الثلاثاء 16 إبريل 2024
اقتصاد

أدرداك: هذه تخوفتنا من إقرار مشروع قانون الاستعمالات الطبية للقنب الهندي

أدرداك: هذه تخوفتنا من إقرار مشروع قانون الاستعمالات الطبية للقنب الهندي الشريف أدرداك، رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف للتنمية
كيف تلقيتم كمجتمع مدني فاعل قرار الحكومة تقنين زراعة القنب الهندي؟
كل هذه المراحل كان متوقعا الوصول إليها، وليست بالأمر الغريب على جمعية من قبيل جمعيتنا اشتغلت ميدانيا على ملف القنب الهندي منذ سنوات خلت، والمغرب كان من بين الدول التي صادقت في فبراير 2020، على سحب القنب الهندي من الجدول الرابع  للمواد المخدرة وفق توصيات منظمة الصحة العالمية، مما يحوله إلى نبتة لها قيمة علاجية كبيرة، وكان صوت المغرب حاسما في هذا الاجتماع، 27 صوتا مقابل 25 صوتا، كما أن السوق العالمية تشهد تطورا للمواد المشتقة من القنب الهندي في المجال الطبي والصناعي، وتتراوح بين 30 في المائة على المستوى الدولي و60 في المائة على المستوى الأوربي، وهناك دول رائدة مثل الولايات المتحدة والصين وفرنسا وهولندا.. وهناك منافسة قوية من أجل الاستحواذ على أكبر الحصص من السوق العالمية، وهذه فرصة جديدة للمغرب من أجل تعزيز إنتاجه وصادراته نحو السوق العالمية بالنظر لموقعه الاستراتيجي القريب من أوربا التي تعد الأكثر إقبالا على منتوجات القنب الهندي.
أما وطنيا، فإن المغرب يريد حل إشكالية اجتماعية داخلية كبرى تتعلق بزراعة القنب الهندي الذي عمر طويلا بالمنطقة، خصوصا وأن المشاكل السوسيو اقتصادية في شمال المغرب قد تم حلها بطريقة أو بأخرى، التهريب على الحدود الجزائرية، بين سنتي 2005 و2010، مشكل سبتة ومليلية، ثم إغلاق الحدود للقضاء على التهريب المعيشي، والآن، يظهر أن الدولة عازمة على القضاء على أي استعمال غير مقنن للكيف، زراعة وإنتاجا، وسعيا نحو تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، وبالتالي طي ملف عمر لأكثر من 60 سنة.
 
