الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

مرصد العمل الحكومي: هذه مقترحاتنا لتدبير الأمن الطاقي بالمغرب

مرصد العمل الحكومي: هذه مقترحاتنا لتدبير الأمن الطاقي بالمغرب عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية
هي 10 توصيات أصدرها مرصد العمل الحكومي فيما يخص الزيادات في أسعار المحروقات، توصيات تتعلق بالأبعاد القريبة والمتوسطة والبعيدة. “الوطن الآن” تنشر هذه الورقة الصادرة في أبريل 2022، قصد بسط زاوية نظر مدنية يمكنها أن تساهم في إنضاج الشروط للخروج من الأزمة

 يعيش الاقتصاد المغربي على وقع الزيادات المتتالية لأسعار المحروقات، وانعكاساتها المؤلمة على مختلف القطاعات الانتاجية، وما خلفته من زيادة في أسعار مختلف المواد والمنتجات الاستهلاكية، التي باتت تثقل كاهل المواطنين، وتحد من قدرتهم على مواجهة هذه الأزمة.
في هذا الصدد يقدم مرصد العمل الحكومي التابع لمركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، ورقة تنفيذية حول التدابير والإجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة الزيادات المتسارعة لأسعار المحروقات، ومدى نجاعتها و فعاليتها، بالإضافة إلى مجموعة من المقترحات والتوصيات في هذا الشأن.
 
سياق ارتفاع اسعار المحروقات 
تحمل أازمة الزيادات المتسارعة في أسعار المحروقات في المغرب، بصمات دولية واضحة، نابعة بالأساس من السياق الاقتصادي العالمي، المتميز باستعادة النشاط الاقتصادي وتسارع وتيرته، بعد جائحة كورونا، وتأثيراته على تزايد الطلب العالمي على النفط، هذا بالإضافة إلى الأزمة الروسية الأوكرانية وما خلقته من تخوفات كبيرة حول إمدادات النفط العالمية، في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، وهو ما انعكس بشكل مباشر على أسعار النفط، التي وصلت إلى مستويات قياسية، تجاوزت كل التوقعات (140 دولار للبرميل).
من المؤكد أن هذه الأزمة راجعة بالأساس إلى السياق الدولي، ولكن هذا لا يعني أن مجموعة من الإجراءات والتدابير المتخذة في المغرب فيما يخص قطاع المحروقات، تساهم هي أيضا في استفحال هذه الأزمة، تزيد من وقع الزيادة في أثمنة المحروقات.
لا يمكن القول إن الأزمة الحالية في أسعار المحروقات بالمغرب، راجعة فقط للعوامل الدولية، بل إن مجموعة من القرارات ومن الإجراءات التي راكمها المغرب طيلة سنوات، شكلت بيئة مناسبة لاستفحال هذه الأزمة، واشتداد وقعها وتأثيرها على النسيج الاقتصادي الوطني..
 تحرير المغرب لأسعار المحروقات، بدون أي استشراف مستقبلي، وبدون أي تخطيط مسبق، وبدون إشراك لمختلف الفرقاء، وبدون وضع آليات حقيقية وواضحة للمنافسة بين مختلف الفاعلين في القطاع، وبدون أي مجهود للاستثمار في بنية التخزين خاصة مع التخلص غير المبرر من مصفاة “سامير” لتكرير النفط وقدرتها الكبيرة على التخزين، وفي ظل منظومة ضريبية غير متوازنة، هذا بالإضافة إلى المنظومة القانونية المتجاوزة التي تؤطر بيع وتوزيع المحروقات، جعل البلاد خاضعة لتقلبات السوق الدولية، وشبه عاجزة على مواجهة أي أزمة طارئة في هذا الصدد.
 
التدابير الحكومية لمواجهة الأزمة
من المؤكد أن الحكومة الحالية غير مسؤولة بشكل مباشر على الوضع الحالي لقطاع المحروقات والأسعار الملتهبة للمنتجات البترولية، حيث تقع المسؤولية على الحكومتين السابقتين اللتين مهدتا لهذه الوضعية، لكن هذا لا يعني أن الحكومة الحالية غير مطالبة باتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الآنية والعاجلة لتصحيح الوضع، ولحماية المستهلك المغربي، وتخفيف تداعيات هذه الأزمة على الاقتصاد الوطني.
تعاطي حكومة عزيز أخنوش مع هذه الأزمة الطارئة لارتفاع أسعار المحروقات، تجلى أساسا في التدخل الحمائي للناقلين ومنع أي انعكاس للزيادة على أسعار النقل في المغرب، من خلال تقديم دعم مباشر لهذه الفئة من المهنيين، ستستفيد منه نحو  180 الف عربة، بقيمة مالية شهرية تتراوح ما بين 1600 درهم إلى 7000 درهم، حسب نوعية الناقلين، بالإضافة إلى ضخ اعتمادات مالية إضافية بصندوق المقاصة للمحافظة على أسعار غاز البوتان.
كما عبرت الحكومة من خلال الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس، في مناسبات عديدة، عن عدم  نيتها، في التوجه نحو تسقيف أسعار المحروقات، في أفق استفادة كل الفئات المجتمعية من تدابير تخفيف أعباء ارتفاع الأسعار، في توجه واضح نحو تقديم الدعم المؤطر والانتقائي للفئات الاقتصادية المعنية مباشرة بهذه الزيادات.
 
