Friday 6 June 2025
منبر أنفاس

رجاء عبد القادر: إهداء وتبادل إهداء الغذاء بمجال عبدة 

رجاء عبد القادر: إهداء وتبادل إهداء الغذاء بمجال عبدة  رجاء عبد القادر
على مر العصور اعتبر الغذاء منطلقا لعدد من التفاعلات الاجتماعية، وارضية لغير قليل من العمليات ذات الاهداف والدلالات المناسباتية والاغراض الاجتماعية المتنوعة، من قبيل الزواج والصلح والعقيقة وتبريك الإنجاب والولد، وتكريم الموتى وغيرها من  غايات فعل الاطعام وتبادل الاطعام. 
ولعله من الامور الجميلة استمرار عدد من هذه العادات في مناطق متعددة، بمجالات جغرافية اتسمت في طبيعتها بتوصيفها الزراعي المرتبط بانتاج الارض والضرع. 
ويبقى اهداء العذاء وتبادل اهدائه ميزة من هذه الميزات، ويشمل مجال الاهداء المتسع اهداء بعض ما تجود به الارض والماشية، كالخضر والسمن والحليب واللبن والعسل والطحين. 
ولاهداء ألبان وحليب المواشي بصمة خاصة؛ إذ عهدت عدد من الأسر التي تتوفر على مواش اهداء معارفها واسر تبادلها اهداءات غذائية معينة، ان تشاركها بعض ما تجود به ماشيتها. 
هذا وما يزيد العملية كثيرا من المعاني الاجتماعية المرتبطة بتقدير " النعمة" وتبويئ الغذاء رمزيته الخاصة اجتماعيا ووظيفيا، هو الطريقة التي تتم بها إرجاع الاواني المستوعبة لما يتم اهداؤه من الغذاء. 
ويتم إرجاع هذه الاواني والحاويات كما هو الحال بالنسبة للبن بمجال عبدة الفلاحي، بدون غسلها في إشارة الى استبارك المهدى اليه للمادة المهداة وترجيه لعدم قطع اثرها ونسلها وسيلان رزقها. 
كما يتم ارجاع الاواني والحاويات وهي تضم قطع سكر ابيض، او حلويات ذات توظيف مناسباتي مرتبط بالغذاء كما هو الحال لقصعة الزواج أو رفيسة الولادة او حزام العروس او النفيسة؛ وهذا يعكس تيمنا باللون الابيض الذي يبرز في عدد من مناسبات الاحتفال الجماعي لدى المغاربة بتوظيف الحليب والسكر وأعلام إشهار الزواج او الخطبة. 
واعتادت الاسر بمجالات متعددة بعبدة  منذ تاريخ طويل أن تخصص لارجاع هذه الاواني ما يسمى ب" البياض"؛ وهو قد يتجلى عبر قطعة صوف بيضاء او سكر او غيره مما يرمز الى تبيض وطهارة فعل الاهداء والرغبة في استدامة النعمة وتنقية اصحابها من كل سواد محتمل.