الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: فشل ماكرون وتحالفه في الحصول على الأغلبية التشريعية بفرنسا

يوسف لهلالي: فشل ماكرون وتحالفه في الحصول على الأغلبية التشريعية بفرنسا يوسف لهلالي
فشل ماكرون في الحصول على الأغلبية التشريعية بفرنسا في انتخابات كانت استثنائية بكل المقاييس من خلال النتائج التي ترتبت عليها. فقد التحالف الرئاسي الأغلبية المطلقة ، وتمكن تحالف اليسار من العودة القوية الى الواجهة وحقق اليمين المتطرف نجاحا  لافتا وتاريخيا  بشكل  لم تعرفه الجمهورية الخامسة، وانقسم المشهد السياسي إلى ثلاث كتل: الوسط بقيادة إيمانويل ماكرون (245 نائبا، تحالف "معا!")، واليمين المتطرف بقيادة مارين لوبن (89 نائبا، حزب التجمع الوطني) وتحالف اليسار (135 نائب ا) بقيادة جان لوك ميلانشون (الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد).هذا التحول في المشهد السياسي الذي اعتبر عقابا للرئيس ولسياسته.
ورغم النداء الذي وجهه الرئيس الفرنسي الى الناخبين لمنحه الأغلبية لم يتجاوبوا معه، وهو ما يجعل فرنسا اليوم غير قابلة للحكم، لغياب أغلبية واضحة. مما يجعل فرنسا تتجه سياسيا الى فترة عدم استقرار.
لكن الكثل الكبرى في البرلمان الفرنسي أكدت من اليسار إلى اليمين المتطرف أنها ستتحمل "مسؤوليتها"، ملمحة إلى أنها لن تقف في صفوف المعارضة بشكل منهجي لعرقلة الحكومة فقط إنما ستكون منفتحة على التفاوض.
لكن بعض الأصوات دعت إلى إبرام اتفاق لتشكيل حكومة، على غرار النائب اليميني السابق جان-فرانسوا كوبيه الذي أكد أن "اتفاقا حكوميا بين ماكرون والجمهوريين سيكون حيويا في مواجهة صعود المتطرفين". ومن شأن تكتل مؤلف من نواب تحالف "معا!" وحزب "الجمهوريون" بلوغ الأغلبية المطلقة.
وهذا السيناريو هو الذي أصبح اليوم الأكثر واقعية ليتمكن ماكرون من حكم فرنسا في السنوات الخمس المقبلة، لكن هذا السيناريو سوف يفرض على الأغلبية تغييرات على رأس الحكومة، واختيار وزير اول آخر اقرب الى الأغلبية اليمينية منها الى اليسار كما هو شأن الوزيرة الأولى اليزابيت بورن.
ويعني ذلك أن تحالف "معا" بعيد جدا عن النتيجة المطلوبة لضمان الحصول على الغالبية المطلقة (289 مقعد ا). 
وصرحت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن بأن نتائج الانتخابات البرلمانية التي فشلت في منح الغالبية لأي حزب، تشكل خطرا على البلاد، لكنها تعهدت أن يسعى حزب ماكرون لبناء تحالفات في أقرب وقت. وقالت "هذا الوضع يشكل خطرا على البلاد، نظرا إلى التحديات التي علينا مواجهتها"، مضيفة "سنعمل اعتبارا من الغد على بناء غالبية" قادرة على العمل.
هذا الوضع الجديد يضع البرلمان في قلب اللعبة السياسية في فرنسا، في سابقة في ظل الجمهورية الخامسة، النظام الذي وضعه الجنرال ديغول عام 1958 بالتحديد لتجنب عدم الاستقرار في النظام البرلماني الذي كان سائدا في ظل الجمهورية الرابعة.
وهي القاعدة التي تكسرت اليوم، نظام الجمهورية الخامسة الذي وضع من اجل منح اغلبيه مريحة لرئيس الجمهورية بفرنسا، وهو ليس نظاما لتأمين التمثيلية وأصبح اليوم متجاوزا بفعل نسبة العزوف المرتفعة التي مست اكثر من نصف الفرنسيين بنسبة 54 في المائة، و لم تمكن الرئيس المنتخب مند شهرين تقريبا من الحصول على الأغلبية في الجمعية الوطنية.
وبالإضافة الى العزوف في هذه الانتخابات، فان ما يسمى الجبهة الجمهورية لم تنجح، حيث تمكن اليمين المتطرف من إنجاح عدد كبير من النواب ولم يكن هناك أي تضامن بين الأحزاب الجمهورية في مواجهة اليمين المتطرف.
هذا الوضع يجعل فرنسا تتجه في خمس السنوات المقبلة في اتجاه المجهول على المستوى السياسي بل ستكون فرنسا غير قابلة للحكم كما اعلن العديد من المتتبعين للحقل السياسي بفرنسا.
وفي افتتاح البرلمان في نهاية الشهر، وعد تحالف اليسار، اكبر فريق في المعارضة بتقديم ملتمس رقابة على الحكومة، وهي إشارة قوية للوضع السياسي الذي ستعيش عليه اغلبية الرئيس في السنوات المقبلة .الذي يعني اتجاه فرنسا الى عدم الاستقرار السياسي وغياب اغلبية منسجمة كما اعتادت على ذلك مند اختيار منظومة الجمهورية الخامسة وهي منظومة تأمن الأغلبية السياسية لرئيس وليس تمثيلية الفرنسيين.