الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

يونس التايب: روحانية شهر فضيل وصمود أمل مغربي

يونس التايب: روحانية شهر فضيل وصمود أمل مغربي يونس التايب
هنيئا لأبناء الأمة المغربية بعيد الفطر السعيد وما منحنا إياه، منذ يوم أمس، من أحاسيس جميلة و روح إيجابية عكستها ابتسامات الناس في الطرقات إلى المصليات، ذهابا و إيابا، و في الأحاديث واللقاءات بين الجيران والأصدقاء... 
 
شخصيا، لمست لدى عدد كبير من الناس وعيا حقيقيا بأن رمضان، هذه السنة، أتى في ظرف اقتصادي صعب وفي سياق دولي محفوف بالمخاطر والإكراهات، ورغم ذلك استطاعت بلادنا، بتعاون كل فئات الشعب وفعالياته، تحقيق نجاح جماعي في جعل شهر رمضان الأبرك، يمر في جو طيب، دون تسجيل مشاكل كبرى رغم ثقل الظروف الموضوعية التي ارتبطت بمشكل الغلاء وقلق المواطنين من أثر الجفاف. 
 
لذلك، أعتقد أن علينا واجب شكر الفاعلين العموميين الذين سهروا، خلال شهر رمضان، على استتباب الأمن و الطمأنينة و حسن تنظيم الفضاء العام، و استمرار التموين الطبيعي للأسواق المغربية بالخضر والمواد الغذائية، مع بذل جهود لمحاصرة ارتفاع الأسعار أكثر من المعقول، والنجاح في تحجيم الارتفاعات التي تمت بشكل غير مقبول. وأظن أنه، رغم ارتفاع ثمن بعض المواد، دون قدرة أية جهة على منع ذلك (مثال، زيت المائدة و وقود السيارات)، إلا أن الأمور ظلت على العموم، مضبوطة ولم يخرج شيء عن السيطرة أو يتجاوز قدرة بلادنا على تدبيره. 
 
ومن دون شك، تلك الروح الإيجابية التي تجلت مع حلول يوم العيد، هي نتيجة أسباب عديدة وعوامل مساعدة، منها استمرار مبادرات الإحسان والتطوع وتكاثف عمليات التضامن المجتمعية خلال الشهر الفضيل، وصمود قيم التآزر العائلي في مجتمعنا أمام زحف الفردانية، و انتعاش الدورة التجارية في الأسواق المغربية، واستئناف النشاط الفلاحي في العالم القروي بعد الأمطار التي تساقطت في شهري مارس وأبريل. مما جعل الأمل يصمد أمام عوامل اليأس و الإحباط، ويحد من أثر أسباب قلق الناس، ويعزز قدرة المجتمع على مواجهة الظرف الاجتماعي الدقيق. 
 
من جهة أخرى، تميز رمضان لهذه السنة بعودة الأجواء الروحانية في مساجد المملكة، التي عادت لتفتح أبوابها بأمر من أمير المؤمنين أعزه الله، الشيء الذي كان له وقع نفسي إيجابي كبير، حيث أقيمت الصلوات وتم تنظيم صلاة التراويح بشكل جيد و إقبال خاشع من أبناء الأمة المغربية، بعد سنتين كاملتين منعتنا خلالهما جائحة كورونا من تخليد الشهر الفضيل بما يليق به من شعائر و عبادات. 
 
مما لاشك فيه، أن ما أبان عنه أبناء شعبنا وجسدوه من سلوك وطني صادق وروح تضامنية عالية، خلال الشهر الفضيل، أعاننا على ضبط السجالات التي حدثت و تدبير الاختلافات في وجهات النظر بشكل راقي و روح مواطنة مسؤولة. في نفس السياق، لابد أن نسجل بتقدير، كل الجهود التي بذلها فاعلون عموميون، بروح المسؤولية، لمحاصرة الصعوبات الاجتماعية التي أثقلت كاهل الطبقات المتوسطة والفئات الهشة، و منع الوضع من أن يتدهور و يكون أثره أكثر إيلاما و ضغطا على المستوى المعيشي للأسر، بسبب غلاء الأسعار الذي تعاني منه بلادنا كما يعاني منه الاقتصاد العالمي. 
 
لذلك، يبقى هذا الوطن رائعا بكل ما فيه، و يظل الشعب المغربي أصيلا و طيبا، صبورا ومتضامنا، وطنيا وفخورا بانتمائه. و بالتأكيد ستستمر تمغرابيت جميلة بكل تجلياتها الحضارية المتعددة الروافد، إذا حرصنا على القيم الوطنية والأخلاقية والمجتمعية التي تتشكل منها أصالتنا المغربية، ويلتحم عبرها أبناء الشعب حول ثوابت الأمة المغربية. 
 
ولعل الحكمة، هي أن تستمر جهودنا لتعزيز البناء المؤسساتي و تقوية الرصيد التنموي الوطني، عبر إبداع سياسات عمومية نوعية وناجعة، وهندسة حلول لتدبير مشاكل واقعنا ببعد استراتيجي يمكننا من استيعاب ضربات واقع دولي معقد، والتغلب على إكراهات سياق جيوستراتيجي خاص، وتعزيز التنافسية الاقتصادية لبلادنا واستدامة حكامة التدبير العمومي في كل المجالات، والثقة في قدرة المغاربة على تحقيق الأفضل والتقدم أكثر نحو معاصرة هادفة ومنسجمة مع قيمنا الأصيلة. 
 
بتلك الروح يمكن أن نتجاوز نقط ضعف ونقائص نعرفها، ونعزز مقومات قوتنا كي ينجح الصمود الحضاري للأمة المغربية، و ينتصر الوطن و يرتقي أبناءه فيه ومن خلاله. 
 
مبروك عيدكم ... و حفظ الله المغرب و أبناءه، و وفقنا لما فيه الخير و خدمة مصالح وطننا و مواطنينا، لأن مسؤوليتنا هي أن يبقى المغرب عزيزا و متضامنا، شامخا و كبيرا على العابثين. 
 
و#سالات_الهضرة 
#عاش_المغرب_ولا_عاش_من_خانه 
#العز_و_النصر_لبلادنا_و_لأولاد_المغرب