بهذه الجملة بدأت مكالمتها معي حينما اتصلتُ لأبارك لها استشهاد ابنها الجميل الخلوق أحمد، الشاب الصغير الذي أرسلت له دولة تمتلك أقوى الجيوش عسكريًّا طائرة صغيرة دخلت إلى داخل خيمته، واختطفته من أمه وزوجته وأولاده...
خالتي السيدة نعيمة تمتلك من النعم ما تملكه امرأة على وجه الأرض، فهي صاحبة القلب الجميل، وهي الصابرة الصبورة، هي خفيفة الظل مرحة، هي نعناعة العائلة وريحانتها، هي القلب الحاني الحنون، هي الفتاة الصغيرة الشابة اليافعة الجميلة، هي الخالة والأم، هي أم الصمود.
ولكن يبدو أن مصّاصي الدماء (نتنياهو وجيشه) استكثروا عليها كل كرامات ربي لها، فلم تعد الصغيرة، بل وفي أقل من عام أجبرتها وحشية تلك الكائنات الإسرائيلية الهمجية على أن توقّع عقدًا مع شلال دموع وبركان حزن يدمي القلب.
ففي أقل من عام اختُطف منها أغلى ما تملك، في أقل من عام سُرقت منها كل معاني الفرح، وغيّمت سحب الهم على سمائها، ولم تعد تلك المرأة القوية...
في أقل من عام فقدت حفيدتها الجميلة جنان، وفي أقل من عام فقدت حسامها وسيفها الصنديد، ابنها الأكبر حسام، والد جنان.
وحينما قررت الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاستشهاد حفيدتها، وتستعد بعد عشرة أيام من اليوم لاستقبال ذكرى استشهاد ابنها الأكبر، أول فرحتها وسندها الحديدي، حسام، أصرّ مصاصو الدماء على كسر كل ما تبقى فيها من أمل، فأرسلوا طائرتهم المسمومة لتقتل بحقد أعمى ابنها الذي كان بطلته الصباحية يبلسم جراحها ويواسيها.
(كان يأتي كل صباح ليقبّل يديها ورأسها... كان يملأ لها زجاجات الماء ويقضي لها كل ما تريده... كان يناديها طوال اليوم "يمّه يمّه")
اليوم لم يعد هناك من يدق عليها الباب ليناديها ويقول لها: "يمّه"...
هذا ما قالته لي، والدموع تشق الحفر على خدودها، وتمزّق لحم قلبها من شدة الحسرة على ثلاثة زهرات ذبلت واختفت من حياتها، فأخفت معها كل فرحة، وكل معنى للحياة...
خالتي الجميلة... أجيبيني، ما الذي بينك وبين الله حتى يكون ابتلاؤك في الدنيا بهذا القدر من العظمة؟
وماذا كنتِ قد فعلتِ من الخير كي ترسلي ثلاثة ليفرشوا لك بساط السعادة الأبدية في جنة عرضها السماوات والأرض؟
خالتي، هذه السيدة الصابرة العظيمة، هي نموذج ومثال لآلاف الأمهات في غزة، اللواتي فقدن أبناءهن أمام مرأى كل أئمة المسلمين، الذين لم يصدروا فتوى واحدة تجاه قتل مسلمي غزة.
خالتي نموذج يشاهده كل زعماء العرب مكتوفي الأيدي، ولم يحركوا ساكنًا تجاه الإبادة التي ترتكبها الوحشية الصهيونية في غزة.
خالتي هي مثال شاهد على استباحة دماء أبنائها الأبرياء، أبناؤها الذين تربّوا بين أحضان المساجد وتفنّنوا وتفانوا في حفظ القرآن وآياته، وكانوا (حسام وأحمد وجنان) نماذج للأبناء حَسَني الخُلق ودمثي الأخلاق، المطيعين المرضيّين...
ستكون دموع خالتي ومثيلاتها من الأمهات الفلسطينيات الغزيات خَصمًا لكل "أصحاب اللحى والفتاوى السلطانية"، ولكل زعماء العرب، ولكل قادة العالم ومُتغنِّي حقوق الإنسان.
خالتي السيدة نعيمة تمتلك من النعم ما تملكه امرأة على وجه الأرض، فهي صاحبة القلب الجميل، وهي الصابرة الصبورة، هي خفيفة الظل مرحة، هي نعناعة العائلة وريحانتها، هي القلب الحاني الحنون، هي الفتاة الصغيرة الشابة اليافعة الجميلة، هي الخالة والأم، هي أم الصمود.
