السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

برامج انتخابية محلية لا ترقى لتطلعات وانتظارات الناخبين باليوسفية

برامج انتخابية محلية لا ترقى لتطلعات وانتظارات الناخبين باليوسفية أيمن اليوسفي في رحلة البحث عن ماء بحيرة الخوالقة مع مشهد من مدينة اليوسفية

كل المجالس المنتخبة المتعاقبة على تدبير الشأن المحلي بالجماعة الترابية اليوسفية، لم تول أي اهتمام جدي للتخطيط وتهيئة المدينة على مستوى تسارع كثافة السكان وتناسل وسائل النقل الخاصة والعامة، والتي أضحت تعرقل السير والجولان بمجموعة من نقط العبور السوداء، وخصوصا الممر التحتي لقنطرة "الخراجة" المقابلة لبناية المحلقة الإدارية الثانية وممر قنطرة الملحقة الإدارية الثالثة.

 

مجالس منتخبة بدون أفق مستقبلي

هذا الإهمال واللامبالاة الذي اتسمت به فترات انتداب المنتخبين لتدبير شأن مدينة الفوسفاط منذ ستينيات القرن الماضي، يعكس مدى اهتمام تلك المجالس بالدراسات المستقبلية للمدينة وتوسعها العمراني واختناقها بعد عجز المنتخبين من ابتكار أساليب ترافعية لتجويد البنية التحتية والمرافق العمومية والرفع من قيمة الخدمات الاجتماعية التي يؤدي عنها المواطن اليوسفي ضرائب من المفروض استثمارها وفق أولويات واحتياجات مدينة "الويجانطي".

 

لكن لا يمكن أن ننكر جميل استنفار تلك المجالس المتعاقبة (أكثر من 50 سنة) لكل طاقتها والاستعانة بالدعم اللوجيستكي لقطاع الفوسفاط والوقاية المدنية كل موسم شتاء لتسريح وتنفيس قواديس وبالوعات "القنطرتين" من أجل انسياب المياه وفك الحصار الذي يضرب على المواطنين ويمنعهم من قضاء أغراضهم بفعل تحول قعر القنطرتين إلى بحيرة مائية يستحيل معها العبور إلا بوساطة الغوص والعوم.

 

للأسف الشديد أغلب برامج الأحزاب ولوائح مرشحيها بالمدينة، لا تتحدث عن المشاكل المزمنة التي رافقت جيلين عايشا محنة عبور القنطرتين اللتين تحملتا على جسريهما ثقل وسلاسة حمولة نقل مادة الفوسفاط عبر القطارات منذ رحلة أول قطار فرنسي في الثلاثينيات من القرن الماضي.

 

لماذا لم يبدع وكلاء اللوائح بمختلف رموزها السياسية في تناول قضايا المجتمع وتدبير الشأن المحلي بطريقة توحي بأن هناك فعلا حزبا سياسيا يهتم بالعمران والإنسان والمجال؟ (على الأقل تقديم وعد بالترافع والدفاع عن إجراء دراسة لمشروع توسيع القنطرتين مع الشركاء المعنيين لفك العولة عن الساكنة).. الجواب عن هذا السؤال متروك لمن يعنيهم الأمر بالوضعية الخطيرة التي أضحت عليها القنطرتين على مستوى استيعاب منسوب السير والجولان والاختناق اليومي الذي يتسبب في عدة مشاكل ذات الصلة بجودة هندسة القنطرتين وبنيتهما التحتية.

 

مرشحون يجهلون معنى رموزهم السياسية ببرامج باهتة

لقد كانت تدوينة الشاب أمين اليوسفي مثل بقعة الزيت التي انتشرت بسرعة ولقيت تجاوبا وتفاعلا مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي إذ قال فيها بجرأة" "ونحن على بعد أيام قليلة من نهاية الحملة الانتخابية والتوجه إلى صناديق الاقتراع. أي مرشح يستطيع أن يتعهد  لساكنة اليوسفية  أنه قادر أن يجد حلا لملف الماء الصالح للشرب؟ أي حزب من الأحزاب 25 المتنافسة على مقاعد مجلس جماعتنا الترابية، أو المتنافسين على مقاعد الجهة أو البرلمان  قادر أن يقطع وعد شرف لساكنة المدينة من أجل إيجاد حل آني و عاجل... كيف يمكن أن يفكر المواطن اليوسفي في ممارسة حقه الانتخابي المكفول دستوريا وهو لا يستطيع حتى أن يشرب ماء صالحا من صنبور بيته.. إنها سنة 2021 حيث يجب أن نكون قد حسمنا في أمور كالماء الصالح للشرب والكهرباء والقوت اليومي وشبكة الاتصال والأنترنت وكل الأشياء المتعلقة بالشروط الأساسية لحفظ كرامة الإنسان".

