الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

مصطفى ابراهيمي: الحكومة الحالية هي حكومة الشركات أما الشعب فقد تم " طحنه "

مصطفى ابراهيمي: الحكومة الحالية هي حكومة الشركات أما الشعب فقد تم " طحنه " مصطفى ابراهيمي

أكد مصطفى ابراهيمي، نائب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية في حوار مع أسبوعية " الوطن الآن "و"أنفاس بريس" أن الاعتمادات المرصودة في مشروع القانون المالي 2023 لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية تظل ضعيفة، كما يتطرق الى غياب العدالة الضريبية، مطالبا بإقرار تعويضات لفائدة المواطنين لمساعدتهم على مواجهة موجة الغلاء وارتفاع الأسعار على غرار بعض البلدان الأجنبية وعلى غرار التجربة المغربية بإحداث صندوق مواجهة آثار كوفيد 19.

 

أكدتم في مداخلة مجموعتكم بمجلس النواب على ضرورة الاهتمام بمسألة الحماية الاجتماعية في مشروع القانون المالي 2023، وأشرتم الى وجود تباطؤ في السجل الوطني للسكان، فهل من توضيحات بهذا الخصوص؟

فيما يتعلق بالشق الاجتماعي في مشروع القانون المالي 2023، هناك حديث الآن عن الدولة الاجتماعية ونحن لا يمكن إلا أن نثمن هذا التوجه، ولكن لابد من وجود إجراءات لتنزيله. أولا مشروع الحماية الاجتماعية هو مشروع يمتد لأكثر من 20 سنة وله علاقة بمدونة التأمين الصحي، والجديد فيه هو القانون الإطار الذي تحدث عن أربعة محاور تنفيذا وتنزيلا للخطب الملكية وتشمل التغطية الصحية الشاملة والتعويضات العائلية والتي ستشمل 7 مليون طفل، بالإضافة إلى 3 مليون من الأسر، أما المحور الثالث فيهم تقاعد 5 مليون شخص، والمحور الرابع يتعلق بالتعويض عن فقدان الشغل. هذا المشروع له أجندة مضبوطة وردت في الخطب الملكية، وبالتالي ينبغي تنزيل المشروع وفقا لهذه الأجندة، بحيث ينبغي أن يتم تنزيل التغطية الصحية في 2021 بالنسبة للمهن الحرة والمستقلين، و2022 بالنسبة ل "راميد " والحال أن شارفنا على نهاية 2022، ولكن لحد الآن دون أن نتمكن من تسوية فئة المهن الحرة والمستقلين. وبالنسبة ل "راميد " كان من المفترض أن يكتمل في عام 2022 والحال أنه تم التصويت مؤخرا على القانون المعدل ل 65.00 لكي نتمكن من تحويل نظام "راميد " الى النظام الذي يعتمد على السجل الاجتماعي، والحال أن هناك تأخر في السجل الاجتماعي، فاليوم وصلنا الى 18 مليون و400 بينما كان الهدف هو 8 ملايين ونصف، لماذا؟ لأن مجموعة من الأشخاص الذين كان يفترض أن يستفيدوا من هذا النظام وهم ينتمون الى المهن الحرة والمستقلين كان يستفيدون خارج هذا الإطار، واليوم من الضروري تفعيل السجل الاجتماعي، حيث تشير التوقعات الى تفعليه في شهر شتنبر 2023، وبالتالي فتنفيذ "راميد " لن يتم وفقا لأجندة 2022 ولكن في أواخر 2023 في أحسن الأحوال. لذلك فانتقادنا لهذه الحكومة ينصب على كونها لم تقم بتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية في الوقت المحدد له، فلما يأتي رئيس الحكومة والوزير المكلف بالميزانية ويصرح بأن الحكومة لم تجد أمامها إلا القانون الإطار فهذا غير صحيح، بحيث أن هناك تسعة قوانين موجودة الآن ولها علاقة بالتغطية الصحية والحماية الاجتماعية، كما أن تصريح رئيس الحكومة بكونه أصدر 22 مرسوم، فالسؤال الذي نطرحه هو بأي قانون تتعلق هذه المراسيم؟ فأنا جد متأكد بأنه لا علم له بذلك، ولهذا أقول له بأنها تتعلق بالقانون 98.15 الذي أصدرته الحكومة السابقة، بالإضافة الى القانون 99.15 المتعلق بالتقاعد، وقانونين تعديلين، ويضاف إليها القانون الإطار، وقانون السجل الاجتماعي الذي تم إصداره في الولاية السابقة، دون إغفال الإجراء المتعلق بالمساهمة المهنية الموحدة الذي تم في عهد الحكومة السابقة، وقانون المالية لعام 2021 الذي خصص 4.2 مليار درهم لهذا المشروع. بالإضافة الى القوانين المتعلقة بالطلبة، وقد أفلحت الحكومة فقط في سحب القانون المتعلق بالحماية الاجتماعية للوالدين، ولحد الآن نتساءل عن طرق تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية، خاصة بعد الرسالة التي وجهها الملك في اليوم العالمي للصحة الى المنظمة العالمية للصحة عام 2019 بالرباط والتي تتضمن فقرة تتحدث عن استفادة الوالدين الى جانب أبنائهم في إطار الحماية الاجتماعية كمستفيدين لا كمؤمنين .

