Saturday 17 May 2025
كتاب الرأي

يوسف غريب: مخدّرات "المخزن".. الأسطوانة الجزائرية المشروخة..!؟

يوسف غريب: مخدّرات "المخزن".. الأسطوانة الجزائرية المشروخة..!؟ يوسف غريب
لاحظ الجميع أن الأزمة مع فرنسا بجانب دول الجوار لم يعد المغرب والمخزن خصوصاً مادّة إعلاميّة وسط ابواق جنيرالات الجزائر حتّى حدود أمس حيث تفاجأ الجميع بتقرير تلفزي بالقناة الرسمية الجزائرية عن موضوع اكتشاف نفق يربط المغرب بالجزائر نحو مشارف مدينة تلمسان..
التقرير الذي طغى على خبر وصول رئيس الدولة نفسه من زيارته الأخيرة لسلوفينيا نظراً لأهميّة خبر الإكتشاف من نتائج الزيارة الرسمية كما يبدو لذوي حسن النيّة مثلي..
وبنفس النيّة عدت إلى قراءة هذا التقرير التلفزي المصوّر مركزّاً على هذه الفقرة العجيبة :

(… نقلاً عن مصادر إعلامية موثوقة تمّ اكتشاف نفق يقع على عمق معتبر تحت الأرض، ويرجح أنه استُخدم في الفترة الأخيرة لتمرير كميات كبيرة من مادة "الكيف" المعالج، والتي تعد من أخطر المواد التي تستهدف بها شبكات التهريب استقرار البلاد)
هي الفقرة الأهم في ذاك التقرير مع التركيز على مصدر الخبر لدى القناة الرسمية الذي اعتمد على عين ويقظة الصحفي والإعلامي الجزائري.. إذ يعود إليه الفضل في هذا السبق الإكتشافي باعتباره أقوى جهاز استخباري بالجزائر وفوق كل الأجهزة الأمنية الأخرى ذات الإختصاص بمثل هذه الأحداث كما الحال في بلدان بقية العالم..
غير الجزائر يتحول فيها الصحفي إلى مصدر للخبر لأجهزة الدولة عوض البحث عن الخبر عندها..
هو المنطق في العالم الآخر..
فالآيات كلّها مقلوبة هناك.. درجة ان الإعلام الرسمي لا يجد أدنى حرج في استعمال فعل ( يرجّح) بمعنى اليقين عوض دلالته الحقيقية التي تفيد الشك وعدم التأكد كل ذلك من إجل إسقاط طائرة المخزن في حديقة الجزائر المهددة في استقرارها وتخريب عقول شبابها عبر إغراق الجزائر بمخدّرات المخزن
كانت - قبل هذا الإكتشاف العجيب- أسطوانة إعلامية أسبوعية وخبر رئيسي بنشرة الأربعاء كل مساء وبنفس الديكور والأكياس وأفراد الحرس الحدودي.. وأكدت اليوم بعد هذا السيناريو ان الامر بالفعل يعود إلى المخدرات..
نعم إنها المخدرات ياسادة.
هي وحدها القادرة على إصدار تهمة لبلد جار بناء على معطيات من مصادر صحفية.. وتقديم صور لنفق سابق بين المغرب وسبتة المحتلة على أنه النفق المكتشف المغربي الجزائري.. بل والعالم يشاهد مستغرباً صوراً حية للشرطة الإسبانية دون أدنى خجل لهذه الأبواق العسكرية هناك.. باعتبارها أقوى تخدير يتجرّعه الشعب الجزائري وبحصص يومية متفرّقة
هو المخدّر الحقيقي في هذا البلد الجار واقوى من الكيف والحشيش وكل انواع المهولسات الأخرى..
وتحت إسم ( تسويق الوهم)
هو المخدر القاتل بهذا العالم الآخر من رأس هرم الدولة وصولاً إلى قاع المجتمع وبكل أطيافه.. لا يستسيغ الكائن هناك غير لذة الوهم بأنه شعب الله المختار.. ومن فصيلة عرقية استثنائية وفوق بقية البشر.
فقط يكفيك متابعة خطابات المسؤولين وتحليلات النخب وردود أفعال الشعب الجزائري لتكتشف بأن القاسم المشترك هو طريقتهم في التكلم و الحديث و الانفعال تشبه أولئك المصابين بلوثة عقلية جراء ارتفاع منسوب مخدر الوهم نحو الاعتقاد الراسخ بأن الإنسان الجزائري لم يخلق إلا لكي يحكم العالم.. بدءاً بأن أمريكا أقرّت دستورها خوفاً من الجزائر كما سمعها الجميع بالتلفزة الرسمية.. مروراً بمؤامرة ( غاساما) وإعادة المقابلة.. وصولاً إلى استيراد مليون رأس غنم وتحويل سنة أضاحي التقرب والقربان إلى الله إلى لعبة الحظ والقمار..
هذا هو المخدر الحقيقي الذي ينخر المجتمع الجزائري - للأسف - ويهدد استقراره وأمنه حتى أصبح بفضل هذه العصابة موضوع نكتة عالمية لشعب فقير فوق انفاق غنية
هو المخدّر الحقيقي الذي جعل العصابة حولاء لا ترى غير أرنبة أنفها بمنطق ( زكارا في المغرب) حيناً بأكاذيب وخزعبلات مضحكة حيناً آخر منها بعض الأمثلة للترفيه كحرق غابات تيزي اوزو وتخريب عشب الملعب بأمر من السيد لقجع وهزيمة إسبانيا بكأس العالم أمام ( لاشيء)
أما قصة النفق المكتشف من طرف الإعلام ما هو إلا تغطية بئيسة عن الفشل الذريع لزيارة عبد المجيد تبون لدولة سلوفينيا من خلال تصريح جدّد فيه المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية قبل يومين التأكيد على أن :
(.. لا الاتحاد الأوروبي ولا أي من دوله الأعضاء يعترفون بـ”الجمهورية الصحراوية” المزعومة)
وهل هناك بعد التصريح نفق بحجم القارة غير جغرافية اسمها الجزائر معزولة من كل الجوانب الحدودية ومنبوذة من كل المحافل الدولية
نعم
فمخدّر وهم القوة والعظمة والغرور هو الوحيد القادر على أن يعزلك عن العالم..
بدليل ان طرابلس يا عمي تبون وشيكة على السقوط..
ألم تعد خطّاً أحمر..!؟
أم أن كوكايين ابنك خالد تبون أصابك بعمى الألوان..
 
 
يوسف غريب/ كاتب صحفي