الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

الحموشي.. القبة الفولاذية الاستخباراتية للمغرب!

الحموشي.. القبة الفولاذية الاستخباراتية للمغرب! عبد اللطيف الحموشي المدير العام لجهازي الديستي والشرطة
أصبح صيت المخابرات المغربية ذائعا مثل غيوم لا أرجل لها، كما أصبح لها  اليوم ذكر حسن بين سائر الأمم، لأن عيونها محفوظة من النعاس، ولا تنام. وليس أدل على ذلك من الشهادات الإيجابية التي تمتدح كفاءتها ونديتها واحترافيتها وعلو كعبها في محاربة «الإرهاب» و«الجريمة العابرة للقارات»، من طرف أقوى المخابرات في العالم التي باتت تنشد ود المغرب، وتتبادل معه الخبرات، إلى أن أصبحنا، في السنوات الأخيرة، أمام معطى مثير للانتباه ويكتسي أهمية كبرى، ويتعلق الأمر  بـ «الديبلوماسية الأمنية»، خاصة أن الأمن والعمل الاستخباراتي يحظيان بمركزية مهمة  في تفكير  الدول العظمى، على مستوى مكافحة الإرهاب، وأيضا على مستوى التحكم في القضايا الأمنية ذات البعد الاستراتيجي المشترك.
 
لقد أدرك المغرب أن الديبلوماسية الأمنية تتمتع بمركزية كبيرة في السياسات الخارجية، وهذا ما يبدو واضحًا اليوم مع الزيارات التي يقوم بها المدير العام للأمن الوطني ومدير الديستي، عبد اللطيف الحموشي، للعديد من عواصم العالم، وعلى رأسها الزيارة التي قام بها إلى واشنطن في منتصف شهر  يونيو 2022، على رأس وفد أمني ضم مدراء وأطر من المصالح المركزية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وعقد اجتماعات مكثفة مع قادة المخابرات والأجهزة الأمنية الأمريكية، فضلا عن الزيارات التي قام بها إلى إسبانيا وفرنسا وقطر وغيرهما.  كما تحول المغرب، في المدة الأخيرة إلى قبلة يحج إليها قادة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية بالعالم، مثل أمريكا وهولندا وإسبانيا وألمانيا وإسرائيل.. وغيرها حيث عقدوا اجتماعات رسمية مع عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للقطب الامني ( ديستي وأمن وطني)؛ وهي الزيارات التي تؤكد أن المغرب مدرك تمام الإدراك لأهمية البُعد الأمني في البيئة الخارجية، وقدرته على أن يصبح طوقا قويا ضد أي «مفاجآت دبلوماسية» غير سارة.
 
كما تؤكد أن المغرب تحول، على مدى سنوات من العمل الاحترافي الدؤوب، إلى رقم صعب في معادلة الأمن في العالم، وإلى وجهة استراتيجية قارة وموثوقة للوقاية من الضربات الإرهابية، مما يؤكد أن  المنظومة الأمنية المغربية باتت تلعب أدوارا متقدمة في السياسة الدبلوماسية للمغرب، بل إنها الخرسانة التي تتقوى من العلاقات بين الدول، وهو أمر تفهمه جيدا مختلف الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، رائدة الحرب على الإرهاب، إضافة إلى إسبانيا التي تربطها بالمغرب ملفات شائكة، تتعلق بمحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية  والمخدرات والجريمة المنظمة بمختلف أشكالها. كما أن دولا أخرى، من مختلف الجهات، بما فيها روسيا، ومجموعة من الدول الأوروبية والإفريقية والأسيوية (سيريلانكا، الهند)  لا تخفي إشادتها بفعالية مخابرات المغرب، وريادتها في تصنيف المخابرات الإفريقية والعربية، وحتى الدولية (صنف تقرير صادر عن مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة المخابرات المغربية بأنها الأقوى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط).
 
لقد دفعت التغيرات الأمنية التي عرفها العالم  بصانعي القرار في المغرب إلى انتهاج دبلوماسية أمنية، تهدف إلى تفكيك التهديدات المختلفة أو احتوائها، في ظل وجود المغرب  وسط بيئة معادية، من خلال جهد سياسي متواصل يرتكز إلى اقامة شبكة من العلاقات مع أمريكا وإسرائيل وإسبانيا والعديد من الحكومات الأوروبية والإفريقية والعربية، والعمل على تمتين الروابط مشتركة من أجل تعزيز الأمن وتطوير علاقات شراكة استراتيجية ودعم القضية الوطنية في المجتمع الخارجي، من خلال الاعتماد على اللقاءات الثنائية والملتقيات الدولية وتبادل الزيارات والمعلومات والخبرات، لتأسيس  حالة من «تضامن  الشركاء» في المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، خاصة أن المغرب أعلن أنه ينظر إلى شركائه من خلال «نظارة الصحراء»، أي أن الشراكة تبنى على دعم «المصالح الحيوية للمغرب»، وليس على أساس الشرط «التاريخي التقليدي»، أو على أساس الاستثمارات الاقتصادية فقط.
 
لقد كان المغرب واضحا في نهجه الديبلوماسي، كما كان واضحا في رؤيته لمفهوم «الشراكة»، مما يجعلنا نستنتج أنه العمل مع الأطراف في المجتمعات الإقليمية والدولية لا يعني المكسب الاقتصادي بقدر ما يعني تمتين «خطوط الاتصال مع الأطراف المعنية من أجل تحديد المصالح المشتركة ومجابهة الأنشطة العدوانية التي تستهدف  هذا الطرف أو ذاك»، أي الشراكة الشاملة، بما فيها الشراكة الأمنية التي أصبحت، مع الإدارة الحالية للأمن في عهد عبد اللطيف الحموشي، لاعبا أساسيا في العمق الاستراتيجي للمغرب، خاصة مع الجوار المعادي، وهو ما يتطلب دعما مستمرا من الحلفاء الاستراتيجيين.
 
لقد نجحت المخابرات المغربية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وأثبتت جدارتها في رصد وتتبع تحركات الجماعات المتطرفة بمختلف توجهاتها وأشكالها داخل الأراضي المغربية وخارجها، الشيء الذي مكنها من إجهاض مخاطر الإرهاب والجرائم المهددة للأمن الوطني، وأيضا الدولي، وذلك عبر  برنامج قوي  يرتكز على التعاون مع الأجهزة المخابراتية الدولية الأمريكية والأوربية والروسية، وبشكل أكبر مع الخليج العربي وبعض الدول الأسيوية الأخرى بهدف تعزيز مكانتها على الصعيد العالمي، وهو ما مكنها من بناء شبكة علاقات قوية مع أشهر الأجهزة الأمنية في العالم من حيث الكفاءة والاحترافية (الولايات المتحدة الأمريكية، هولندا، إسبانيا، ألمانيا، إسرائيل...)، إلى جانب الخبرة التي ينقلها المغرب إلى شركائه الأفارقة، خاصة أن محاضن الإرهاب تستقر في منطقة الساحل، لتمتد في العمق الإفريقي شرقا وجنوبا، كما تمتد نحو أوروبا، وأيضا نحو  الشرق الأوسط، مما حول المغرب على المستوى الأمني إلى شريك استراتيجي يصعب القفز عليه في التصدي الحازم لمختلف التهديدات الإرهابية والمخاطر الإجرامية المرتبطة بالتهريب والهجرة والجريمة المنظمة والاتجار الدولي في المخدرات.
                       تفاصيل أكثرفي العدد الجديد من أسبوعية "الــــــــــــــــــوطن الآن"