الديمقراطية ليست لها كلفة مالية فقط عبر تحمل الخزينة العامة تمويل الأحزاب وتمويل حملاتها الانتخابية ومؤتمراتها وتعويضات منتخبيها ووزارائها وبرلمانييها، بل هناك كلفة إضافية أخرى باهظة تتمحور حول ما تنفقه الخزينة العامة بالمغرب من أموال لتسخير القوات العمومية للتغطية عن عجز الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية على القيام بالأدوار المنوطة بها.
فإذا كان معروفا أن «الديمقراطية» بالمغرب تكلف الخاضعين للتكليف الضريبي في الشق الأول حوالي 6 مليارات درهم في الولاية التشريعية، أي ما يقرب 1.2 مليار درهم في السنة، فإن كلفة العجز والفشل الحكومي والجماعي في تسيير المرافق العمومية الوطنية والمحلية يكلفنا حوالي 18 مليار درهم في السنة كمصاريف تسددها الخزينة العامة لتأطير حوالي 20.000 مظاهرة احتجاجية في السنة( بمعدل تقريبي يبلغ 55 مظاهرة احتجاجية في اليوم بمدن وقرى المغرب).
إذ بعد العجز في توفير الماء والمدرسة والنقل والطريق والمستشفى والإنارة وغيرها، يضطر المواطنون إلى الخروج للشارع للاحتجاج، فيتم إخراج القوة العمومية (شرطة، درك، قوات التدخل السريع، مخازنية، أعوان السلطة، وقاية مدنية...)، لمواجهة هذه الاحتجاجات!! علما أن كل مظاهرة احتجاجية تنهك الخزينة العامة لإخمادها، بمصاريف تقارب مليون درهم (أجور وتعويضات أفراد القوة العمومية ومصاريف تنقلاتهم ومحروقات سياراتهم إلخ...).
وإذا جمعنا الشق الأول والشق الثاني سنجد أن الكلفة السنوية «للديمقراطية» ولفشل أشباه الديمقراطيين، تصل إلى 19.2 مليار درهم، وهو مبلغ جد باهظ لا قدرة للمغرب على تحمل إهداره عبثا كل عام.
قد نهضم مسألة تعويض الأحزاب وتعويض منتخبيها (نقول قد نهضم)، لكن بأي مبرر يتم إهدار 18 مليار درهم كل لتأطير الاحتجاجات بالمغرب بسبب تقصير مسؤول حكومي أو منتخب أو معين!!
ألم يكن من الأولى محاكمة المسؤول عن التقصير في تدبير المرفق العام (وطني ومحلي)، وبالتالي محاكمة المسؤول عن إخراج المواطنين إلى الشارع للاحتجاج؟
نعم، محاكمة المسؤول لن تعيد لنا ما ضاع من موارد، ولكن على الأقل ستحصن مستقبلا تدبير المرفق العمومي، ولن يتقدم للمنصب إلا «سيدي ومولاي»، ومن له « كبدة على البلاد وعلى العباد». وبالتالي سنربح من خلال ذلك على واجهتين:
أولا: تجديد النخب الفاسدة والمستهترة بالمصالح العليا للمغرب بتحسين نسل الممارسين للشأن العام ببلادنا.
ثانيا: سنضمن تجويد المرفق العام وتوفير حوالي 18 مليار درهم كل عام. أي بدل أن نرصد هذا المبلغ لمواكبة وتأطير الاحتجاجات بالشارع العام سنرصده لتحسين مستوى عيش السكان وتلبية مطالبهم( نموذج أيت بوكماز بإقايم أزيلال)، بل وتحقيق الرفاهية بالمجتمع.
أولا: تجديد النخب الفاسدة والمستهترة بالمصالح العليا للمغرب بتحسين نسل الممارسين للشأن العام ببلادنا.
ثانيا: سنضمن تجويد المرفق العام وتوفير حوالي 18 مليار درهم كل عام. أي بدل أن نرصد هذا المبلغ لمواكبة وتأطير الاحتجاجات بالشارع العام سنرصده لتحسين مستوى عيش السكان وتلبية مطالبهم( نموذج أيت بوكماز بإقايم أزيلال)، بل وتحقيق الرفاهية بالمجتمع.
ألم يتم استيعاب درس الحسيمة الذي كلفنا إهدار 240 مليار سنتيم لمواجهة حراك امتد ثمانية أشهر بسبب تقصير مسؤولين حكوميين وترابيين ومنتخبين في أداء مهامهم؟!
إلى متى سيبقى المغرب مستباحا للشناقة وللساقطين والفاسدين «يبيعون القرد ويضحكون على من اشتراه»؟!