Sunday 10 August 2025
كتاب الرأي

أبو أيمن الفارح: المؤسسة العسكرية والجماعات الترابية.. ثم ماذا بعد؟

 
 
أبو أيمن الفارح: المؤسسة العسكرية والجماعات الترابية.. ثم ماذا بعد؟ أبو أيمن الفارح
يشغل الهاجس الأمني مساحة كبيرة في عقل الدولة، وبالتالي يتابع كل جنوح أو فعل أو تقاعس أو إهمال من شأنه تشكيل تهديد للامن بشكل عام عندما يتعلق الأمر بالمؤسسة العسكرية وانشطتها وكل القضايا والمسائل المرتبطة بها، بشكل أو باخر، يكون الحرص أكبر والاهتمام اقوى بالنظر لرمزيتها وارتباطها الوثيق بالمؤسسة الملكية وبوجدان الشعب وباعتبارها اهم ركائز امن واستقرار البلاد في البعد الوطني والدولي، وهو ما يتطلب جعلها على مسافة آمنة من التجاذبات والتقاطبات والصراعات السياسية وكل أشكال التأثير السياسي فيها وفي طرق وادوات اشتغالها ، سواء على المستوى العملياتي على المستوى اللوجيستيكي والتسليح، أو على مستوى التكوين والإدارة من هذه الخلفية وبمقاربة أمنية خالصة احاول فهم قرار تفويض وزير الداخلية " السلطة إلى ولاة الجهات لمنح ترخيص نقل عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والاسلحة والذخيرة هذا هو مضمون القرار رقم 1709.25 الموقع في 04 يوليوز الماضي الصادر بتاريخ 07 غشت في الجريدة الرسمية عدد 7428 حيث يقتضاه " يفوض إلى ولاة الجهات، كل منهم في حدود اختصاصه الترابي، سلطة منح ترخيص نقل عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والاسلحة والذخيرة".
 
إذا كان القرار يبدو واضحا في ظاهره ، بخصوص مرجعيته القانونية والإدارية على مستوى الاختصاصات الأمنية الوزارة الداخلية، فإن تفويض مهام أمنية لها علاقة بالمؤسسة العسكرية" القوات المسلحة الملكية " التي هي مستقلة دستوريا عن وزارة الداخلية وعن كل مؤسسة اخرى باعتبارها تحت سلطة الملك القائد الاعلى و رئيس اركان الحرب العامة، فهو إجراء يثير اهتمام المتتبع للشأن الأمني العسكري، بالنظر لحساسية الموضوع وحساسية المؤسسة العسكرية موضوع التفويض.
 
في المادة الثانية لقرار وزير الداخلية ، يشترط الحصول على ترخيص للنقل بوضع طلب لدى مصالح ولاية الجهة التي توجد بدائرة نفوذها نقطة إنطلاق عملية نقل عتاد وتجهيزات الأمن والدفاع والاسلحة والذخيرة لا تهمنا الأجال التي حددت في 21 يوما، لأننا تعلم صعوبة التقيد بها، فالحاجة والوضع الميداني هما الذان يحددان بشكل واقعي رئيسي الأجال؛ وهذا من منطلق التجربة والوقائع والأحداث، لقد شهدت وعشت خلال اوج المواجهة العسكرية مع البوليساريو ربيب الجزائر، كيف كنا ننتظر وصول شحنات الأسلحة في المطارات لحملها مباشرة وتركيبها على السيارات العسكرية وتوزيعها على الوحدات المقاتلة وكذلك بالنسبة للذخيرة ، حتى إننا لم يكن لدينا الوقت لتجريبها، وقد قضينا في عملية أخرى حوالي شهر في ميناء العيون برجالنا وعتادنا حتى يهدأ البحر لاجل الإبحار إلى مدينة الداخلة. هذا موضوع أخر فرضه السياق.
 
من هي الجهة التي سيكون على عاتقها ومن اختصاصها تقديم الطلب إلى مصالح الجهة ؟ يفترض أن يقدم الطلب إلى والي الجهة ، وبما أن البلاد كما هي مقسمة إلى جماعات ترابية فهي مقسمة كذلك إلى مناطق عسكرية وهذه الأخيرة مقسمة إلى حاميات عسكرية.

هل يقدم الطلب قائد الحامية أو قائد المنطقة العسكرية، وعلى أي أساس واية علاقة تراتبية علما بان المؤسستين الكبيرتين ، الداخلية والدفاع القوات المسلحة الملكية) وإن كانتا تشكلان ذراعا جسم الأمن القومي فإنه لا تربطهما على مستوى الإدارة والتسيير اية علاقة ، اللهم ما يحصل في إطار التنسيق في عمليات مشتركة ، كما هو الحال في عمليات استتباب الأمن في مناطق الصحراء المغربية المسترجعة التي تدوم حوالي نصف قرن حيث ابلت القوات المساعدة بوحداتها ، المخزن المتحرك، أو كما يعرفه المغاربة مخزن موبيل البلاء الحسن وقدمت تضحيات هائلة إلى جانب القوات المسلحة الملكية.
 
إذا كان قرار التفويض يتماشى مع التطورات التي تعرفها البلاد في إطار الجهوية المتقدمة ويصب في تقوية اختصاصات الجماعات التربوية فهو أمر محمود، لكنه قرار يتطلب قراءة متقدمة جداء لن تغفلها وزارة الداخلية باعتبارها صاحبة القرار، من اجل الإحاطة بالعملية من كل جوانبها وفي ادق التفاصيل حتى لا يسكن الشيطان في هذه الأخيرة. قد يحدث أن تصدر الحكومة قوانين وإجراءات تحت ضغط الزمن والظروف ولأسباب خاصة، يتبين لاحقا عدم جدواها وعدم صوابها ، والقرار الأخير للمحكمة الدستورية بخصوصها سياستها في العدل، كما حصل في رد ورفض مجموعة من التعديلات في قانون المسطرة المدنية التي اعتبرتها المحكمة الدستورية تدخلت من وزارة العدل في سلطات ليست من اختصاصها، ناهيك عن كونها تمس بجوهر استقلال السلط وبالمساواة في العدالة بين المواطنين.
 
عندما يتعلق الأمر بمؤسسة على درجة عالية من الحساسية، سواء على مستوى قيمتها الرمزية او على مستوى المهام الكبرى المنوطة بها وطنيا في حماية الأمن القومي ودوليا في الدفاع عن السلم والاستقرار والمساعدة الإنسانية، تغيب الحدود الترابية ويحظر البعد الوطني والبعد الإنساني.