الحملة المسعورة التي تشنها أوساط جزائرية ضد المغرب ليست وليدة اليوم، لكنها تؤكد، حسب كثير من المراقبين، أن الجزائر مرت إلى السرعة القصوى، وتحاول جاهدة النيل من أمن واستقرار المغرب. خلفية و أبعاد الحملات الجزائرية الأخيرة ضد المغرب شكل موضوع برنامج خاص حول التصعيد الجزائري ضد المغرب بثته قناة medi1TV، ليلة الخميس 28 غشت 2014،
مقدم الرنامج،الزميل يوسف بلهيسي استضاف كلا من: الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، وعبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، وعبد الرحيم المنار السليمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أكدال الرباط. يوسف بلهيسي فتح النقاش بتساؤلات حول ما الذي يريده حكام الجزائر من وراء الجامعة الصيفية ببومرداس بالجزائر، وهل تخطط الجزائر لإشعال الأقاليم الجنوبية للمملكة بالنظر إلى عدة مؤشرات، وإلى أي مدى يجب أخذ هذه المخططات مأخذ الجد من طرف السلطات المغربية، وهل الحملة الجزائرية ضد المغرب تصعيد عابر أم مقدمة لمخطط إرهابي؟
العجلاوي: المغرب وعاء لتصدير مشاكل الجزائر
الموساوي العجلاوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، اعتبر أن المواقف الصادرة عن الحكومة الجزائرية، هي مواقف قديمة و ليست بغريبة، لأن هذه المواقف مرتبطة ببناء الدولة الجزائرية منذ عام 1962، فإذا نظرنا إلى الخريطة الجغرافية للجزائر نجدها متسعة على مستوى الجنوب في أسفل الخريطة. أي أنها تدخل في دول الجوار...فهي إذن نتيجة للاستعمار لأن الجزائر آخر دولة تتمتع بالاستقلال على المستوى شمال إفريقيا و الدول العربية، و أيضا فإن تاريخها مرتبط بالاستعمار، وهذا ما يفسر لماذا تستحضر الجزائر حديث"الثورة الجزائرية" في خطابها... لأنها تريد أن ترهن الشعب الجزائري على المستوى الفكري بكل ما هو ماضي، و تريد أن تسوق لهذا التصور للتأكيد في الوعي الجزائري أن الجزائر مهدد دائما من طرف أعداء خارجيين هما فرنسا و المغرب، لهذا فهي تعمل دائما على توجيه الرأي العام الجزائري لأن يقتنع بأن مشاكل الجزائر لا تكمن في الداخل بل في الخارج، و لهذا السبب توظف المغرب في هذا الأمر.
منار السليمي: الجزائر تمول المواقف العدائية الدولية ضد المغرب
عبد الرحيم منار السليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية و تحليل السياسات، أكد أن الدولة الجزائرية بنيت على أساس العداء للمغرب، منذ استقلالها عام 1962... ومن الصعب أن تغير سلوكها تجاه المغرب أو تحيد عن هذه المرجعية... من هنا فمسألة أحداث و لاية غرداية، أو مسألة الصراع الذي حدث في تيزي وزو، أو مسألة التشيع في غرب الجزائر، أو مسألة الطوارق في الجنوب الجزائري...كلها مشاكل ترتبط بإشكالية الاندماج في الجزائر...فالدولة الجزائرية لم تستطع تحقيق الاندماج الفعلي و ليس الإندماج بالقوة الذي نهجته المؤسسة العسكرية، لهذا سرعان ما طفت على السطح المشكل التي تلصقها بجارها الشرقي المغرب الذي ظل هو العدو أثناء بناء الدولة الجزائرية، عدو تطلب منه الفصل بين العلاقات الثنائية بين البلدين، و ملف الصحراء.... لكن الملاحظ أن و تيرة التصعيد ضد المغرب تغيرت، حيث لا حظنا أن الديبلوماسية الجزائرية على مستوى الملفات الدولية تعمل على تمويل جميع المواقف ضد المغرب، بما فيها مواقف منظمات المجتمع المدني الغربي و داخل إفريقيا، كما لا حظنا، كذلك وتيرة التسلح الموجهة ضد المغرب، ثم هناك، هذا النوع من المؤامرات، مثل جامعة بومرداس الصيفية،وأحداث كريم أزيك، وأحداث غرداية التي تتهم فيها المغرب،و حتى إذا افترضنا أن ذلك صحيحا، فمعنى ذلك، أن الجزائر دولة فاشلة، بمعنى أن المغرب ساهم في مسألة المخدرات و مسألة الطائفية... بمعنى لا وجود لدولة في الجزائر... و بمعنى أن المغرب يحكم الجزائر.
وفي سياق، حادث مطار الدار البيضاء أثناء عودة وفد جامعة بومرداس، عاب منار السليمي على الخاجية المغربية، عدم اعتمادها على نصوص القانون الدولي في مثل هذه الحالات، حيث أكد أن القانون الدولي " يعتبر هذه الأعمال التحريضية التي قامت بها الجزائر من الأعمال العدوانية على بلد آخر، فدولة تحتضن مجموعة أشخاص بهدف التعبئة و التحريض ضد دولة أخرى يعد عدوانا... للأسف فوزارة الخارجية لا تتحدث بلغة القانون الدولي... لأن ما حدث تتحمل فيه المسؤولية الجزائر.
عبد الفتاح البلعمشي: رسالة نيروبي كانت المؤشر على التصعيد الجزائري
أما عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، فذهب إلى القول بأن الحملة الجزائرية على المغرب، موضوع قديم و جديد. وأبرز أن الحملة الجزائرية ضد المغرب بدأت منذ رسالة بوتفليقة إلى نيروبي ، التي ألقاها وزير العدل، للتركيز على ملف حقوق الإنسان في قضية الصحراء... إذ لوحظ، أن ذلك، تزامن مع صراع مربع السلطة في الجزائر عقب الانتخابات الرئاسية الجزائرية... صراع أفرز رئيسا لا يتمتع بولاية جديدة، بقدر ما نعيش مرحلة التوازنات لما بعد بوتفليقة. من هنا الصراع ما بين مجموعة من أقطاب الحكم التي فرضت بوتفليقة كرئيس رغم حالته الصحية، ومجموعة أخرى... هذا الصراع يبرز أن النزعة الماضوية التي يتحدث أصحابها عن الثورة، و تقارب دائما قوة الجزائر و قيمتها و موقعها على المستوى الإقليمي بإضعاف الآخر و خصوصا المغرب، يتجلى ذلك في الكيفية التي تحركت بها الديبلوماسية الجزائرية- مثلا- بعيدة الزيارة الملكية لمالي.