وماذا عن التعويضات العائلية؟

فيما يتعلق بالتعويضات العائلية فهي تتطلب 19 مليار درهم، وقد تساءلنا عن غياب هذا الغلاف ضمن مشروع الميزانية، والحكومة تتحدث فقط عن 9.5 مليار درهم مخصصة لصندوق التماسك الاجتماعي، علما أن هذا الصندوق سيخصص للتغطية الصحية، كما سيخصص مبلغ 500 مليون درهم للإعاقة، ومجموع هذين المبلغين هو 10 ملايير درهم، فكيف سيتم تمويل التعويضات العائلية وباقي المشاريع المتعلقة بالحماية الاجتماعية؟ وكيف سيتم التعاطي مع معضلة التشغيل، خصوصا في صفوف حاملي الشهادات، علما أن الوعود التي قدمت بتوفير مليون منصب الشغل لا وجود لها لحدود الآن على أرض الواقع، اللهم 500 ألف منصب التي تحدث عنها الخطاب الملكي والتي لها علاقة باستثمار 550 مليار، درهم والتي ينبغي انجازها خلال خمس سنوات، كما أن مشروع قانون المالي لم يتضمن أية إشارة لمدخول الكرامة لفائدة المسنين ما فوق 65 سنة، حيث وعدت الحكومة في تصريحها بإخراجه في الربع الأخير من 2022، لكن لحدود الآن لا وجود لأي حديث عنه من طرف الحكومة علما أن هذا المشروع لوحده يكلف 11 مليار درهم، ونفس الشيء بالنسبة للولادة، حيث قدمت الحكومة وعود في تصريحها، بتقديم 2000 درهم عن الطفل الأول و1000 درهم عن الطفل الثاني، دون أن نجد لهذا أثرا في مشروع القانون المالي..فما يعاب على هذه الحكومة هو أنها لم تلتزم بما قدمته في تصريحها الحكومي والذي على أساسه تم تنصيبها من طرف البرلمان .

 

هناك من يطالب أيضا وفي ظل موجة الغلاء وارتفاع الأسعار ونسبة التضخم، بإقرار تعويضات من طرف الدولة لفائدة المواطنين من أجل حماية قدرتهم الشرائية على غرار ما تم في ظل جائحة كوفيد، ما رأيك ؟

