Saturday 31 May 2025
منبر أنفاس

عزيز الداودي: الحملات الانتخابية التي تُكرّس بؤس المشهد السياسي بوجدة

عزيز الداودي: الحملات الانتخابية التي تُكرّس بؤس المشهد السياسي بوجدة عزيز الداودي
ونحن على مشارف نهاية الولاية التشريعية وبداية أخرى في أواخر سنة 2026، وبغض النظر عن التقييم الموضوعي لتجربة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والتي تعكسها الأرقام الرسمية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، فإن تقارير المؤسسات الدستورية، كالمندوبية السامية للتخطيط، ومجلس المنافسة، والمجلس الأعلى للحسابات، تكشف بوضوح اتساع الهوة بين ما يُسمّى بالدولة الاجتماعية وواقع يرزح تحت اختلالات بنيوية عميقة.
 
وقد نتج عن هذه الاختلالات، بشكل طبيعي، تفاقم معدلات البطالة، وإفلاس عدد كبير من المقاولات، واستغلال النفوذ لتكديس الثروات، عبر تسهيل المسار لمن يزاوج بين السلطة والمال. وربما كانت تقارير المنظمات الأممية أكثر صدمة ووضوحًا، إذ لا حاجة للتذكير بأن المغرب، بحسب هذه التقارير، يحتل مراتب متأخرة جدًا في مؤشرات التنمية المرتبطة بجودة التعليم، والصحة، والسكن، وغيرها.
 
وأمام هذا الوضع، اختار عدد من المسؤولين الذين دبروا الشأن المحلي والجهوي والتشريعي، أن يُطلقوا حملات انتخابية سابقة لأوانها. ولا شك أن التنافس السياسي بين الأحزاب أمر محمود، وأن ممارسة الأحزاب لوظيفتها الدستورية في التأطير والتعبئة يُعدّ من صميم مهامها، لكن في المقابل، فإن حملات من هذا النوع تفقد معناها عندما تُستغل في أنشطة ظاهرها إنساني، وباطنها تكريس للأزمة.
 
فلا يُعقل مثلًا أن يتولى عمر احجيرة، الوزير المكلف بالتجارة الخارجية، والبرلماني لولايتين عن وجدة، ورئيس جماعة وجدة للفترة نفسها، ونائب رئيس مجلس الجهة، تنظيم حملات طبية لتصحيح البصر أو تشخيص بعض الأمراض، بينما كان الأجدر به أن يعمل على توفير المستشفيات والمستوصفات والجامعات والمدارس. فقد قيل إن "المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين"، كما أن "حبل الكذب قصير".
 
وطبعًا، ليس احجيرة وحده من انتهج هذا السلوك، بل حتى وزيرة الانتقال الطاقي استغلت مناسبة رسمية للإشراف على لقاء لأعضاء حزب الأصالة والمعاصرة بوجدة، في خطوة لا تخدم الصالح العام، بل تعكس اللهاث وراء المناصب المحلية والجهوية والوطنية، في ظل منح التزكيات لمن لا يستحقونها، بناءً على منطق الولاءات والمجاملات الحزبية.
 
إنها حرب ستُشعل فيها كل الأسلحة لإضعاف الخصوم، وستُستخدم كل الوسائل للوصول إلى قبة البرلمان، ليتقاسم بعدها "الفائزون" الغنائم، ويبقى المواطن والوطن هما الخاسرين الحقيقيين.
 
أما حزب الأحرار، فهو الآخر يعيش على وقع التشرذم، حيث ينتظر "مناضلوه" – أو بالأحرى "مقاولوه" – ما ستُفضي إليه مفاوضات التزكيات. وكالعادة، من لم يُمنح موقعًا متقدّمًا في اللوائح، سيُعلن أنه "بوحدي أنضوي لبلاد".