الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

افتحوا نوافذ العيون ولا تتزلّجوا فوق رصيف كورونا!!

افتحوا نوافذ العيون ولا تتزلّجوا فوق رصيف كورونا!! المستشفيات العمومية المخصصة لعلاج مرضى كوفيد 19 هي مستشفيات تمارس فيها كل ألوان العذاب والانتظار
73 حالة وفاة بسبب جائحة كورونا، هو رقم قياسي جديد في عدد الضحايا الذين سقطوا اليوم (الجمعة 23 أكتوبر 2020)، وكأن شيئا لم يقع. والأمرّ من ذلك أن يتحوّل المواطنون المغاربة إلى مجرد "أرقام"  و"جثث" افتراضية، لا تحرك شعرة في الحكومة.
حصاد قتلى كورونا أصبح مثل نشرة "دموية" استأنس بها المغاربة تشبه "نشرة رياضية" أو "نشرة جوية"، وهذا هو الخطير "التّطبيع" مع الموت "المجاني" تحت وسم #كورونا. فهل ستظل الحكومة منحنية بكل هذا الاستهتار والمهانة والإذلال لوباء كورونا؟ هل أصبح 50 أو 70 قتيلا يوميا خبرا عاديا، نزدرده بالماء والحليب؟ هل الموت تحول إلى احتفال جنائزي يتلوه لسان الحكومة ببرودة؟ 
من أصيب بوباء كورونا هو الذي يعلم مرارة أن تكون مواطنا في هذا الزمن البئيس مجردا من كل حقوقك الوطنية، أولها الحق في الصحة والتطبيب!! أن تصاب بكورونا هو دعوة أن تحفر شبرا من قبرك، وكلما استشرى الفيروس في رئتيك هو مهلة لتضيف شبرا آخر في مثواك الأخير.
المستشفيات العمومية المخصصة لعلاج مرضى كوفيد 19 هي مستشفيات تمارس فيها كل ألوان العذاب والانتظار.. عليك أن تتعذب قبل انتظار موتك. جحافل من المرضى مثل خلايا نمل تنتظر في أرصفة المستشفيات، لا تنتظر سوى العذاب والموت، ومن فاز بتحليلة كأنه فاز بتذكرة الدخول إلى الجنة. 
المكان لا يوحي بأنه مستشفى، بل بناية من حجر، حتى الموظفون داخل هذه البناية قلوبهم مصنوعة من الحجر. تنظر إلى الساعة باهتمام، العقارب تشير إلى العاشرة صباحا وكأنها الرابعة عصرا، زحام شديد وعرق يزكم الأنوف، وحروب صغيرة تنشب هنا وهناك، متى استيقظ هؤلاء؟ متى غادروا منازلهم؟ ما تشاهدهم يعطي الانطباع بأنهم جزء من هذه البناية الحجرية.. لم يغادر أحد منزله، فكل واحد يعرفه هذا المكان، وتعرفه كل المسارب والبوابات السرية. هناك تواطؤ في هذا المكان بين الحجر والبشر.
لا يخدعك ما هو مكتوب على اللافتة المعلقة فوق البناية.. صحيح من الخارج يبدو كأنه "مركب ثقافي". لكن كوفيد 19 حين استوطن هذه البناية أعدم "الثقافة" وحوّل هذا المركّب إلى "معسكر حربي" يؤمه معطوبو حرب كورونا. مشهد يبدو "كافكاويا"، وجوه محنّطة وسحنات صفراء، لا تسمع إلا زفير الموت.. عقارب كورونا تتراقص بين مؤشر "سالب" ومؤشر "موجب".. الجميع يبحث عن نتيجة سلبية لينقذ رقبته من طوق كورونا. لكن هناك من لا يبحث عن شيء هنا، وجاء ليتسلى بعد أن أدمن هواء ممزوجا بدسم كورونا!!
افتحوا نوافذ العيون ولا تتزلّجوا فوق رصيف كورونا.. خذ بطاقتك وانصرف خارج الجحيم. بعيدا.. هنالك في الرباط "السّاحر" سعد الدين العثماني يخرج من فمه "الأرانب".. ينقر بعصاه السحرية على قبعته فيخرج بنكيران بلباس فأر "مهرّج" وابتسامة "تمساح"!!