Wednesday 18 June 2025
كتاب الرأي

عبد السلام بنعيسى: الرياضة ينبغي أن تظل بعيدة عن سياسة التجاذب بين المغرب والجزائر

عبد السلام بنعيسى: الرياضة ينبغي أن تظل بعيدة عن سياسة التجاذب بين المغرب والجزائر عبد السلام بنعيسى
كم‭ ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬الرياضة،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الصحافة‭ ‬الموازية‭ ‬لها،‭ ‬ظلت‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الجو‭ ‬السياسي‭ ‬المشحون‭ ‬الذي‭ ‬يطبع‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر‭. ‬وظيفة‭ ‬الرياضة‭ ‬هي‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬وتهذيب‭ ‬الخلافات‭ ‬السائدة‭ ‬بينها،‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬تطويقها‭ ‬وحلّها‭. ‬ما‭ ‬يجمع‭ ‬الشعبين‭ ‬المغربي‭ ‬والجزائري‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يفرقهما،‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬يتابعون‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬أكبر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬متابعي‭ ‬خطب‭ ‬السياسيين‭ ‬وتصريحاتهم‭ ‬الصحافية‭.‬
لذا‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬مهمة‭ ‬الصحافي‭ ‬الرياضي‭ ‬في‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬المباريات‭ ‬وتحليلها،‭ ‬ما‭ ‬يصدر‭ ‬عنه‭ ‬يصبح‭ ‬له‭ ‬مفعول‭ ‬تربوي‭ ‬وبيداغوجي‭ ‬وسياسي‭ ‬ملحوظ،‭ ‬تأثير‭ ‬الصحافي‭ ‬الرياضي‭.‬
إن‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر‭ ‬متوترة‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬النصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬ولكلا‭ ‬الجهتين،‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الذين‭ ‬يكتبون‭ ‬في‭ ‬السياسة،‭ ‬طبقا‭ ‬للتوجيهات،‭ ‬وبما‭ ‬يزيد‭ ‬العلاقات‭ ‬المتردية‭ ‬ترديا‭ ‬على‭ ‬ترد،‭ ‬وليست‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لإضافة‭ ‬الصحافيين‭ ‬الرياضيين‭ ‬إلى‭ ‬معمعة‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭. ‬يتعين‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬الصحافة‭ ‬الرياضية‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬المكفهرة‭ ‬التي‭ ‬تخنق‭ ‬أنفاس‭ ‬المغاربة‭ ‬والجزائريين‭.‬
الرياضة‭ ‬تعني‭ ‬التسامح‭ ‬والتقارب‭ ‬والتواد،‭ ‬إنها‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬الوسائل‭ ‬القليلة‭ ‬المتبقية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تحفظ‭ ‬للشعبين‭ ‬إمكانية‭ ‬التواصل،‭ ‬والاحتكاك،‭ ‬والتقارب‭ ‬بينهما،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬ضرب‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة،‭ ‬وتلويث‭ ‬فضائها،‭ ‬وتعكيره‭ ‬بالمشاحنات‭ ‬السياسية‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬
في‭ ‬عزِّ‭ ‬الخلافات‭ ‬القائمة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬خاض‭ ‬المنتخب‭ ‬الجزائري‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬مباريات‭ ‬عدة‭ ‬ضد‭ ‬نظيره‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬ومراكش،‭ ‬والرباط،‭ ‬وكانت‭ ‬الجماهير‭ ‬المغربية‭ ‬تخصص‭ ‬له‭ ‬استقبالات‭ ‬حارة‭ ‬يتفاجأ‭ ‬الجزائريون‭ ‬بها‭. ‬وكان‭ ‬اللاعبون‭ ‬الجزائريون‭ ‬يتصرفون‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بروح‭ ‬رياضية،‭ ‬ويلعبون‭ ‬المباريات‭ ‬دون‭ ‬تشنج،‭ ‬ولا‭ ‬يشعرونك‭ ‬أنهم‭ ‬معبؤون‭ ‬نفسيا‭ ‬ضد‭ ‬أشقائهم‭ ‬المغاربة‭. ‬تجري‭ ‬المباريات‭ ‬وتنتهي‭ ‬في‭ ‬ود‭ ‬واحترام،‭ ‬تطبعها‭ ‬الروح‭ ‬الرياضية‭ ‬العالية،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬تسفر‭ ‬عنها‭.‬
وأنا‭ ‬أتابع‭ ‬تعليقا‭ ‬رياضيا‭ ‬في‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬الرياضية‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أظن،‭ ‬أذكر‭ ‬أن‭ ‬اللاعب‭ ‬الدولي‭ ‬الجزائري‭ ‬الشهير‭ ‬رابح‭ ‬مدجر،‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تعليقه‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬أثنى‭ ‬على‭ ‬اللاعب‭ ‬الدولي‭ ‬المغربي‭ ‬ميري‭ ‬كريمو‭ ‬ونوَّه‭ ‬بكفاءته،‭ ‬وبتميزه‭ ‬كمهاجم‭ ‬يجيد‭ ‬تسجيل‭ ‬أهداف‭ ‬رائعة‭. ‬لقد‭ ‬تأثرت‭ ‬بهذه‭ ‬الشهادة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬كريمو‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مدجر‭. ‬بدا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬اللاعب‭ ‬الجزائري‭ ‬المرموق‭ ‬والمتألق‭ ‬في‭ ‬زمانه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أي‭ ‬غضاضة‭ ‬في‭ ‬الثناء‭ ‬على‭ ‬لاعب‭ ‬مغربي‭ ‬من‭ ‬جيله‭.‬