أي مشروع يتضمن جوانب من التخوف في تنزيله، ما هي تخوفاتكم في هذا الصدد؟
أولا، نحن داخل جمعية صنهاجة الريف، نثمن قرار التقنين، رغم أنه كان متأخرا، لأننا طرحناه منذ سنوات، لكن يبدو أن المغرب كان ينتظر تغيرات دولية في مجال المنظومة القانونية، ومنها منظمة الصحة العالمية. ونأمل أن تخلق هذا التقنين فرصا اجتماعية جديدة في المنطقة، لكن ما نتخوف منه، هو ما يتعلق بمشروع القانون في حد ذاته، إذ مازالت فيه نقط مبهمة وغير واضحة، فهناك مرسوم سيصدر لتحديد المناطق والمجالات التي لها شرعية زراعة القنب الهندي، ونتخوف من تغير مجالات الزراعة بين حكومة وأخرى، مع التذكير بأننا أمام نبتة جديدة مغايرة للنبتة الحالية المعروفة في المنطقة، لأننا بصدد الاستعمال الطبي تتوفر على نسبة معينة من مادة «تي أش سي»، أي أقل من 0.2 في المائة، عكس النبتة الحالية التي تتوفر على نسبة أكبر، وكذا مادة «سي بي دي»، خصوصا مع نبتة القنب الهندي الهجين الذي عرفته المنطقة خلال العقدين الأخيرين.
وما نتخوف منه على سبيل المراسيم من حيث التغير، ينطبق على النصوص التنظيمية، أما المسألة الثالثة، هو وكالة التقنين، سواء من حيث تركيبتها أو اختصاصها أو مقرها، منح الرخص للمزارعين، وشرط ملكية الأراضي، مع العلم بأن جلهم لا يتوفر على ملكية الأراضي، لأن النظام الإسباني في تلك الحقبة الزمنية كان يمنع الساكنة من تملك الأراضي. ومن جهة ثانية، هناك مزارعون لهم الاستغلال دون التملك، أو قاموا بتوسعة أراضيهم في الغابات والجبال. إشكال آخر هو أن طبيعة العلاقة بين الشركات والتعاونيات تحتاج لشرح أكثر، ومناطق التصنيع، هل ستكون داخل الأقاليم المعنية بالزراعة، أم خارجها؟ مادام أن هذا الأقاليم لا تتوفر على أبسط شروط العيش، فما بالك بالتصنيع؟
كنا ولا زلنا نقول بأنه قبل أي تقنين للاستعمالات، على الدولة أن تتدخل بسياستها العمومية من أجل فك العزلة ورفع التهميش والحكرة عن المنطقة من أجل إدراجها في مسلسل التنمية الذي يشهده المغرب منذ أزيد من 20 سنة، وعليه نصر على تنزيل العدالة المجالية والاجتماعية وإشراك الساكنة والمجتمع المدني من أجل تنزيل سليم لهذا المشروع لإعطاء تصورهم وضمان نجاحه على أرض الواقع، لأن احتكار الملف بيد السلطة المحلية قد يؤدي إلى تدبير غير ناجع مع وجود عقليات في السلطة لاتسير وفق التوجه العام للمفهوم الجديد للسلطة.
 
انبرت العديد من الأصوات السياسية التي تفتخر بأنها كانت سباقة لطرح ملف القنب الهندي، في حين أصوات أخرى تنبه من أي تسرع في تنزيله، في نظرك، ما هي رهانات كل طرف فيه؟
ملف «الكيف» كان ولا يزال يثير شغف واهتمام، ليس أحزابا سياسية معينة، لكن مرشحيهم المحليين، منهم من بقي محافظا على لونه الحزبي ومنهم من غيره لأكثر من مرة، وبالتالي فملف الكيف سيظل ورقة سياسية لمثل هؤلاء المرشحين الذين يسعون لاستعماله استقطابا لأصوات المزارعين وأسرهم البسطاء الذين يعتقدون بأن وعودهم ستتحقق، سرعان ما يكتشفون أنها وعود كاذبة تنطلي عليهم في كل زمن انتخابي، ومن جهة ثانية، معادلة نجاح السياسي في منطقة زراعة الكيف سهلة جدا، إذ يقوم المرشح بالاتصال ببارون للمخدرات أو مساعديه الصغار ليطلب مساعدتهم انتخابيا مقابل منحهم غطاء سياسيا وحل مشاكلهم والادعاء بحمايتهم من المتابعات القضائية ومطاردات السلطات لهم. وهناك صنف آخر يقتات من الانتخابات، ويتعلق الأمر بـ «البزنازة» من الدرجة الثانية ينتشرون في بعض الدواوير، ولهم ارتباط بالمنطقة والساكنة، وهذا كله قصد ضمان الأصوات الانتخابية، وهنا يكون للقنب الهندي من حيث المنتوج، الكلمة الفصل في ميل كفة هذا المرشح من ذاك.. وعليه نأمل خيرا في هذا المشروع قانون ليقطع مع كل هذه الظواهر الانتخابية الاستغلالية، ويقطع مع كل مظاهر «العبودية الاختيارية» لهؤلاء المزارعين أمام بارونات المخدرات ووسطائهم وباقي «البزنازة»، الذين يتدخلون في بعض العمليات الانتخابية، لأن إيجاد بديل زراعي قانوني سيجعل الساكنة تتحرر من قبضة هؤلاء. وما دمنا نتحدث عن العبودية، فلن نقبل بأن يتحول 100 ألف مزارع إلى «عبيد» عند هذه الشركات، وأقصد منحها ثمنا زهيدا مقابل هذه الزراعة..
 