ولكن يبدو أن مصّاصي الدماء (نتنياهو وجيشه) استكثروا عليها كل كرامات ربي لها، فلم تعد الصغيرة، بل وفي أقل من عام أجبرتها وحشية تلك الكائنات الإسرائيلية الهمجية على أن توقّع عقدًا مع شلال دموع وبركان حزن يدمي القلب.
ففي أقل من عام اختُطف منها أغلى ما تملك، في أقل من عام سُرقت منها كل معاني الفرح، وغيّمت سحب الهم على سمائها، ولم تعد تلك المرأة القوية...
في أقل من عام فقدت حفيدتها الجميلة جنان، وفي أقل من عام فقدت حسامها وسيفها الصنديد، ابنها الأكبر حسام، والد جنان.
وحينما قررت الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاستشهاد حفيدتها، وتستعد بعد عشرة أيام من اليوم لاستقبال ذكرى استشهاد ابنها الأكبر، أول فرحتها وسندها الحديدي، حسام، أصرّ مصاصو الدماء على كسر كل ما تبقى فيها من أمل، فأرسلوا طائرتهم المسمومة لتقتل بحقد أعمى ابنها الذي كان بطلته الصباحية يبلسم جراحها ويواسيها.
(كان يأتي كل صباح ليقبّل يديها ورأسها... كان يملأ لها زجاجات الماء ويقضي لها كل ما تريده... كان يناديها طوال اليوم "يمّه يمّه")
اليوم لم يعد هناك من يدق عليها الباب ليناديها ويقول لها: "يمّه"...
هذا ما قالته لي، والدموع تشق الحفر على خدودها، وتمزّق لحم قلبها من شدة الحسرة على ثلاثة زهرات ذبلت واختفت من حياتها، فأخفت معها كل فرحة، وكل معنى للحياة...
خالتي الجميلة... أجيبيني، ما الذي بينك وبين الله حتى يكون ابتلاؤك في الدنيا بهذا القدر من العظمة؟
وماذا كنتِ قد فعلتِ من الخير كي ترسلي ثلاثة ليفرشوا لك بساط السعادة الأبدية في جنة عرضها السماوات والأرض؟
خالتي، هذه السيدة الصابرة العظيمة، هي نموذج ومثال لآلاف الأمهات في غزة، اللواتي فقدن أبناءهن أمام مرأى كل أئمة المسلمين، الذين لم يصدروا فتوى واحدة تجاه قتل مسلمي غزة.
خالتي نموذج يشاهده كل زعماء العرب مكتوفي الأيدي، ولم يحركوا ساكنًا تجاه الإبادة التي ترتكبها الوحشية الصهيونية في غزة.
خالتي هي مثال شاهد على استباحة دماء أبنائها الأبرياء، أبناؤها الذين تربّوا بين أحضان المساجد وتفنّنوا وتفانوا في حفظ القرآن وآياته، وكانوا (حسام وأحمد وجنان) نماذج للأبناء حَسَني الخُلق ودمثي الأخلاق، المطيعين المرضيّين...
ستكون دموع خالتي ومثيلاتها من الأمهات الفلسطينيات الغزيات خَصمًا لكل "أصحاب اللحى والفتاوى السلطانية"، ولكل زعماء العرب، ولكل قادة العالم ومُتغنِّي حقوق الإنسان.

وأخيرًا
حقًّا وصدقًا، لم يعد لخالتي في الدنيا من يناديها بأمي، فهُزمت خالتي... وانتصرَت إسرائيل.
وبرغم ذلك، خالتي صابرة صامدة قوية، لا زالت تتنفس وتتحدث، ولا زالت تدعو لهم بالرضا والرحمة، ولا زالت مستبشرة محتسبة بما ابتلاها الله به...
خالتي أعلنت انتصار إسرائيل عليها في دنيا فانية،
ولكن في الآخرة
لا زالت خالتي تقرأ قوله تعالى:
"وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم"
فلمثل خالتي تُرفع القبعة، ولمثل خالتي تنحني هامات الرجال، ولمثل خالتي تخجل أشباه الرجال، وتصغر هامات حكّام الذل والعار.
رحم الله أبناء خالتي، وبارك الله في نصرها العظيم، وهنيئًا لها ولأولادها جنة الخلد..
الكاتب الفلسطيني دكتور/ يوسف سعيد البردويل