الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحمداني: فن الدبلوماسية ومهارات الاتصال والتواصل

الحمداني: فن الدبلوماسية ومهارات الاتصال والتواصل سعدون بن حسين الحمداني
تتبارى أغلب المدارس الدبلوماسية والإعلامية في صياغة وتدوين النظريات والمفاهيم المتطورة والحديثة لفن مهارات الاتصال والتواصل، وهي من مرتكزات فن الدبلوماسية والتي تعتمد عليها كثيرًا في إدارة دفة المباحثات أو العلاقات العامة، سواء داخل البلد مع البعثات الأجنبية المتواجدة على أرضها أو البعثات الخارجية التي تسعى لتحسين وتطوير دبلوماسيتها مع البلد التي تتواجد فيه.

والدبلوماسية كما هو معروف لدينا بأنها السياسة الخارجية للدولة، أو هي رعاية المصالح الوطنية في السلم والحرب، أما التعريف الشامل لها والمتفق عليه فهو: (أنها مجموعة المفاهيم والقواعد والإجراءات والمراسم والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين والشركات والقطاع المختلط والخاص بهدف خدمة المصالح العليا للجميع).
وقبل الخوض في هذا المقال علينا التعرف على عنوان مقالنا وهو: (مهارات الاتصال والتواصل).

يُعرف الاتصال بأنَّه عملية تبادل المعلومات والأفكار والمشاعر بين الناس من خلال التخاطب، أو الحديث، أو الكتابة، أو لغة الجسد، بحيث يخلق ذلك تصورا مشتركا بين الأفراد، خصوصًا في المباحثات الثنائية الرسمية منها أو غير الرسمية، ويحدث تغييرًا في السلوكيات، ويسهل الحصول على المعلومات، وتحقيق الأهداف المخطط لها بأفضل ما يكون وبأقل خسائر ممكنة.

أما تعريف التواصل فهو عبارة عن التفاهم ما بين طرفين معينين كنظامين أو كيانين أو شخصين لغرض الوصول إلى النقاط المتفق عليها بالنقاش، ويكون أحد الطرفين مرسلًا في وقت معين، والطرف الآخر مستقبلًا في وقت آخر، ويحدث تفاعل إيجابي أو سلبي فيما بينهما، ويكون ذلك من خلال استعمال الحواس من قبل كل من المرسل والمستقبل على حد سواء، والذي ينبع من الرغبة الشديدة في التواصل.

وتركز المدارس والمعاهد الدبلوماسية على لباقة الحديث ومهارة الإقناع والمراوغة في الكلام أو المباحثات لغرض الوصول إلى النتائج المرجوة.
وبصورة عامة، فإن الاتصال والتواصل هو مجموعة من الأدوات التي تستخدم لنقل المعلومات والأفكار لأماكن مختلفة، سواء للقطاع الخاص أو المختلط أو الحكومي، وسواء في مكان واحد كالعائلة الواحدة أو الدائرة الواحدة أو بين عدة مجالات وأزمان وأماكن كالمؤتمرات الدولية.

يبدأ تاريخ هذه المهارة تقريبًا من خلال الألواح الطينية المدونة بالخط المسماري وظهر اسم سومر في بداية الألفية الثالثة (ق.م)، وتؤكد الحفريات التي أُجريت في ولاية صحار أن صناعة تعدين وصهر النحاس كانت من الصناعات الرئيسية في عُمان قبل الميلاد بألفي عام، ويبدو من المؤكد أن دولة مجان التي ورد ذكرها في صحف السومريين هي ذاتها أرض عُمان، كما أن مادة اللبان المعروفة حاليًّا في عُمان والذي اعتادت ملكة سبأ أن تُقدمه للنبي سليمان ـ عليه السلام ـ كان ينتج في محافظة ظفار، وعليه نرى الاتصال والتواصل لهاتين الحضارتين من خلال التبادل التجاري رغم بعد المسافات. والواقع أن أهل عُمان عُرفوا ببناء السفن وهي إحدى وسائل الاتصال منذ زمن قديم وقد ركبوا البحار وتاجروا، وتوسطوا في نقل التجارة لغرض التواصل مع كيان آخر.

تُعدُّ الدبلوماسية بكل تفرعاتها مستندة إلى هذه المهارة وهي من أهم مفردات الحياة، فالاثنان يشكلان قمة النجاح في الحياة اليومية، سواء على المستوى الاجتماعي مرورًا بالدوائر وصولًا إلى سلطة الدولة العليا في التعامل مع المحيط الخارجي، ومن خلال الاعتماد على هذين المبدأين (مهارات الاتصال والتواصل) في التعامل مع كل معطيات السياسة المحلية أو الخارجية.
إن هاتين المهارتين تشكلان بالضرورة سُلّم النجاح والتفوق والتميز إذا أُتقن استخدامهما بجميع نظرياتهما ومبادئهما في المكان والزمان المخصص لهما، وإن أداة الدبلوماسية هي كيفية إدارة مهارات الاتصال والتواصل ومدى تأثيرها في تحقيق الأهداف المخطط لها من حيث تواصلها والنتائج المتوخاة من ذلك.

وإن نشاط (مهارات الاتصال والتواصل) ينبع من حاجة المجتمع في عالمنا اليوم، حيث أصبحت اليوم ضرورية؛ لأن هذه المهارة تحلل سلوك وحاجة واحتياج الأفراد والجماعات والحكومات، وإن تنظيم العلاقات بين طرفين يعتمد كُلِّيًّا على الثقة والتفاهم والمنفعة المتبادلة، بالإضافة إلى الصدق ووضوح الهدف بشرط عدم المساس والانتقاص من الطرف الثاني وهذا من شعار فن الدبلوماسية بل من أهم جوانبه.

مهارة (الاتصال والتواصل) تُبنى بشكل جوهري على العنصر البشري والقيادة التي تُعد حجر الأساس في التقدم والتفوق على الآخرين، ومن هذه المؤهلات المطلوبة هي: (التخاطب، الاستماع، الكتابة، لباقة الكلمة، حسن المظهر، البساطة، التواضع، الثقافة، الحماسة، الكياسة، التنظيم في قدرة هيكلة العمل، التواصل والمتابعة، القدرة على التعامل مع المفاهيم الإدارية، إمكانية صنع واتخاذ القرار في الأوقات الحرجة، مواكبة التطور والمناهج الحديثة، وأخيرًا الاهتمام بموضوع الإتيكيت، خصوصًا احترام الوقت).