحالات القوّة القاهرة التي تمنع من توثيق الزواج تفاديا لاستغلال هذا الباب في التّعدّد.
على العموم، هناك قضايا عديدة ينبغي معالجتها في نص المدونة من خلال المراجعة التشريعية العميقة والهادئة. دون أن ينفي ذلك ضرورة الانكباب على الجانب العملي، سواء من حيث الحدّ من التّأويل الجامد لنصّ المدونة، أو من حيث التّعريف بها، أو على مستوى تجويد فضاءات قضاء الأسرة. وكل ذلك بمنطق التوازن الذي يصب في مصلحة الأسرة ككيان واحدٍ لا تفاضل فيه بين الرجل والمرأة والطفل من حيث الحقوق والواجبات.