مازالت خرجات بنكيران بمناسبة أو بدون مناسبة تثير الجدل الكبير .لكون خطابه الشعبوي وصل أدنى درجات الانحطاط ولم نعد نميز الصالح من الطالح بين الفرقاء السياسيين.
لن نتكلم عن أقبح النعوت والاوصاف التي تفوه بها والتي يقول مناصروه إنه يقصد بذلك من لا يقف الى جانب الأشقاء الفلسطينيين ، وبالرغم من تجاوز هذه لصفات لكل الخطوط الحمراء في حق جزء من الشعب المغربي في ترتيبه للأولويات وفي تقديره لدقة المرحلة المتسمة بالاختلال الفظيع في موازين القوى لصالح المخطط الصهيوني الإمبريالي وما يستلزمه ذلك من إعادة النظر في طريقة الدعم، بل حتى في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي .
بمعنى أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية والاستبداد به هو ضرب لاحد ركائز الدستور المغربي" الاختيار الديمقراطي" عبر احترام آراء المواطنين في إبدائها ما دامت لا تخل بثوابت الأمة.
وربما بعد أن فات القطار بنكيران وبعد أن لم يبقى أمامه سوى لعب الوقت الضائع وبعد فقدانه للبوصلة وافتقاده لأبسط أدوات تحليل الواقع الاجتماعي والسياسي ولتدارك الهدر الزمني وبعث الروح في حزب خرج منه العديد من الأطر( الرميد- الرباح- اعمارة- بوليف- الشوباني ) وغيرهم.
لعل وعسى يحصل على الغنائم عن طريق كسبه لبعض المقاعد في مجلس النواب في الاستحقاقات المقبلة . متناسيا أن التاريخ لا يرحم وأن حصيلته حين كان رئيسا للحكومة كانت كارثية حيث لم تكن له الشجاعة إلا في تحرير أسعار المحروقات التي اكتوى بنارها عموم المواطنين والمواطنات .
وكان من نتيجة ذلك الزيادة في أسعار جل المواد الغذائية والأساسية .ليعرج بعدها على استهداف الموظفين والموظفات بتمديد سن التقاعد وبزيادة الاشتراكات والتخفيض من المعاشات. وكان يمني النفس أن يلغي صندوق المقاصة ويحرر ثمن البوطا والسكر وما زال يصرح بأنه ندم على ذلك أشد الندم.
بالمقابل كانت الفرصة أمامه حيت كان حزبه على رأس الحكومة لولايتين متعاقيتين أن يستصدر من البرلمان قانون تجريم الإثراء الغير مشروع واحالة مختلف تقارير المجلس الأعلى للحسابات على النيابة العامة لترتيب الجزاءات القانونية خصوصا حين كان مصطفى الرميد وزيرا للعدل والحريات ورئيسا كذلك للنيابة العامة، لكنه انزوى الى الظل وكان يخشى على أغلبيته الهشة وأن يرفع في وجهه ملتمس الرقابة وتسقط حكومته دستوريا ليختار الحل السهل.
قد لا نلوم بنكيران لوحده بقدر ما نلوم الطبقة السياسية التي تركت فراغا فضيعا في المشهد السياسي لم يشهد له مثيل وهذا طبيعي جدا في ظل عدم تحمل الأحزاب السياسية للمسؤوليات المناطة بها دستوريا في التعبئة والتأطير، وهذا ما فسح المجال لسيادة الخطاب الشعبوي الذي وإن كان مثيرا ومسموعا، فإنه بالمقابل ينفر جل المغاربة من العمل السياسي وهو ما يجعلهم عرضة للاستقطاب من طرف من قد يسيئون فعلا الى الوطن وسمعته.