صحيح..مجموعة من الدول حاليا أقرت إجراءات من أجل الدعم المباشر للمواطنين الذين اكتووا بالغلاء سواء تعلق الأمر بالمحروقات أو المواد الغذائية، وقد أثرنا انتباه الحكومة الى أن المغرب يتوفر على تجربة في هذا الإطار وتتعلق بصندوق مواجهة آثار كوفيد 19 والذي رصد له غلاف مالي وصل الى 34 مليار درهم، وتم من خلاله صرف تعويضات لفائدة الأجراء تصل الى 2000 درهم وما بين 800 الى 1200 درهم بالنسبة للأشخاص المنخرطين في نظام " راميد "، بالإضافة الى دعم المقاولات، اذا لدينا نموذجين، نموذج مغربي ونموذج على الصعيد الدولي، وبالتالي كان على الحكومة الحالية أن تتخذ إجراء كبيرا لمواجهة التضخم وارتفاع الأسعار، لكن هذا لم يتخذ لحد الآن، حيث ترك المغاربة يواجهون لهيب الأسعار في غياب أي دعم حكومي، وقد وصل سعر الغازوال حاليا الى 17 درهم، ويمكن القول أن الحكومة الحالية تدافع أساسا على مصالح الشركات ولا تدافع عن مصالح المواطنين بصفة عامة، وخاصة المواطنين من ذوي القدرة الشرائية المحدودة، وبدل أن يتم توسيع الطبقة المتوسطة، بصعود مليون شخص فقير الى هذه الطبقة كما وعدت الحكومة حدث العكس حيث تدحرج مليون شخص من الطبقة المتوسطة نحو الطبقة الفقيرة ، وعموما ومن خلال الاطلاع على الإجراءات الواردة في مشروع القانون المالي 2023 يمكن القول أن هذا القانون هو قانون لفائدة الشركات بامتياز في غياب أي دعم للمواطنين، ويمكن أن نعطي كمثال زيادة الضريبة على الشركات من 31 في المائة الى 35 في المائة مقابل تخفيض الضريبة على الربح من 15 الى 10 في المائة، بمعنى سآخذ منك 3 أو 4 في المائة وسأمنحك بدلا من ذلك 5 في المائة، بمعنى أن الحكومة تشجع الشركات على تقسيم الأرباح بين الشركاء بدل تخصيص الربح للاستثمار، بالمقابل عاينا الرفع من مجموعة من الضرائب، خاصة الضريبة على الدخل بالنسبة لمجموعة من المهن علما أن هذه الزيادات لن تمكن الدولة سوى من مبالغ ضئيلة وأعطي مثال المحامين والأطباء، مع العلم أننا أصبحنا نعيش ظاهرة خطيرة جدا بالنسبة للأطباء وهي ظاهرة الهجرة الى الخارج وأعتقد أن زيادة الضغط الضريبي والاقتطاع من المنبع فيه إجحاف تجاه هذه الفئة التي تؤدي أصلا ثمانية ضرائب .

ولماذا في نظرك يركز المشرع على الموظفين الصغار والمتقاعدين والمهن الحرة ويتحاشى الاقتراب من الشركات الكبرى والأبناك وقطاع التأمينات والإسمنت والبناء...؟

تشكيلة الحكومة الحالية وعلى رأسها عزيز أخنوش تعبر عن كونها حكومة للشركات ، وقد أشار الى ذلك مجلس المنافسة في تقريره، فالأرباح التي حققتها شركات المحروقات خلال الأزمة هي أرباح جد مرتفعة، وهو أمر لا يقبله المنطق، وهذا لا يحدث في المغرب فقط بل على الصعيد الدولي، وقد سبق للأمين العام للأمم المتحدة أن صرح بذلك، حين قال بأنه تم تحقيق أرباح خيالية وغير أخلاقية من طرف الشركات المتعددة الجنسية والشركات الوطنية، وقد اقترحنا على الحكومة الرفع من الضريبة على الشركات من 35 في المائة الى 40 في المائة اعتبارا لكون شركات المحروقات وكما ورد في تقرير مجلس المنافسة هي شركات محتكرة، ثم لا ننسى أن هناك مجموعة من الدول فرضت ضريبة استثنائية ضد شركات المحروقات بما فيها شركات تعمل لدينا في المغرب، فلماذا لم يتم اقرار الضريبة الاستثنائية ؟ ولماذا لم يتم فرض نسبة 40 في المائة؟ لأن هذه الحكومة تدافع عن مصالح لوبي الشركات أما الباقي ف " تطحنه " بالضرائب دون أدنى اكتراث، وحكومة الشركات لا علاقة لها بالدولة الاجتماعية، ولولا التوجيهات الملكية لكان مشروع الحماية الاجتماعية هو الآخر في مهب الريح.