الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

بيڭاسوس: لماذا تتهرب المنابر الفرنسية التي اتهمت المغرب بالتجسس من القضاء؟

بيڭاسوس: لماذا تتهرب المنابر الفرنسية التي اتهمت المغرب بالتجسس من القضاء؟ نجاحات المغرب وراء الحقد الدفين للإعلام الأوربي والفرنسي
في بوحه الجديد المنشور بموقع "شوف تيفي"، يفكك أبووائل الريفي ، خرافة اتهام المغرب في ملف "بيغاسوس"، عبر كشفه تهرب المنابر الإعلامية الفرنسية المتورطة في مواجهة المغرب قضائيا وعجزها عن إثبات مزاعمها، وبين تورط هاته المنابر ومعها الطوابرية، في خدمة أجندة خفية لتشويه المغرب
 
شكل هذا الأسبوع لحظة معبرة بخصوص الاتهامات المختلقة من بعض "المنابر الإعلامية" الفرنسية ضد المغرب بدون أدلة حول استعماله لبرمجية بيڭاسوس للتنصت على مغاربة وغير مغاربة، ومنهم الرئيس الفرنسي ماكرون ووزراء فرنسيين. لقد كان هذا الأسبوع موعدا مع جلسة إجرائية أمام الغرفة الجنائية السابعة عشرة بباريس، حيث بدا واضحا أنهم سيطالبون بعدم أحقية المغرب في رفع دعوى قضائية ضد منابر إعلامية فرنسية استنادا إلى السوابق القضائية لمحكمة النقض في قضايا غير مشابهة، و هناك من يراهن على دفع النيابة العامة للإصطفاف إلى جانب المنابر الإعلامية في هذا الإتجاه. وبموازاة ذلك خرجت صحيفة لومانيتي l’humanité بعيدا عن القضاء في حملة "التبوحيط" و"التعوريط" لتغيير الموضوع وجره إلى غير حقيقته بالتباكي على حرية التعبير واستهداف المغرب لهذه الجريدة وصحافيتها روزا موساوي الجزائرية الفرنسية التي ٱحترفت التهجم على المغرب لفائدة الجزائر و ٱحتضان الطوابرية و كل المعادين للمغرب. هذا هو حال كل هذه المنابر والمنظمات تتصور نفسها فوق القانون وتحوز حرية فعل ما تشاء كيفما تشاء ووقتما تشاء بدون حسيب أو رقيب ولو بدون أدلة وبدون مناسبة أو سياق داعم، وحينما يلجأ المتضرر إلى القضاء لإنصافه تطلق حملة العويل على الحرية المستهدفة والصحافة المضيق عليها لتختبئ وراء هذه الشعارات التي لا يختلف حولها اثنان ولم يتعرض لها أحد بالتضييق ، لكنهم في العمق يصادرون حق المغرب في التقاضي لإظهار الحقيقة التي لا يتبرم منها إلا الكاذبون.
سيسجل التاريخ هذه الخطوة للمغرب. رغم خطورة الاتهامات المفبركة ضده، ورغم استهدافها توتير علاقاته مع أكثر من دولة صديقة، اختار عدم الانجرار إلى هذا القاع، وفضل الاحتكام إلى القضاء للفصل في حقيقة الاتهامات، وكان الأولى بهذه المنابر الترحيب بهذه الخطوة والتفاعل معها والاحتكام إلى سلطة قضائية مستقلة ليس بإمكان المغرب التأثير عليها. للأسف، فضلت لومانيتي تهريب النقاش حول ادعاءاتها المختلقة وافتعال أسطوانة الاستهداف والتضييق التي صارت مشروخة ومعروفة لدى الخاص والعام. ماذا كان يضير هذه المنابر لو رحبت بفكرة التقاضي و الإدلاء بالأدلة والوثائق؟ وكيف كانت أسهمها، مهنيا وأخلاقيا، سترتفع لو تجاوبت مع هذه الدعوى القضائية؟ ولماذا تقود هذه المنابر زوبعة إعلامية وتدفع بدفوع شكلية وإجرائية حتى لا يتم الخوض في الموضوع والمضمون؟ أو إن شئنا الدقة، لماذا تتهرب من مسطرة التقاضي وهي أفضل مسطرة يمكن أن تقود نحو الإنصاف والعدالة وإقناع الرأي العام بصواب رأيها وصدقية اتهاماتها وصحة أدلتها؟ الاتهامات كانت موجهة للدولة المغربية ومؤسساتها، و من الطبيعي أن تنبري الدولة لرفع الدعوى وفق مساطر قانونية للدفاع عن مؤسساتها السيادية. والمنطق يستدعي أن تقبل هذه المنابر والمنظمات هذا المنطق وتتفاعل معه لأنه فرصة لها للإقناع بمهنيتها وكفاءة صحافييها ودقة تحرياتها إن كانت مقتنعة فعلا أن ما قامت به تحريات تندرج ضمن الصحافة الاستقصائية لكنها ٱختارت تهريب النقاش أمام القضاء لأنها بكل بساطة لا تملك و لو دليلا واحدا على صحة ٱدعاءاتها. كان على لومانيتي أن تمثل مقولة جان جوريس مؤسسها حين قال "الشجاعة هي البحث عن الحقيقة وقولها" فلماذا لم تتسم هذه الجريدة بالشجاعة إذن وتبسط أدلتها وتعلنها للعموم أمام القضاء وله أن يحكم بشأنها؟
