الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

دحمان: على الحكومة الحالية ألا تختبئ وراء الحكومة الماضية لأن ذلك يضعفها ويظهرها فاقدة للبوصلة

دحمان: على الحكومة الحالية ألا تختبئ وراء الحكومة الماضية لأن ذلك يضعفها ويظهرها فاقدة للبوصلة عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب
ما الذي سيضيفه الحوار الإجتماعي المطروح اليوم مع رئيس الحكومة في ظل الاحتقان وغلاء الأسعار  ومحدودية الأجور، خاصة وأن تراكم الملفات منذ الحكومة السابقة زاد من تأزيم الوضع؟
أظن أنه على الحكومة الحالية ألا تختبئ وراء الحكومة الماضية لأن ذلك يضعفها ويظهرها فاقدة لبوصلة مباشرة مهامها، وبالتالي على رئيس الحكومة الحالي وأعضاء حكومته تحمل مسؤوليتهم التأسيس لحوار اجتماعي مغاير يواكب التحولات الإجتماعية والارث الثقيل للجائحة في أبعاده المختلفة. فالحوار الإجتماعي يشكل مدخل حقيقي للحكومة الحالية لإعادة التوازن للوضع الاجتماعي ومواجهة الكثير من الاشكالات الاجتماعية التي كانت موضوع شعاراتهم الانتخابية، ومنها دعم القدرة الشرائية للمغاربة وهيكلة الاقتصاد الوطني على أسس مجانبة للريع. ونحن نعلم أن هذه الحكومة هي حكومة قطاع خاص، أي رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين. وبالتالي هي مطالبة بتدشين الانتقال إلى الدولة الاجتماعية والفاعل الإقتصادي له دور حاسم في هذا الانتقال وحكومته يجب أن تفرض ضريبة تضامنية على أثرياء المغرب للمساهمة في هذا التحول الذي رفعت شعاره الحكومة الحالية إن كانت جدية في سعيها نحو الدولة الإجتماعية والحوار الإجتماعي الذي لا يقصي أحدا والذي يجري على أرضية الوطن وأجندته هو الفضاء المناسب لهذا التحدي المرتبط بالدور الذي يجب أن يلعبه الحوار الإجتماعي كآلية للحفاظ على السلم الإجتماعي والتنمية الاقتصادية.
نحن في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب نرى أن دور الحوار الاجتماعي في تحقيق الإستقرار الاجتماعي، بل والأمن الاجتماعي والإقتصادي يمر عبر دعم القدرة الشرائية للمغاربة وتمنيع الاقتصاد من ثقافة الريع وإعادة هيكله على أساس اختيارات تمكن من عدالة اجتماعية مبنية على توزيع عادل للثروة وعلى زيادة إنتاجية البلد للثروات وللقيمة المضافة.
 
لكن، ما مطلبكم الآني والاستعجالي لتحقيق انتظارات الشغيلة في القطاعين الخاص والعام موازاة مع انطلاق جولات الحوار وهل سيتحقق ذلك؟
المطلب الاستعجالي للمغاربة وفي مقدمتهم الطبقة العاملة هو وقف نزيف الأسعار، حيث الحكومة شاردة في ما يتعلق بالمقاربة الاستباقية التي كان المفروض أن تعتمدها لحماية القدرة الشرائية للمغاربة وألا تتنصل من واجباتها المرتبطة بحماية منظومة الأسعار، خصوصا في سياق إقليمي ودولي مضطرب وظرفية اقتصادية وطنية تعاني من تبعات وتداعيات الجائحة. لكن للأسف رصدنا بطئا غير مفهوم في التحرك، خاصة وأن مؤسسات الدولة وفرت للحكومة تقارير عن الظرفية الاقتصادية وتداعياتها، لكن تم إهمالها وهذا ما تطلب تنبيها ملكيا للتدخل سيما مع تأخر التساقطات. لذلك فالوضع الاجتماعي المحتقن يتطلب إجراءات عاجلة تضمن لقمة عيش المغاربة وتحفظ كرامتهم، ثم لابد من  تفعيل كل الترسانة القانونية والتشريعية بما في ذلك مقتضيات مدونة الشغل والإتفاقيات الدولية ذات الصلة ثم التراجع عن موسمية الحوار وارتباط ذلك بمزاجية الحكومة، إذ يتم الحوار الإجتماعي في سياقات التوتر الإجتماعي فقط وليس ممارسة الحوار بأفق استراتيجي ومستدام. ونرى أن الأولوية اليوم هي ضمان الحق في الشغل وحماية المناصب المتوافرة الآن وإيقاف تسريح العمال واستغلال تداعيات الجائحة والمبادرة إلى تحسين دخل المغاربة عبر عدالة أجرية حقيقية وعدالة ضريبية منصفة ومسار للترقي محفز وضمان أنظمة للحماية الإجتماعية والتغطية الصحية تحقق الكرامة.
وهنا أنبه إلى التغول الحكومي والنهج الهيمني على المؤسسات ومصادرة قرارها عبر التحكم في تمثيليتها يساهم في إضعاف وظيفة الحوار الإجتماعي في الاستقرار  ودعم الاقتصاد الوطني.  وعليه نرى أن الوفاء بمقومات الدولة الإجتماعية والمبادرة إلى إخماد لهيب الأسعار والتدخل لمعالجة التطورات الإجتماعية بالمغرب في ظل تنامي الإحتقان نتيجة استهداف القدرة الشرائية للمغاربة بسبب الارتفاع المهول للأسعار، والذي مس بعض المواد الأساسية ومنتجات المحروقات هو أولى الأولويات الآن، مع سن إجراءات حمائية وبرامج استعجالية لمواكبة ودعم الفئات الاجتماعية المتضررة  وتحمي القدرة الشرائية لهم وتوقف نزيف لهيب الأسعار وتداعياته الإجتماعية وذلك بالمبادرة إلى تقنين سوق المحروقات، وعدم ترك المواطن وحده تحت رحمة شركات التوزيع وجشعها الربحي ودعوته مجلس المنافسة لتفعيل أدواره الدستورية في حماية الاقتصاد الوطني من جميع أشكال الاحتكار، والتسريع بإعادة تشغيل مصفاة شركة لاسامير، والتفكير في سبل إنشاء احتياطي استراتيجي، لحماية السوق الوطنية من التقلبات المتواترة والحادة لأسعار النفط في الأسواق الدولية.
وبالتالي انتظاراتنا كشغيلة مغربية بالقطاع العام والخاص تتمثل بشكل عام  في  ضرورة احترام الحريات النقابية وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي الذي يستعمل لمعاقبة المناضلين والنقابيين وتشجيع المفاوضة الجماعية بالمقاولات ورعاية الحوار القطاعي بالوظيفة العمومية واحترام قانون الشغل ومراجعة الأجور وإيجاد حلول فورية لمجموعة من الفئات المتضررة على رأسها الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، والقطع مع هذا النمط من التوظيف وتفعيل مقتضيات الإتفاقات السابقة، وفي مقدمتها حق الترقي إلى خارج السلم وضمان الترقية بالشواهد العليا وتصحيح وضعية العاملين ببعض السلاليم لعشرات السنين وتحيين الترسانة القانونية وتعزيزها بالتصديق على كل الاتفاقيات التي لازال المغرب مترددا بصددها من قبيل الاتفاقية 87 وغيرها من المطالب التي يتضمنها الملف المطلبي المستعجل للشغيلة المغربية.