Monday 14 July 2025
مجتمع

سمير أيت ارجدال: "القصور" يبصم حضوره في آليات الرعاية اللاحقة لعدالة الأحداث

سمير أيت ارجدال: "القصور" يبصم حضوره في آليات الرعاية اللاحقة لعدالة الأحداث

أكد الأستاذ سمير ايت ارجدال، رئيس المحكمة الابتدائية لواد زم، أن موضوع عدالة الأحداث، وإن كان حاضرا في المشهد الحقوقي والقانوني، فإنه ظل غائبا في جانبه التأهيلي الهادف إلى تقويم سلوك الأحداث الجانحين ورعايتهم بقصد إصلاحهم وإدماجهم في المنظومة المجتمعية.

وأحاط الأستاذ أيت ارجدال، على هامش اللقاء التواصلي، الذي نظمه ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية بكلية الحقوق بأكادير، بمختلف القواعد الإجرائية والموضوعية الواجبة التطبيق في حق الأطفال الذين يوجدون في حالة نزاع  مع القانون سواء قبل مرحلة المحاكمة، أو خلالها، أو أثناء وبعد مرحلة تنفيذ العقوبة السالبة للحرية أو تدابير الحراسة والحماية والتهذيب.. مشيرا إلى أنه رغم المجهودات المبذولة على مستوى تجويد البنية التشريعية بالشكل الذي يجعلها ملائمة لمضامين الاتفاقيات الدولية وللقواعد النموذجية المعتمدة من طرف المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي؛ ومتناغمة مع الإجراءات التوجيهية لمبادئ الرياض وقواعد بكين وطوكيو وهافانا، فإنها تبقى مجهودات قاصرة خاصة مع تعدد مظاهر المعوقات القانونية سواء في الجانب المتعلق بعدم استفادة الأحداث الجانحين المحكوم عليهم بعقوبات سالبة من نظام الإلغاء، أو في قصور آليات الرعاية اللاحقة والتي تهدف في عمقها إلى رسم الخطط الكفيلة بمساعدة الأحداث المفرج عنهم بالتعاون مع كافة المتدخلين لتأهيلهم وتذليل الصعوبات التي قد تحول دون إعادة إدماجهم.

وأضاف قائلا بأن تعدد المؤسسات المتدخلة في مجال عدالة الأحداث، وضعف بنياتها التحتية ومواردها البشرية واعتماداتها المالية، جعل هذه العدالة تعيش أزمة بنيوية، خاصة على مستوى مراكز الإصلاح والتهذيب ومراكز حماية الطفولة، والتي تعرف توزيعا غير عادل عبر التراب الوطني، وتعاني في تدبيرها لعدة ظواهر سلبية، كما هو الشأن بالنسبة للاكتظاظ والنقص الحاصل في الأطر المتخصصة، خاصة في الجانب المتعلق بالأطباء النفسانيين والباحثين الاجتماعيين؛ وطغيان الطابع التقليدي على البرامج المعتمدة وعدم توافقها مع ميولات الأحداث؛ وتنوع طبيعة الأطفال المحالين على مراكز حماية الطفولة بين جانحين ومشردين وآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة. الأمر الذي ينعكس سلبا على الدور الإصلاحي والتأهيلي للمراكز المذكورة.

ومن جانب آخر، أفاد المتحدث نفسه بأن تعدد البرامج القطاعية وغياب استراتيجية وطنية مندمجة ذات أهداف نبيلة، واضحة ومضبوطة للنهوض بعدالة الأحداث، تعد من أهم المعوقات في تدبير الموضوع. مضيفا بأن تنزيل الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور كمشترك أساسي بين كل المواطنين، سواء كانوا راشدين أو قاصرين، يجعل التفكير في إحداث شبكة وطنية لحماية الأحداث مطلبا راهنيا وملحا، وفي خلق هيئة للتأهيل وإعادة الإدماج ضمن مكونات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي يعهد إليها التنسيق مع الشبكة المذكورة ومع كافة المتدخلين لإعداد أرضية مندمجة ذات أسس تربوية وتأهيلية، وذلك في أفق خلق مندوبية سامية للأطفال.

وفي تفاعله مع تدخلات الحاضرين، أكد الأستاذ سمير أيت أرجدال، الرئيس السابق للمركز المغربي للمعالجة التشريعية والحكامة القضائية، بأنه لا يمكن الرقي بواقع الطفل المغربي إلا من خلال اعتماد استراتيجية وطنية ذات أبعاد متكاملة ومتناسقة، وأن الاكتفاء بالمعالجة التشريعية دون تأهيل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية سيجعل المعالجة ذات طبيعة جزئية لا تستجيب في عمقها لمطلب الشمولية والكونية.