Thursday 18 December 2025
فن وثقافة

محمد شروق يفتح صندوق الذاكرة: الانتقال من وزارة الإعلام إلى ديوان عمالة المحمدية (06)

محمد شروق يفتح صندوق الذاكرة: الانتقال من وزارة الإعلام إلى ديوان عمالة المحمدية (06) محمد شروق
تنشر جريدة "أنفاس بريس" حلقات من ذكريات ومذكرات الكاتب الصحافي محمد شروق، انطلاقا من قضائه للخدمة المدنية بوزارة الداخلية والإعلام (قطاع الإعلام) في 01 دجنبر 1986؛ إلى إحالته على المعاش في 25 مارس 2024، بعمالة الدار البيضاء أنفا كمسشار للعامل في الصحافة والاتصال.
 
في شهر غشت 1992،  سيتم تعيين عزيز حسبي وزيرا للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، فيما سيخلفه محمد الصديق معنينو في منصب الكاتب العام لوزارة الإعلام. 

في نفس الوقت، سيتم تعيين حسن الرحموني عاملا على عمالة المحمدية.
من غرائب الصدف، أنه قبل يوم واحد من تعيينه، طلبت من عزيز حسبي الانتقال إلى العمل بإذاعة الدار البيضاء. قال لي: ذكرني غدا وفي اليوم الموالي كان تعيينه وزيرا!!!.
وبما أنني كنت مصرا على مغادرة الرباط، فإن تعيين الرحموني بعمالة المحمدية رأيت فيه حلا ممكنا، بل إن المحمدية قريبة من حي سيدي البرنوصي الذي أقطنه.

بعد تنصيبه بأيام قليلة عاملا على عمالة المحمدية، قررت زيارته وتهنئته. كنت أشتغل بعد الزوال بوزارة الإعلام. استقليت طاكسي من البرنوصي إلى المحمدية. 

سأدخل مقر العمالة لأول مرة، ومباشرة إلى الديوان. قدمت لرئيسه المرحوم عبد اللطيف البرنوصي اسمي؛ طالبا لقاء العامل بدون موعد.
 
بعد وقت من الانتظار، استقبلني العامل حسن الرحموني بمكتبه بحرارة، وقبل أن أتقدم بالتهنئة، فاجأني بالقول:
فين أصاحبي تنقلب عليك آجي خدم معايا ونتهلا فيك..الدار والسيارة..أنا أعرف جديتك وكفاءتك..
أجبته بأنني في مكاني بنفس المصلحة بوزارة الإعلام، وكان من السهل الاتصال بي.
 
طلب مني العودة غدا إن قبلت العرض للشروع في مسطرة الإلحاق من وزارة الإعلام إلى وزارة الداخلية.
كيف لا أقبل العرض؟ أنا كنت أريد فقط الانتقال من الرباط، فإذا بي سأستفيد من سكن وظيفي وسيارة وربما منح، وسأكون مقربا من العامل 
في اليوم الموالي، أخبرت الصديق معنينو بطلب الانتقال إلى عمالة المحمدية. وافق مباشرة وقال لي كلمة لن أنساها: المهم الله يعاونك..خللي لي غير البوسط (المنصب المالي).  وهذا يعني أنني سأتوصل في المستقبل بأجرتي ا الشهرية من المشغل الجديد؛ وزارة الداخلية. هذا هو معنى الإلحاق.
 
بعمالة المحمدية، كنت في الموعد بمكتب العامل. نادى على رئيس مصلحة الموظفين محمد شقيفة. هذا الأخير سيلاحظ وهو يدون معلوماتي الشخصية في طلب الإلحاق، أن عنواني بسيدي البرنوصي.
بعد خروجنا معا من مكتب العامل، قال لي بأنه هو الآخر من أبناء سيدي البرنوصي وأنه سعيد بهذه الصدفة. أجبته: أنا الأسعد وكانت بداية صداقة حقيقية تمتد إلى يومنا. 
 
كان العامل قد طلب مني بداية الاشتغال معه بالديوان في انتظار إنهاء إجراءات الإلحاق.
هكذا سأعمل طيلة 15 يوما من 15 شتنبر إلى 01 أكتوبر 1992، في الصباح بديوان عمالة المحمدية وفي الساعة الواحدة، أستقل القطار للعمل بوزارة الإعلام، حتى لا أعتبر هناك غائبا.
لابد هنا من الإشارة إلى أنني كنت مبرمجا لخطبة رفيقة الحياة يوم 26 شتنبر 1992 قبل حوالي أربعة أشهر، واختياري لهذا التاريخ ليس صدفة بل لأن عيد ميلادي 25 شتنبر.
 
سيتم حفل الخطوبة بالدار البيضاء في اليوم الموضوع، وكان بمثابة حفل شبيه بحفل زفاف بحضور العائلة  بعض الأصدقاء، من بينهم زميلة في المصلحة؛ فاطمة رمرام كنت ومازلت أعتبرها بمثابة أخت حقيقية.
بمقر العمالة، سآخذ مكتبا مستقلا بديوان العامل مع مخزني (بلانطو)، واسمه إدريس يعطي التحية لي في كل دخول وخروج من المكتب.

كان أول شيء لاحظته هو أن جرس المناداة على المخزني كان تحت القدم، فما كان مني إلا ناديت عليه وطلبت منه وضع الجرس فوق المكتب لأستخدم يدي للمناداة عليه، وليس القدم.
 
 
يتبع..