Wednesday 5 November 2025

جالية

هلسنكي تحتفي بروح المسيرة الخضراء: 50 عامًا من الوحدة المغربية والسلام الدائم

هلسنكي تحتفي بروح المسيرة الخضراء: 50 عامًا من الوحدة المغربية والسلام الدائم جانب من الاحتفال
هلسنكي- يونس إجيري 
 
احتضنت العاصمة الفنلندية هلسنكي، مساء الثلاثاء 4 نوتبر 2025، احتفالية رسمية بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، أحد أبرز الأحداث في تاريخ المغرب الحديث، تحت شعار "50 عامًا: من التنمية إلى الحكم الذاتي الديمقراطي".
 
الفعالية، التي أقيمت في قاعة بالدر التاريخية، جمعت نخبة من الدبلوماسيين والبرلمانيين وصنّاع القرار وأفراد الجالية المغربية في فنلندا، وسط أجواءٍ احتفالية بطابع مغربي مميز، جسدت عمق العلاقات بين المغرب وفنلندا، وحملت رسائل سلام ووحدة وتنمية مستدامة.
في كلمته الافتتاحية، أكد السفير المغربي في فنلندا وإستونيا محمد أشكالو، أن المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نوفمبر عام 1975، لم تكن مجرد حدث سياسي، بل كانت "تعبيرًا حضاريًا عن إرادة أمة تؤمن بالسلم كطريق للسيادة والوحدة".
وقال أشكالو،"قبل خمسين عامًا، أثبت المغاربة أن الإيمان بالحق يمكن أن ينتصر دون عنف. المسيرة الخضراء كانت عهدًا بين الأجيال: من استرجاع الأرض إلى بناء المستقبل."

 
وأضاف المتحدث، أن الذكرى الخمسين ليست فقط لحظة فخر واحتفاء، بل أيضًا فرصة لتقييم مسارٍ من التحول والتقدم في الأقاليم الجنوبية، حيث أصبحت مدن مثل العيون والداخلة "نماذج رائدة في التنمية الإفريقية"، بفضل مشاريع كبرى في البنية التحتية، التعليم، الطاقة المتجددة، والاقتصاد الأزرق.
 
وتوقف الديبلوماسي المغربي عند المبادرات الملكية الكبرى، وعلى رأسها مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007، التي وصفها بأنها "خطة متكاملة للحكم الذاتي الديمقراطي، قائمة على المشاركة المحلية والشرعية الدولية". كما أشار إلى قرار مجلس الأمن رقم 2797 الأخير، الذي "أكد بوضوح أن أي حل سياسي يجب أن يكون في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية".
وختم أشكالو كلمته بالقول،"المسيرة الخضراء لم تتوقف. إنها اليوم مسيرة نحو التنمية، نحو الديمقراطية المحلية، ونحو سلام دائم يقوم على التعاون والاحترام المتبادل."

 
من جانبه، ألقى عضو البرلمان الفنلندي بيتر أوستمان كلمة مؤثرة عبّر فيها عن إعجابه العميق بروح المسيرة الخضراء، معتبرًا إياها "واحدة من أنبل مظاهر الوحدة السلمية في التاريخ المعاصر".
 
قال أوستمان، "في نوفمبر 1975، خرج 350 ألف مغربي حاملين الأعلام والقرآن الكريم، لا ليقاتلوا، بل ليُثبتوا أن الإيمان والاتحاد أقوى من أي سلاح. إنها رسالة خالدة يتردد صداها حتى اليوم."
 
أشار المتحدث إلى أن المغرب نقل روح المسيرة إلى ميادين التنمية الحديثة، مضيفًا، "المغرب اليوم يثبت أن السلم يمكن أن يكون محركًا للتنمية. لقد حقق تقدمًا كبيرًا في مجالات الطاقة المتجددة، التعليم، التحول الرقمي، والابتكار التكنولوجي، وهي مجالات تتقاطع فيها رؤى المغرب وفنلندا."

 
 
 
وفي معرض حديثه عن قضية الصحراء، شدد أوستمان على أن موقف بلاده "قائم على دعم حل سياسي دائم ومتوافق عليه في إطار الأمم المتحدة"، مضيفًا أن خطة الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 تُعد مبادرة جادة وذات مصداقية ضمن هذا المسار.
 
وختم أوستمان بالقول:"في عالمٍ تزداد فيه الانقسامات، يذكّرنا المغرب بأن الوحدة والسلام ليسا حلمًا بعيدًا، بل خيارًا سياسيًا ناجحًا يمكن أن يُثمر استقرارًا وتنمية للجميع."
 
وفي سياق متصل، ركز رئيس جمعية الأصدقاء المغاربة في فنلندا، أري بيتايفارا في كلمته بالمناسبة على البعد الاقتصادي والاجتماعي للتطور في الأقاليم الجنوبية، وقال بيتايفارا، إن "المغرب استثمر بذكاء في الإنسان والبنية التحتية والبيئة"، مشيرًا إلى أن مدينتي الداخلة والعيون أصبحتا "مركزين ناشطين للتجارة والسياحة والطاقة المتجددة".
 
وأضاف بيتايفارا، أن دعم أكثر من 120 دولة لخطة الحكم الذاتي المغربية، بما في ذلك دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، "يعكس الثقة الدولية في المسار المغربي القائم على الواقعية والتعاون".
 
وختم بيتايفارا قائلاً، "كما قال الرئيس الفنلندي مارتي أهتيساري: كل أزمة يمكن تجاوزها بالإرادة الطيبة. والمغرب اليوم يبرهن أن الإرادة الوطنية قادرة على تحويل النزاع إلى فرصة للسلام والتنمية."
 
يذكر، أن الندوة عرفت مشاركة أيضًا الصحفي أنتيرو إيرولا، عضو مجلس مدينة فانتا ورئيس مجموعة التحالف اليساري، والبرلمانية السابقة إليزابيث نوكلر القنصل الفخري لفرنسا، والسفير السابق ريستو ممثل مؤسسة آنا ليند، إلى جانب ممثلين عن المعهد الفنلندي للشرق الأوسط وعدد من الشخصيات السياسية الأكاديمية والإعلامية.
 
واختُتمت الندوة بجلسة نقاش مفتوحة تخللتها مداخلات للحضور حول الصحراء المغربية، كما استمتع الضيوف بحفل استقبال مغربي الطابع، تخللته أطباق تقليدية وحلويات مغربية وشاي بالنعناع، في أجواءٍ ودية أعادت الدفء إلى ليل هلسنكي البارد.
المغرب اليوم، كما أكد المتحدثون، لا يحتفل فقط بذكرى تاريخية، بل بروحٍ ما تزال تُلهم العالم نحو الوحدة، والتعاون، والسلام الدائم.