ملاحظات : 
إيجابية التدخل الحكومي لحماية قطاع النقل من الزيادة في اسعار المحروقات، والدفع باستقرار أثمنة النقل، وما له من انعكاسات مباشرة على دعم القدرة الشرائية للمواطنين.
إيجابية ضخ الحكومة لاعتمادات مالية إضافية في صندوق المقاصة للحفاظ على أسعار غاز البوتان. 
غياب أي تواصل واضح وصريح للحكومة فيما يخص أزمة ارتفاع المحروقات، اعتمادها على فرض الأمر الواقع لتبرير الزيادات، مع الربط الحصري للأزمة بالسياق الدولي 
رفض الحكومة لأي إجراءات حمائية للمستهلك المغربي، وخاصة تلك المتعلقة بالمنظومة الضريبية للمحروقات، علما أن 40 في المائة من سعر المحروقات مشكل من الضريبة على الاستهلاك الداخلي و الضريبة على القيمة المضافة.
امتناع الحكومة عن مناقشة أزمة المحروقات داخل البرلمان، وعدم سعيها لأشراك مختلف الفرقاء السياسيين في إيجاد الحلول المناسبة لتجاوز الأزمة.
عدم تدخل الحكومة لتنظيم المنافسة وتحديد هوامش الربح لدى الموزعين، وتساهلها فيما يخص شروط التخزين المنصوص عليها قانونيا.
عدم وضوح مخططات الحكومة فيما يخص التوجهات المستقبلية، لتصحيح الوضعية التي خلقها تحرير اسعار المحروقات، والوضعية القانونية المتجاوزة لبيع وتوزيع المحروقات.
عدم اتخاد الحكومة لأي إجراءات لدعم أرباب محطات الوقود، ومساعدتهم في مواصلة تموين السوق من الاحتياجات النفطية، باعتبارهم الحلقة الأضعف في دورة بيع وتوزيع المحروقات.
 
توصيات: 
من خلال متابعته لأزمة الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، يقدم مرصد العمل الحكومي مجموعة من التوصيات، في بعدها العاجل والمتوسط والبعيد المدى، قصد بسط زاوية نظر مدنية يمكنها أن تساهم في اإضاج الشروط للخروج من الأزمة: 
 
المدى الآني: 
 مواصلة دعم المهنين عن طريق الوقود المهني، وتعزيز آليات المراقبة وتمكين الفاعلين الحقيقين من الوصول إلى الدعم.
تسهيل ولوج أرباب محطات الوقود، إلى التمويلات البنكية ومساعدتهم على مواصلة تموين السوق من الاحتياجات من المواد البترولية.
مراجعة أو تجميد الضرائب المطبقة على المحروقات لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر في أفق استقرار أسعار المحروقات على المستوى الدولي.
 
المدى المتوسط: 
العمل على حل مشكلة مصفاة المحمدية، من أجل الرفع من قدرات التكرير والتخزين للمحروقات بالمغرب.
إلزام الفاعلين في قطاع المحروقات على الرفع من استثماراتهم في مجال التخزين.
الخفض التدريجي للقيمة الضريبية المطبقة على المنتجات البترولية بما يسمح بتقوية القدرة الشرائية للمواطنين .
تحسين شروط المنافسة بين مختلف الفاعلين في مجال المحروقات، وفرض أليات أكثر شفافية تضمن توازن الأسعار والربح.
 
المدى البعيد:
مواصلة تحسين وتجويد خدمات النقل العمومي، بما يمكن من خفض الاستهلاك الداخلي للمنتجات النفطية. 
تشجيع استعمال واقتناء السيارات الكهربائية، عبر إجراءات ضريبية أكثر جاذبية وأكثر توازنا. 
تنويع مصادر الطاقة، ومواصلة الاستثمار في الطاقات المتجددة كمصدر أساسي للاستهلاك الطاقي بالمغرب، مما يمكن من تخفيض نسبة الاعتماد على النفط، وضمان الأمن الطاقي.