تحدث‭ ‬مدجر‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الرياضي‭ ‬مدجر‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الرياضي‭ ‬المشبع‭ ‬بالقيم‭ ‬الرياضية‭ ‬النبيلة،‭ ‬ولم‭ ‬يتكلم‭ ‬بوازع‭ ‬المتأثر‭ ‬بالسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لبلده‭ ‬تجاه‭ ‬المغرب‭. ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هذه‭ ‬الشهادة‭ ‬الإيجابية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬مدجر‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬كريمو‭ ‬عالقة،‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي،‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬ووجداني،‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬ولاشك‭ ‬في‭ ‬أنها‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬ووجدان‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭.‬
وحين‭ ‬فاز‭ ‬المنتخب‭ ‬الجزائري‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬ببطولة‭ ‬إفريقيا‭ ‬للأمم‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬خرجت‭ ‬الجماهير‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مدن‭ ‬مغربية‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬فرحتها‭ ‬بهذا‭ ‬الفوز‭ ‬الجزائري‭ ‬وكأنه‭ ‬فوزٌ‭ ‬للمنتخب‭ ‬المغربي،‭ ‬فهذه‭ ‬الروح‭ ‬الرياضية‭ ‬الأخوية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬صونها،‭ ‬لأنها‭ ‬تشكل‭ ‬نقطة‭ ‬ضوء‭ ‬منيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الظلام‭ ‬المطبق‭ ‬على‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية‭.‬
يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬بإمكان‭ ‬الرياضة‭ ‬وصحافتها‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الشعبين،‭ ‬ومهمة‭ ‬الصحافيين‭ ‬الرياضيين،‭ ‬سواء‭ ‬المغاربة‭ ‬أو‭ ‬الجزائريون،‭ ‬هي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬جسر‭ ‬الهوة‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬الدولتين،‭ ‬لا‭ ‬صبَّ‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬المشتعلة‭ ‬بينهما‭. ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التهدئة‭ ‬وإعلاء‭ ‬صوت‭ ‬الحكمة‭ ‬والعقل،‭ ‬وتجنُّبِ‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬الغرائز‭ ‬الهائجة‭. ‬للرياضة‭ ‬جماهيرية‭ ‬واسعة،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬شحن‭ ‬أهلها‭ ‬الكُثُر‭ ‬بالخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تحرض‭ ‬على‭ ‬النفور‭ ‬والتباعد‭ ‬والكراهية،‭ ‬فهذا‭ ‬فعلٌ‭ ‬مخالف‭ ‬لماهية‭ ‬الرياضة،‭ ‬ولا‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعبين،‭ ‬الجزائري‭ ‬والمغربي‭..‬
لدينا‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الأطراف
يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬بإمكان‭ ‬الرياضة‭ ‬وصحافتها‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دور‭ ‬التقريب‭ ‬بين‭ ‬الشعبين،‭ ‬ومهمة‭ ‬الصحافيين‭ ‬الرياضيين،‭ ‬سواء‭ ‬المغاربة‭ ‬أو‭ ‬الجزائريون،‭ ‬هي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬جسر‭ ‬الهوة‭ ‬التي‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬الدولتين،‭ ‬لا‭ ‬صبَّ‭ ‬الزيت‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬المشتعلة‭ ‬بينهما‭. ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬التهدئة‭ ‬وإعلاء‭ ‬صوت‭ ‬الحكمة‭ ‬والعقل،‭ ‬وتجنب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬الغرائز‭ ‬الهائجة‭. ‬للرياضة‭ ‬جماهيرية‭ ‬واسعة،‭ ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬شحن‭ ‬أهلها‭ ‬الكثر‭ ‬بالخطابات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تحرض‭ ‬على‭ ‬النفور‭ ‬والتباعد‭ ‬والكراهية،‭ ‬فهذا‭ ‬فعلٌ‭ ‬مخالف‭ ‬لماهية‭ ‬الرياضة،‭ ‬ولا‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬الشعبين،‭ ‬الجزائري‭ ‬والمغربي‭..‬
لدينا‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الأطراف‭..‬
 
عبد السلام بنعيسى/ الكاتب الصحافي