Tuesday 17 June 2025
مجتمع

السمنة: القنبلة الصامتة وآمال العلاج في قلب المغرب العربي العلمي

السمنة: القنبلة الصامتة وآمال العلاج في قلب المغرب العربي العلمي الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور فؤاد رقيوق
بقلم: الدكتور أنور الشرقاوي بتعاون مع الدكتور فؤاد رقيوق رئيس جمعية SMEDIAN

في زمنٍ باتت فيه السمنةُ وباءً صامتًا يزحف على البلدان النامية، يستعد المغرب لاحتضان حدث علمي رفيع قد يحمل بصيص الأمل في مواجهة هذا الخطر المتفاقم.

فمن 16 إلى 19 أكتوبر 2025، ستتحول مدينة مراكش إلى عاصمة مغاربية للعلم والطب، بمناسبة انعقاد الدورة العشرين من المؤتمر المغاربي لأمراض الغدد الصماء والسكري والتغذية، حيث ستكون السمنةُ في صلب النقاشات والتوصيات.

فالسمنة لم تعد مجرّد قضية مظهر أو تغذية غير متوازنة، بل صارت خطرًا صحيًا ذا أبعاد كارثية.

فهي من الأسباب الكبرى وراء داء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، بل وحتى بعض أنواع السرطان.

المستشفيات تعاني من اكتظاظ متزايد، وميزانيات الصحة تنهكها تكلفة علاج الأمراض المرتبطة بالسمنة، على حساب الوقاية.

والأسوأ، أن هذه الظاهرة باتت تمس الأطفال والشباب، مهددة مستقبل الرأس المال البشري.

فقلة النشاط البدني، والغذاء الصناعي الرخيص، والجهل بأسس التغذية الصحية، كلّها عوامل تسهم في هذا الانزلاق الجماعي نحو البدانة.

وهنا تبرز أهمية مؤتمر مراكش 2025, الذي لا يكتفي بتشخيص الداء، بل يعرض أحدث وأجرأ الحلول العلمية والطبية، من خلال ثلاث مداخلات نوعية تعد بالكثير.

البداية مع البروفيسور رشيد حسايدة Hssaida، الذي سيعرض تقنية غريبة المسمى وجريئة الفكرة: الحلقة المعدية الافتراضية.

عبر التنويم المغناطيسي، يتم إقناع الدماغ بوجود حلقة تضيق المعدة، مما يقلل الشهية... بدون جراحة، وبدون مشرط.
فكرة تثير الفضول والتساؤل، وربما الجدل العلمي، في أروقة المؤتمر.

ثم يأتي دور البروفيسور عادل آيت الرامي Ait Errami ، الذي يسلّط الضوء على التنظير البطني لعلاج السمنة، وهو إجراء يتم عبر المسالك الطبيعية للجسم دون أي شقّ خارجي.

التقنية تهدف إلى تقليص حجم المعدة أو تعديل عملية الهضم، مع نتائج مشجعة ومدة تعافي قصيرة.

أخيرًا، ستأخذنا البروفيسورة غزلان المغاري El Mghari في رحلة داخل عالم الميكرونيوتريشن، أي علم التغذية الدقيقة.

مقاربة مبتكرة تُعنى بتشخيص النقص في الفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية ومضادات الأكسدة لدى كل مريض، لتقديم تغذية مصممة خصيصًا له، بعيدًا عن الحميات الموحدة الصارمة.

هذه العلاجات الجديدة، التي قد تبدو للبعض خيالية، تعكس تحوّلًا عميقًا في فهم السمنة: من التوبيخ إلى الدعم، من المقاس الواحد إلى المقاربة الفردية، ومن الحمية العقابية إلى التغذية الواعية.

إن مؤتمر مراكش لن يكون مجرد ملتقى طبي، بل مختبرًا فكريًا مغاربيًا يُعيد رسم خريطة المواجهة مع أحد أخطر التحديات الصحية في القرن الواحد والعشرين.

فالسمنة لا تُعالج باللوم... بل بالعلم، والرحمة، والابتكار.