الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز : الصويرة.. أبلغ من فكرة وأكبر من وجهة نظر وأبسط من كلام الناس..

أحمد بومعيز : الصويرة.. أبلغ من فكرة وأكبر من وجهة نظر وأبسط من كلام الناس.. أحمد بومعيز
قد لا تفصلك المسافة عن فضاء كي تحس بالبعد عنه ..
وقد تبقى رهين المكان وأنت البعيد فيه..
وقد تسقط كل قياسات الأمكنة، حتى يصير اللبس، ليبدو للبعد قرب وللقرب بعد..
هكذا تأتيك المدينة هنا ، منسوجة بخيوط الذاكرة، ممزقة بشظايا و تشظيات اللحظة وتماس العلاقات الفاسقة و الملتبسة..العلاقات البين بين ..بين الحنين والطلاق..بين الحب واللاحب..بين الشفقة والتشفي .
والآن، وإذ نطل على الصويرة لحظة أخرى وهي ذات المكان اللامتحول ..!!
..وهي بالكاد تتحسس أطرافها من جديد..
ونحن والآخرون ...ها هنا مرة أخرى، نترقب الجديد... بعد إنهاء كل عمليات الاستحقاقات والتمارين السياسية والانتخابية، وبعد تنصيب كل المجالس وما جاورها حديثا ووفق ما أملته ميكانيزمات الكولسة والحساب اللاجبري ...
والسياسيون من هنا ومن هناك يعدون الربح والخسارة، والبعض يعد الغنائم ...
نعم لا جدال ولا مناص : فكل الاستحقاقات مشروعة ،وكل المجالس شرعية،وإن كان للمدينة رأي آخر فتلك حكايتها وشأنها الداخلي ...والرأي وجهة نظر قد لا تعني الأغلبية، والأغلبية لعبة سياسية،ولكل لعبة قانون،وعلى القوانين حراس دورية وكهنة ...
..قد نعتقد أو يفترض أن نعتقد في إخلاص كل هؤلاء وأولئك ،ليس من باب التسليم والمسلم به،ولا من باب بديهية السياسة، بل من باب التحدي الذي تعلنه المدينة في صمتها الحكيم..
..وإن افترضنا الاعتقاد وأفرطنا فيه ،فلا يعني ذلك نسيان التفاصيل ،والتفاصيل هنا لايحرسها الشيطان بالمرة...
وهي كل التفاصيل : من ألوان وتلوين الأحزاب والمتحزبين المحليين والمرحليين إلى جوطية الحملات والوعود إلى المقرات التي فتحت وأوصدت إلى الأخرى التي عادت إلى رطوبة الجدران إلى الوكالات الانتخابية إلى المناضلين الموسميين إلى التنكر لأخلاق السياسة إلى التهافت إلى فبركة المواقف إلى الفدلكة النضالية إلى العبث المؤسس إلى مصلحة الأعيان إلى سلطة السلطة إلى هندسة المواقع إلى الهرولة النفعية إلى الضعارة السياسوية إلى البؤس المبدئي إلى الإنتهازية المؤسسة ...
أشياء وأحداث وعناصركثيرة ليست متجانسة بالمرة تطفو على سطح تقارير مذكراتنا في أفق تشكيل ذاكرة أو تتمتها..ونحن نفعل العاصفة الذهنية...
فها نحن نبتعد شيئا فشيئا أو نقترب شيئا فشيئا..
والمدينة هنا حاضرة لا تبتعد ولا تقترب..
..هي المدينة في صلاتها تقول: لا تطعه واسجد واقترب...
هي الصويرة فقط ببساطتها تنتظر وتطل على جداول الأعمال المرتبة بعناية ولكنة ..
المدينة هنا فقط تطل وتحاول أن تعلن :
أن لا تعبثوا كثيرا بما تبقى من ذاكرة ..
وأن الذاكرة هنا وشم جماعي..
وأن المحو محو ولو غلف بسولوفان الأعيان والرهبان والكهان..
وأن براءة أهل الصويرة ليست أبدية..
وأن الصويرة أبلغ من فكرة وأجمل من قصيدة وأكبر من وجهة نظر وأبسط من كلام الناس.