لقد صار التهرب من المثول أمام القضاء والتمسك بالشكليات والدفع في تأجيل الجلسات للحيلولة دون الخوض في موضوع الاتهامات وجدية الأدلة هو الأسلوب المفضل لهذه المنابر والمنظمات سواء في فرنسا أو ألمانيا، وهو ما يؤكد تخوفها من حكم قضائي صادم وفاضح لها وغياب أدلة حقيقية بحوزتها. يذكرني هذا التكتيك بملف التنصت الذي اتهمت به أمنستي المغرب صيف 2020، وها نحن ما نزال ننتظر ردا جوابيا من المنظمة على أسئلة المغرب رغم مرور أكثر من سنة!! لو كانت المنظمة صادقة في ادعاءاتها لردت على الأسئلة وبسطت الأدلة للرأي العام، وليس للمغرب، حفاظا على سمعتها ومصداقيتها إن بقيت لها مصداقية.
لقد ربح المغرب هذه المعركة قبل صدور حكم فيها، ويكفيه تهرب هذه المنابر من القضاء وهذا التباطؤ في التجاوب مع مطالب الرأي العام بعرض الأدلة التي استندت عليها لإطلاق اتهاماتها. وهذه مناسبة أخرى لتأكيد أن منهجية الهجوم بالقانون وأمام القضاء وحدها الكفيلة لفضح الأقلام والمنظمات المأجورة و"المسخرة" التي تخدم أجندات خفية مقابل "حفنة فلوس". سياسة المواجهة هي التي تفضح هذه الأجندات والقائمين عليها وصناعها ومنفذيها وكذا الطابور الخامس المناصر لها والذي يوظف فيها. لقد كان أبو وائل ينتظر بيانات من الطوابرية المعنيين بهذا الملف يتصدى لهذه المنابر ويطالبها بالامتثال أمام القضاء ليرى حقيقة الاتهامات بالتنصت على هواتفهم وجدية الأدلة التي تتوفر عليها هذه المنابر والمنظمات، وحينها سيفهم الحقيقة ويمكنه الاصطفاف بشكل منطقي وعقلاني في الاتجاه الذي يناسب قناعاته. ماذا يعني صمت الطوابرية عن هذا التلكؤ من طرف هذه المنابر في المثول أمام القضاء؟ لماذا لا يضغطون عليها؟ لماذا لا يثمنون خطوة المغرب بالاحتكام إلى القضاء؟ أيشكون أن القضاء الفرنسي ممخزن؟ أم يساورهم شك في نزاهة القضاة الفرنسيين؟ هذه هي الأسئلة التي يطرحها اليوم كل متابع لهذا الملف. وكل يوم يمر بدون تجاوب هذه المنظمات وبما يوازي ذلك من إصرار للمغرب على استكمال مسطرة التقاضي حتى نهايتها هو في صالح المغرب الذي ينتصر لدولة القانون وسلطة القضاء ، لكنهم يراهنون على المتياسرين في صفوف القضاء الفرنسي من أجل عدم قبول شكاية المغرب.
لقد مضى زمن تغول بعض المنابر الإعلامية الأجنبية واستقوائها بحرية الصحافة، وأصبح العالم مفتوحا والمعلومة متداولة وحبل الكذب قصير مهما طال. وهذه مناسبة أخرى لتذكير أمنستي وفوربيدن ستوريز وغيرهما بنشر أدلة الاتهام التي في حوزتهما إن أرادت الحفاظ على ماء وجهها. وعدم النشر يعني أنها مجرد تصفية حسابات أو خدمة أجندات قوى معادية للمغرب أو محاولة للتستر على محميين تريدهم هذه المنظمات فوق القانون. مرة أخرى، ليس هناك أحد فوق القانون، ولن يكون هناك تأثير على اشتغال مؤسسات الدولة، وغير مقبول أن تتدخل أي مؤسسة في عمل القضاء الذي يمارس اختصاصاته الدستورية بصفته سلطة مستقلة. فلماذا لم يتعبأ الطوابرية لكي يضغطوا على هذه المنظمات والمنابر للمثول أمام القضاء وعدم التلكؤ من خلال التشبث بشكليات وإجراءات تضعها في حرج من لا يريد بسط أدلة اتهامه لأنه مقتنع سلفا أنه لا يتوفر عليها أو أنها ليست جدية أو أنها ستفضح حقيقته. الخاسر الأكبر في هذه اللعبة هم الطوابرية، والرابح الأكبر هو المغرب الذي اختار الانتصار للقانون والدفاع عن نفسه أمام القضاء. ومن احتكم للقضاء ٱنتصر.