 

فهل يعي واضع رمز "الصنبور" بدلالة رمزه البيئي والاجتماعي وهو يخوض حملة قد تعرضه للاستفزاز من طرف ساكنة تبحث عن مياه فرشة جماعة الخوالقة؟

 

عوض تلويث بيئة المدينة بأوراق وقصاصات ذات رموز "بيئية" كان من الأجدر والأليق أن يتقدم من يحمل من المرشحين تلك الرموز بوعود تتعلق بإعادة مياه الشرب النقية للصنابير التي تآكلت بفعل الصدأ. وتهيئة ملاعب القرب بغابة العروك، ومرافق ترفيهية ولم لا فضاءات لعب الأطفال المحرومين من المساحات الخضراء في غياب وعاء عقاري يفي بالغرض. مع العلم أن المواطن اليوسفي يتساءل دائما عن مكان تواجد الوعاء العقاري التابع للجماعة الترابية؟ وكم هي مساحاته؟ وهل هناك رؤيا تستشرف المستقبل للعمل على توسيع مجال إقليم اليوسفية بعد أن خنقها التقسيم الترابي في اتجاه الشمال (عبدة ودكالة والرحامنة)؟

 

كل من زار مدينة الفوسفاط يتحسر على بناء المستشفى الإقليمي لالة حسناء و مقر عمالة اليوسفية وقصر العدالة ومقر الوقاية المدنية ومرافق عمومية أخرى في اتجاه الشرق (طريق قرية سيدي أحمد وقرية لمزيندة)، على اعتبار أن العقل الإداري لم ينجح في استشراف مستقبل المدينة وساهم في قتلها وعزلها.

 

قد يقول قائل بأن الوعاء العقاري الذي تم تشييد عليه تلك البنايات والمرافق الإدارية والقضائية والإجتماعية تابع لقطاع الفوسفاط وتم تفويته بصفر درهم، لكن السؤال الاستراتيجي هو ما الفائدة العمرانية في توسيع المدينة في اتجاه الجنوب أو الشرق؟

 

لو تم إحداث هذه المرافق العمومية في اتجاه الرحامنة (بوشان) أو دكالة (أولاد عمران) أو عبدة (جمعة سحيم) لربح الإقليم مجالا غنيا بالأراضي الفارغة المنفتحة على التنمية، و التي ستتحول لا محالة إلى مساحات منتجة على جميع المستويات، لكن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

ألا يستحق إقليم اليوسفية اليوم أن تتضمن برامج الأحزاب السياسية مشاريع توسعية  لمجاله الجغرافي الذي لا يتعدى في كل الاتجاهات التي ذكرنا 7 كلم بالكاد (دكالة والرحامنة وعبدة) ؟

 

إن أولويات متطلبات اللحظة تقتضي بعد النظر، فالمدينة لم تعد قادرة على استيعاب الكم الهائل من منسوب الراجلين والراكبين والسيارات التي لا تجد باركينات للتوقف دون قلق وتوتر الأعصاب.

 

إن تقدم الإقليم نحو الأفضل يفرض على من دخل غمار التنافس خلال استحقاقات 8 شتنبر 2021، أن يترافع على توسيع المجال الجغرافي (شمالا)، في أفق تشييد مرافق عمومية تابعة لقطاعات الحكومة (الإدارات)، لتشجيع الاستثمار وخلق فرص الشغل، وهذا من اختصاص المؤسسات المنتخبة التي أوكل لها المشرع ملفات التنمية المحلية في علاقة باستخلاص ضرائب المواطنين.

 

ملاحظة لها علاقة بما سبق: منذ إحداث عمالة اليوسفية 2008/2009 وساكنة الإقليم تنتظر إحداث مندوبيات ومديريات إقليمية تابعة للقطاعات الحكومية لتقريب الإدارة من المواطنين إلا أن مدينة الفوسفاط ظلت رهينة سياسة حكومية تجاهلت مطالبهم مدة عشرة سنوات رغم أن حزب "لامبة" كان يسير الشأن المحلي بمعية أحزاب أخرى، ويتشدق المنتسبين إليه ويدعون أن وزراءهم سيحولون "الويجانطي" إلى جنة بأوراش الإصلاح والتنمية، وسيحدثون إدارات القطاعات ذات الصلة بالعمل الحكومي.