كيف تفسر هذا «الانقلاب» في التعاطي الرسمي مع المزارعين، من مطاردين إلى معترف بهم، بل وشركاء في الإنتاج؟
في الأصل كان لهذا المشروع أن يكون من إعداد وزارة الفلاحة، مادام أن نبتة القنب الهندي من المزروعات، لكن ما يمكن أن نفهمه، من طرح وزارة الداخلية له، هو ضمان استقلالية هذا المشروع عن أي أجندة حزبية، وذلك حتى لا يعطى لملف «الكيف» أي لون سياسي ولا يحسب على أي حزب، وهذا شيء إيجابي، لكن ما نتخوف منه هو أن يكون إشراف وزارة الداخلية يكرس الخلفية الأمنية لمعالجة ملف مرتبط بالأمن الاجتماعي، وهذا ما أشرت إليه في معرض حديثي عن عقلية بعض المسؤولين المحليين، وعليه فالمطلوب أن نستحضر المقاربة التنموية والاقتصادية للملفأما بخصوص «الانقلاب» في الموقف الرسمي، فذلك راجع لمعطيات دولية وأخرى وطنية، تم التفصيل فيها في السؤال الأول من هذا الحوار..
 
ما هي التحديات التي يطرحها اعتماد هذا المشروع، وانعكاس ذلك على صغار الفلاحين؟
أكبر تحد هو ما مدى انخراط المزارعين في هذا الورش الكبير، أولا هو مشروع تنموي، له إيجابيات عديدة جدا، هذا المزارع كان في وضعية مخالفة للقانون، اليوم لا يخشى أحدا، ولكن بالمقابل، الوضعية غير القانونية ستستمر إذا لم يتم حل إشكالات التنمية في المنطقة، فلو استمر الفقر والتهميش والهشاشة والعزلة الاقتصادية والاجتماعية، فإن زراعة «الكيف» الذي تستخرج منه المخدرات، ستستمر، بل يمكن ل «البزنازة» أن يوسعوا أنشطتهم ويستفيدوا بشكل أكبر، وتتضاعف أرباحهم، من خلال نشاط السوق السوداء والاقتصاد غير المهيكل، وعلى الدولة ألا تقع في خطأ التقنين كما وقع في الولايات المتحدة الأمريكية عشرينيات القرن الماضي عندما قررت تقنين صناعة الخمور وتنقيله، حيث ظهرت عصابات هددت البلاد، قبل أن تقرر واشنطن الرجوع عن هذا القانون.
وهنا تبرز أهمية تنظيم وكالة التقنين، من حيث العضوية، خصوصا إذا تم إدراج ممثلين عن أحزاب سياسية فيها، ونخشى أن يتم هناك استعمال سياسوي لتسليم الرخص وسحبها وتجديدها. القوانين في المغرب تعيش وضعا متناقضا بين تنزيلها ووضعها، ومثال ذلك قانون «زيرو ميكا»، حيث ما زالت الأكياس البلاستيكية تروج في الأسواق رغم الترسانة القانونية والزجرية، ومثال ثاني هو قانون حالة الطوارئ الصحية، وارتداء الكمامة ورخصة التنقل، كيف أصبح بعض ممثلي السلطة المحلية يمنحونها وفق شروط غير قانونية، وعليه نتخوف من أن يكون مآل القانون المتعلق بالاستعمالات الطبية للقتب الهندي لايختلف عن ثغرات باقي القوانين والتي تكون سامية في عمقها، وما وصول هذه النبتة وزراعتها خارج مجال الأقاليم المعروفة تاريخيا، ووصلت إلى سيدي قاسم ووزان، لهو خير معبر عن تخوفاتنا..